صواريخ روسيا

روسيا الصاعدة والنظام الدولي الجديد

كانت حرب روسيا مع جورجيا مجرد إعلان عن أن روسيا لن ترضى بعد اليوم إلا أن تكون قوة عظمى دولية، تملي إرادتها السياسية والإستراتيجية والاقتصادية، وفقًا فقط لـمصلحتها القومية وأمنها القومي.

صحيح أن الإعلان الروسي هذا كان خشنًا خشونة تجلت بسحق الجيش الجورجي بلا رحمة تحت حوافر الدب الروسي الرهيب، ولكن هذا الإعلان الخشن كان لازمًا ليستفيق العم سام، الذي كان مازال سكرانًا بنشوة القدرات التسليحية والتكنولوجية غير المسبوقة، التي يحوزها ضمن قوات الولايات المتحدة العملاقة.

موقف الولايات المتحدة والناتو من روسيا

لقد أفاق العم سام وحلفاؤه في الناتو، ليجدوا أنفسهم عاجزين عن إيقاف الدب الروسي؛ لأن قواتهم مازالت متورطة ومستنزفة في الحرب على القاعدة في كل بحار العالم ومطاراته وموانيه، فضلًا عن خسائر أمريكا والحلفاء في العراق وأفغانستان، أضف إلى ذلك قواته التي في لبنان “اليونيفيل”، وقبالة سواحل الصومال وسواحل إيران.

فعملية انتشار قوات الولايات المتحدة البرية بلغت حدها الأقصى، بينما حبست قدرتاها البحرية والجوية في مهماتها العديدة حول العالم.

المعادلات الدولية الجديدة

لقد فهمت روسيا المعادلات الدولية الجديدة، وأعد عدته جيدًا ليعود قطبًا دوليًّا فاعلًا، يملي إرادته على العالم من منظور أمنه ومصلحته القومية، وتحرك الدب الروسي ليغير الواقع الجيواستراتيجي والجيوسياسي بكل حزم وقوة، ووقفت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيين مبهوتين من فاعلية واتساع حركة الدب الروسي حول العالم؛ فها هي القطع البحرية الروسية تعود للإنتشار في البحر المتوسط، وتتردد على المواني السورية مذكرة بالعصر الذهبي للقوة العسكرية السوفياتية، أيام كان الإتحاد السوفيتي قوة عظمى دولية، وقطبًا دوليًّا يتقاسم مع الولايات المتحدة السيطرة على العالم.

وتلك قطع بحرية أخرى من أسطول الشمال بينها سفينة القيادة الطراد “بيار لو غران”، الذي يتحرك بالدفع النووي والقاذف للصواريخ، والمدمرة “إميرال شابانينكو”، وسفن مواكبة تتحرك لتصل إلى فنزويلا لتجري مناورات بحرية مشتركة معها، رغم أن فنزويلا هذه تقع فيما تعتبره الولايات المتحدة فنائها الخلفي، الذي لم تسمح فيه طوال تاريخها بوجود معادٍ لها حتى أيام الحرب الباردة، لكن روسيا الآن تتحرك لتغيير الواقع الجيواستراتيجي والجيوسياسي وفقًا لمصالحها وأمنها القومي.

وهاهما القاذفتان الإستراتيجيتان من نوع “تو-160” تقيما أسبوعين في منتصف سبتمبر في فنزويلا لإجراء طلعات تدريبية، وبعد ذلك تطيران في طلعات تدريبية فوق المياه الدولية قبالة البرازيل، قبل أن تعودا إلى قواعدهما في روسيا، ويمثل هذا النوع من الطائرات القاذفة القوة الضاربة الأخطر في القوات الجوية الروسية الإستراتيجية، أي القوات التي تسخدم لإطلاق الأسلحة النووية الإستراتيجية.

زحف روسيا إلى أفريقيا

ولم يقتصر الزحف الروسي على أمريكا اللاتينية والقوقاز والشرق الأوسط، بل نجد أن الزحف الروسي يسير حثيثًا في قارة أفريقيا، حيث الشراكة في التصنيع العسكري بين روسيا ودولة جنوب إفريقيا منذ عام 2002م، كما شاركت روسيا في المعرض الدولي للسلاح في جنوب إفريقيا بجناح كبير، يشمل كل أنواع السلاح تقريبًّا، وذلك في الفترة من 17 إلى 21 سبتمبر 2008م، وتأتي هذه المشاركة في ظل إعلان روسيا عن استعدادها لمقايضة الدول الإفريقية السلاح بالمواد الخام الإفريقية؛ كالماس والقطن والأخشاب والبن.

روسيا تتجهز عسكريا

وعلى الصعيد العسكري أيضًا، بدأت القوات المسلحة الروسية في 22 سبتمبر تدريبًا استراتيجيًّا واسعًا، يشمل جميع الأراضي الروسية وأيضًا الأراضي البيلوروسية، ويشترك فيه أكثر من 50 ألف جندي وضابط، وعدة آلاف من الآلات العسكرية بما فيها الطائرات والسفن والغواصات العسكرية، سيشاركون في هذا التدريب الذي يعرف باسم “مناورة استقرار 2008″، ويستمر حتى 21 أكتوبر، وتتركز المناورات على صد هجوم جوي وفضائي على الأراضي الروسية.

ولم يقتصر النشاط الروسي على ما ذكرنا، بل يمكننا أن نجد في أخبار هذا الشهر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

• أعلنت روسيا عن نجاح تجربة إطلاق الصاروخ “بولافا” الاستراتيجي من على متن الغواصة دميتري دونسكوي.

• أبرمت روسيا وتركيا صفقة تبلغ قيمتها حوالي 70 مليون دولار، لتزويد الجيش التركي بمنظومات “كورنيت-إي” الصاروخية المضادة للدبابات.

• اتفقت روسيا وكوبا على تفعيل التعاون المتبادل في معظم المجالات الاقتصادية بين البلدين، وذلك على هامش زيارة إيغور سيتشين نائب رئيس الوزراء الروسي إلى هافانا، وبعد زيارته إلى كوبا يبدأ إيغور سيتشين زيارة عمل إلى فنزويلا، برفقة عدد من المسئولين ورجال الأعمال الروس.

• اجتاز صاروخ “براموس” الروسي ـ الهندي الصنع 15 تجربة ناجحة؛ إذ تميز بالسرعة الفائقة التي تكسر حاجز الصوت، والقدرة التدميرية العالية، وإصابته للأهداف الثابتة والمتحركة بدقة بالغة.

• عقد مجلس الأمن الروسي اجتماعًا في أرض “فرانس جوزيف” تحت عنوان “ضمان المصالح الوطنية لروسيا في منطقة القطب الشمالي”.

بوتين و إعادة بناء الإقتصاد الروسي من جديد

لكن ما هي الأسس التي بنى عليها الروس تحركهم؟ هل هو فهمهم للمعادلات الدولية فقط، أم أن هناك أسس أخرى؟ إن الوقوف على حقيقة هذه الأسس يستلزم الرجوع قليلًا إلى الوراء، عندما انهار الإتحاد السوفيتي السابق، وبدأت القوى الروسية المرتبطة بالغرب وبالصهيونية العالمية بنهب ثرواته، والاستحواذ على مؤسساته بثرواتها وإمكاناتها الضخمة، خاصة شركات البترول والغاز الضخمة، وظهر للجميع أن نهب أموال روسيا قائم على قدم وساق ليل نهار؛ حيث كان تهريب مليارات الدولارات من روسيا إلى الخارج يتم يوميًّا بلا رحمة، وتجرع الشعب مرارات التضخم والغلاء الفاحش لسنوات تحت حكم يلتسن [أول رئيس لروسيا الإتحادية بعد انهيار الإتحاد السوفيتي]، الذي تحالف هو وأسرته مع المافيا؛ خاصة الصهيونية منها، وتعاونوا على نهب البلاد إلى أن ظهر في الأفق رجل المخابرات الروسية فلاديمير بوتين، الذي تسلم الحكم بمساندة الجيش والأجهزة الأمنية، في إطار صفقة بينهم وبين يلتسن تقضي بأن يترك يلتسن الحكم لبوتين مقابل أن لا تتم ملاحقة يلتسن وأسرته قضائيًّا بشأن النهب الذي شاركوا فيه لثروات البلاد.

وهذا الإتفاق لم يعط أي حصانة لغير يلتسن وأسرته، وبالتالي ما إن تولى بوتين الحكم حتى استخدم كل الأساليب الأمنية والقضائية ضد رجال الأعمال اليهود، وعملاء الغرب الذين نهبوا أموال روسيا واستحوذوا على ثرواتها؛ كي يستخلص منهم الشركات الروسية العملاقة التي كانوا استحوذوا عليها في صفقات مشبوهة، وهكذا ما كاد بوتين ينهي فترتي حكمه اللتين استغرقتا ثماني سنوات، حتى كانت روسيا قد وقفت على قدميها مرة أخرى، وأصبحت عملاقًا اقتصاديًّا وتكنولوجيًّا من جديد.

ارتفاع أسعار النفط والغاز يدعم اقتصاد روسيا

وساعد بوتين على إعادة بناء الإقتصاد الروسي من جديد، الإرتفاع غير المسبوق في أسعار النفط والغاز، والذي تصدر منهما روسيا كميات هائلة يوميًّا تقدر بأكثر من 7 آلاف برميل نفط، فضلًا عن صادرات الغاز؛ حيث تحتل صادرات الغاز والنفط نحو 54 % من صادرات روسيا، وهكذا وقفت روسيا على أرض صلبة اقتصاديًّا تتمثل في ناتج قومي إجمالي يزيد عن 700 مليار دولار سنويًّا، واحتياطي من النقد الأجنبي والذهب ما يزيد عن 547 مليار دولار، يمثل ثالث احتياطي على مستوى العالم بعد الصين واليابان، فضلًا عن تخلصها من الديون الخارجية الضخمة، التي خلفها عصر يلتسن، والتي كانت تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

ولذلك؛ فمن السهل أن نلاحظ أن روسيا لم تعد كقوة دولية عظمى بمجرد الشعارات أو حتى القدرات العسكرية، وإنما بتخطيط ونجاح إقتصادي أوصلها لهذه الدرجة من النفوذ.

تأثير روسيا في مجريات السياسة الدولية 

وبدأ الجميع يلاحظ تأثير روسيا في مجريات السياسة الدولية سواء في الملف النووي الإيراني أو الكوري الشمالي أو في منطقة القوقاز، وبدأ الجميع يشعر بأن روسيا يمكنها أن تقول لا في أي شيء، بغض النظر عن توجهات وإرادات الولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

وما فعلته روسيا من تحركها المخطط الذي أفضى بها للنهوض من كبوتها واحتلال مكان في النظام الدولي الجديد، الذي هو الآن في طور التشكل هو تصرف طبعي؛ لأن الطبعي أن تسعى الدولة ـ أي دولة ـ لتحقيق مصالحها وأمنها القومي، بعيدًا عن أي هيمنة أجنبية.

أما غير الطبيعي فهو ما تفعله دول العالم الإسلامي من الركود في هوة التخلف الإقتصادي والتكنولوجي والسياسي والعسكري، والذهاب في سبات عميق ليس له آخر، لا يعبأ بما يجري على ساحة السياسة الدولية من نظام دولي جديد في طور التشكل، وقد حجزت دول مثل روسيا والصين مكانهما في هذا النظام، وقبلهما اليابان والإتحاد الأوروبي، بينما تسعى دول أخرى جاهدة للحاق بهم، مثل: الهند و”إسرائيل” وجنوب إفريقيا والبرازيل وإيران وغيرها. وسوف يصبح هذا النظام العالمي الجديد عندما يتم تشكله نظامًا متعدد الأقطاب، مماثل للنظام الذي كان سائدًا عشية الحرب العالمية الثانية، ويمثل كل تراجع أو إخفاق للدور الأمريكي إفساحًا لهذا النظام الجديد، الذي يمشي قدمًا نحو الصدارة مُزيحًا النظام العالمي الحالي أحادي القطبية، الذي تحتل فيه الولايات المتحدة موضع القطب الأوحد المتحكم في العالم.

كل هذا يجري والعرب والمسلمون نائمون، لا يستطيع أحد أن يتكهن لهم بموضع ذي قيمة في النظام العالمي الجديد، بالضبط كما كان حالهم في كل النظم العالمية طوال العصر الحديث.

مصر

ماذا يريد الشعب ؟.. أغلبية المصريين مسلمين ومسيحيين يؤيدون تطبيق الشريعة الإسلامية

ماذا يريد الشعب؟

سؤال يطرح نفسه بشدة إن كنا نتحدث عن أسلوب حكم ديمقراطي، و لكن دائما نجد من يزعم انه يتكلم باسم الشعب مدعيا تحقيقه لإرادة الأغلبية.

و في هذا الإطار نتابع دائما في سائر أنحاء العالم الإسلامي نقاشا لا ينتهي و جدالا لا ينقطع بشأن تطبيق الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع في الدول الإسلامية.

و إن كان الإسلاميون و العلمانيون هما طرفا النقاش فإن كلا الطرفين يدعي أنه يبتغي تحقيق مصلحة الشعوب العربية و الإسلامية و حمايتها من الديكتاتورية و حكم الإستبداد.الإسلاميون ألصقوا كل الشرور بالعلمانين بصفتهم استلموا الحكم في العالم الإسلامي منذ أتم تحرره من الإحتلال العسكري الغربي، و بالتالي فهم مسئولون عما آل إليه أمر الأمة منذئذ و حتى الآن.

أما العلمانيون فظلوا يحذرون الأمة العربية و الإسلامية من شرور ما أسموه بالحكم الديني و الديكتاتورية و الإستبداد باسم الدين و الحكم الإلهي.

الإخوان المسلمون: الشريعة الإسلامية لا تتنافى مع الديمقراطية

و أعلن الإخوان المسلمون أن الشريعة الإسلامية لا تتنافى مع الديمقراطية و أكدوا أنهم عندما يصلون للحكم بالإنتخاب فإنهم سيحكمون وفق قواعد الديمقراطية في اطار المرجعية الإسلامية.

لكن العلمانيين قالوا أن الإسلاميين غير صادقين في توجههم الديموقراطي، و أن طرحهم للديمقراطية كأسلوب حكم مجرد ذريعة للإستيلاء على الحكم و بعدها سيمارسون الديكتاتورية الدينية و ينقلبوا على الديمقراطية.

و اعتبر العلمانيون أن معارضتهم لتطبيق الشريعة الإسلامية هو دفاع عن الديمقراطية و حقوق الشعب، و قالوا أيضا أنه دفاع عن العقل و العلم و حقوق الإنسان و حقوق الأقباط.وطالب الإسلاميون بالإحتكام لرأي الشعب في تحديد من يحكم البلاد و ذلك عبر صناديق الإقتراع في انتحابات حرة.و رد العلمانيون بأنه من غير المنطقي أن نعطي فرصة لأعداء الديمقراطية للوصول للحكم عبر الديمقراطية لينقلبوا عليها بعد ذلك.

قلة نادرة من العلمانيين وافقوا على فكرة الإحتكام إلى صناديق الإنتخابات، مثل نجيب محفوظ الذي أيد انشاء حزب اسلامي و رأى أن السماح بحزب للإسلاميين لا يمثل خطرا لأنهم لن يصلوا عبره للحكم لأن كل الأحزاب الأخرى ستتوحد في جبهة واحدة دفاعا عن العلمانية (عدم تطبيق الشريعة) لمنع وصول الإسلاميين للحكم و منع تطبيق الشريعة، و سينجح العلمانيون في منع تطبيق الشريعة، بينما سيفشل الإسلاميون في الإنتخابات حسب رأيه.

و هذا الجدل المحتدم وصل لحد التراشق اللفظي الحاد بل وصل أحيانا لحد التكفير و القتل أو محاولة القتل (كما حدث مع فرج فودة الكاتب العلماني المشهور و مكرم محمد أحمد الكاتب الصحفي المعروف)، و لكن رغم سخونة هذا الجدل فإن رأي الشعب ظل غائبا أو مغيبا عن ساحة الصراع الفكري حول هذه القضية خاصة من قبل العلمانيين الذين زعموا دائما حرصهم على المصلحة العامة و حقوق الإنسان و مع ذلك لم يسعوا يوما للإستماع إلى صوت الشعب الذي يزعمون الدفاع عنه.

إن رأي الشعب في تطبيق الشريعة قضية مغيبة عن النقاش الدائر حول تطبيق الشريعة، بل في بعض الأحيان زعم علمانيون أن الشعب لا يريد الشريعة.

رأي الشعب المصري في قضية تطبيق الشريعة الإسلامية

 ولكن بعيدا عن إدعاءات العلمانيين فما هو رأي الشعب المصري في قضية تطبيق الشريعة الإسلامية؟؟

إن التعرف على رأي الشعب في قضية ما بحيادية كاملة هو لب أي فعل ديمقراطي سليم، و عادة يتم هذا في الدول الديمقراطية عبر أحد أمرين إما صناديق الإنتخابات أو استطلاعات الرأي التي تجري بطرق علمية و موضوعية دقيقة.

و نظرا لأن الإنتخابات النزيهة ممنوعة في بلادنا، فإن استطلاعات الرأي تظل الطريق الوحيد المتاح لمعرفة رأي الشعب في قضية ما كلما سنحت الفرصة لإجراء استطلاع راي محايد و موضوعي و دقيق.و بدءا من عام 1982م و حتى عام 1984م أجرى المركز القومي للبحوث الإجتماعية و الجنائية بمصر استطلاعا للرأي حول موقف الشعب المصري من تطبيق الشريعة الإسلامية و تحديدا الموقف من “الحدود” واعتمد الإستطلاع على عينة تم انتقائها بدقة كي تكون ممثلة لكافة فئات و طبقات الشعب المصري.و قد بلغ حجم العينة التي أجريت عليها عملية استطلاع الرأي 2427 شخصا، منهم %93،3من المسلمين و6،3 % من الأقباط ، على اعتبار أن هذه هي نسبة الأقباط في اجمالي تعداد السكان الذي أجري عام 1976م، و قد تنوعت العينة لتشمل كافة الفئات من حيث الطبقة و العمر و التعليم و المهنة و الحالة الإجتماعية و محال الإقامة التي شملت القاهرة و الإسكندرية و بور سعيد و عواصم حضر بحري و عواصم حضر قبلي إلى جانب مواطن النشأة التي شملت ما سبق بالإضافة إلى ريف بحري و ريف قبلي.

عقوبات الحدود الشرعية

 و رغم وجود جوانب عديدة للشريعة الإسلامية غير عقوبات الحدود، إلا أن هيئة البحث اختارت لسبب ما أن يدور بحثها حول الرأي في عقوبات الحدود الشرعية التي تتمثل في:

1- الزنا

 2- القذف

3- شرب الخمر

4- السرقة

5- قطع الطريق

6- الردة (أي خروج المسلم من الدين الإسلامي)

 و قد طبع المركز القومي للبحوث نتيجة الإستطلاع في كتاب مكون من نحو 400 صفحة و لكننا هنا لن نطيل على القارئ بذكر المؤشرات و الأرقام الكثيرة التي احتوتها هذه الدراسة القيمة، بل سنقتصر على ذكر أهم المؤشرات و الإتجاهات التي حوتها الدراسة و ما يدعمها من أرقام.

 الموقف الشعبي من تطبيق الشريعة الإسلامية

 وافقت أغلبية العينة الكلية على تطبيق الحدود و ذلك بنسبة 96،2% و عارض تطبيقها 3،2%، و في عينة المسلمين على حدة ترتفع نسبة الموافقين إلى 98% في مقابل 1.3% معارضون و 0،3% محايدون، أما عينة المسيحيين على حدة فإن نسبة الموافقة فيها تنخفض إلى 63% و ترتفع نسبة المعارضين إلى 31% و كذلك المحايدين حيث بلغت نسبتهم 6%.

هل نطبق الشريعة فوريا أم تدريجيا؟

31% من العينة الإجمالية تقف مع التطبيق الفوري، بينما رأى 69% أن التطبيق يجب أن يكون تدريجيا.أما عينة المسلمين منفردة فنسبة المؤيديين للتدرج 69%، و نفس الشئ في عينة المسيحيين منفردة حيث أيد 68% منهم التدرج، لكن عينة المسلمين رأى 75% منهم أن هذا التدرج لا ينبغي أن يتجاوز 5 سنوات كحد أقصى للمرحلة الإنتقالية بينما أيد فكرة الخمس سنوات 69% فقط من العينة المسيحية.

الطبقة الإجتماعية و تطبيق الشريعة

أيدت أغلبية الطبقة العاملة تطبيق الحدود بنسبة 90% أما أغلبية الكتابيين و الطلاب فايدت بنسبة 83% أما الإداريين و المهنيين فنزلت النسبة إلى 77%.

لكن تطبيق الشريعة لماذا ؟

رأى البحث أن دوافع الموافقة لدى كل من المسيحيين و المسلمين مختلفة فعلى سبيل المثال رأى 43% من المسلمين وجوب تطبيقها لأنها شريعة الله بينما رأى 23% من المسيحيين أنها شريعة الله.

هل يتم تطبيق الشريعة الإسلامية وحدها أم مع غيرها من القوانين؟

رأى 65% من المسلمين تطبيق الشريعة الإسلامية وحدها بينما رأى الباقون (35%) تطبيقها مع بعض القوانين الحالية بينما رأى 27% من المسيحين تطبيقها وحدها و إختار 73% من عينة المسيحيين تطبيقها مع بعض القوانين الحالية.

أما مبررات تطبيق الشريعة مع بعض القوانين الحالية فإن المسيحيين كانوا أميل لتقديم مبررات ذات طبيعة علمانية فكان ترتيب المبررات لديهم كالآتي:

1- لأن بعض أفراد من الديانات الأخرى سيرفضون هذا التطبيق

 2- لأن بعض القوانين الحالية تتفق مع الشريعة الإسلامية

 3- لأنه من الصعب التخلي عن بعض القوانين المطبقة حاليا

4- حتى التمهيد لتقبل الناس للتطبيق الكامل للشريعة

5- حتى تتم معالجة أوجه القصور.

و نذكر القارئ ان هذه هي آراء المسيحيين و ليس المسلمين.

كما يرصد البحث أن أول المبررات لدى المسيحيين كان يمثل أخرها لدى المسلمين، بينما كان أول المبررات لدى المسلمين (و هو: حتى يتم التمهيد لتقبل الناس للتطبيق الكامل) هو رابع المبررات لدى المسيحيين.

لكن هل تطبيق الشريعة على كل جرائم الحدود أم على بعضها فقط؟؟

أيد 92،4% من المسلمين تطبيقها على كل الجرائم بينما انخفضت نسبة هذا التأييد لدى المسيحيين إلى 72%.

 إذا طبقنا الشريعة فهل يتم تطبيقها على الجميع مسلمين و مسيحيين أم على المسلمين فقط؟

رأى 69% من المسلمين تطبيقها على الجميع، بينما رأى 31% تطبيقها على المسلمين فقط.

و إذا كان هذا راى الشعب المصري عام 1984م فما هو رأيه الآن؟

تأتي الإجابة في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب الأمريكية خلال لقاءات مباشرة مع عينة ضمت أكثر من 1800 من المصريين البالغين، وذلك خلال شهري مايو ويوليو 2007، كما شملت أكثر من 1000 تركي، خلال شهري مايو ويوليو 2007 أيضاً.

و أظهر الإستطلاع أن أكثر من 90% من الشعب المصري يؤيد تحكيم الشريعة الإسلامية، بينما يطالب ثُلثا المصريين تقريباً بجعلها المصدر الوحيد للتشريع.

وبحسب الاستطلاع الواسع الذي أُجري في مصر وتركيا ومناطق أخرى، فقد جاء الشعب المصري في المقدمة من حيث المطالبة بتحكيم الشريعة الإسلامية، حيث قال 91% من المصريين:

إن الشريعة ينبغي أن يكون لها دور في تشريع القوانين، وهو رأي وافقهم فيه 90% من الأتراك.

وبحسب الاستطلاع الذي نشرت نتائجه وكالة أنباء “أمريكا إن أرابيك” فإن حوالي ثلثي المصريين (64 %) يعتقدون أن الشريعة الإسلامية يجب أن تكون المصدر الوحيد للتشريع، وهو الرأي الذي عبّر عنه 7% فقط من الأتراك.

لكن حوالي ثلث الأتراك (32 % فقط) رأوا أن الشريعة ينبغي أن تكون “أحد” مصادر التشريع، وهو ما أشار إليه أكثر من ثلث المصريين (35%).كما أظهر الاستطلاع أن أغلبية المشاركين في الاستطلاع في هاتين الدولتين لديهم أفكار إيجابية عن الشريعة.

ومن بين المطالبين بأن تكون الشريعة أحد مصادر التشريع، رأى 97% من المصريين أن الشريعة توفر العدالة للمرأة، في مقابل 69% من الأتراك.

 كما قال 85 % من المصريين المطالبين بأن تكون الشريعة مصدرًا من مصادر التشريع: إنها تحمي الأقليات، وهو ما دعمه 51% من الأتراك.

واعتبر 96% من المصريين من هذه الشريحة أن الشريعة الإسلامية تعزز من وجود نظام قضائي عادل، في مقابل 63% من الأتراك.

وعبّر 97% من المصريين في هذه الفئة عن اعتقادهم بأن الشريعة تحمي حقوق الإنسان، وهو ما أشار إليه 62% من الأتراك.

كما قال 94% من المصريين المؤيدين للشريعة كأحد مصادر التشريع: إنها تعزز العدالة الاقتصادية، في حين انخفضت هذه النسبة إلى 55% بين الأتراك.

واعتبر 94% من المصريين في هذه المجموعة أن الشريعة من شأنها أن تقلل الجريمة في المجتمع، وهو نفس الرأي الذي عبر عنه 68% من الأتراك.

وأظهر الاستطلاع أن هؤلاء الذين يؤيدون تطبيق الشريعة كمصدر من مصادر التشريع لا يميلون إلى ربط الشريعة بأفكار سلبية.

فهل عرفنا رأى الشعب المصري، و هل يتم تبنى خيار الشعب أم يظل الإدعاء بتطبيق الديمقراطية في حين أنه يتم السير في اتجاه مضاد لإتجاه الأغلبية؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الموضوع نشرته في جريدة الدستور المصرية