حازم صلاح أبو اسماعيل

هوامش حول تجربة الشيخ حازم أبو اسماعيل في مصر

شخص ما قال لك: … “حذاري.. إن فلان سيأتي من وراء ظهرك من هذه الجهة ويطعنك في ظهرك فيسقطك ارضا ثم يتقدم تجاهي أنا أيضا ويطعنني بعدك”.

وظل يردد التحذير : “انظر إنه قادم وأنا حذرتك، يجب ان تصدقني لأنه سيطعنك ثم يطعنني”.

وظل يردد تحذيراته هكذا وهو ينظر للخطر قادم يحمل خنجرا حتى طعن الضحية ثم تقدم للمحذر نفسه فطعنه كما سبق وحذر من قبل في تطابق كامل مع مضمون التحذير.

هذا سيناريو لمشهد قصير يجسد بدقة ما فعله الشيخ حازم أبو إسماعيل (فرج الله عنه).

حذر وحذر وظل يحذر ويحذر ولكنه لم يتخذ أي خطوات من شأنها أن تمنع وقوع الخطر.

كان يمكن ان نعتبره مصيبا لو أنه كان قدم نفسه كمفكر أو كاتب أو داعية، دوره ينحصر في التعليم والتوعية الفكرية، لكنه قدم نفسه على أنه زعيم سياسي، وسعى لترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، كما سعى لتأسيس حزب، وقاد فاعليات سياسية شعبية.

إذن فواجبه القيام بعمل سياسي ضخم مكافئ ومناسب لضخامة الخطر، ومكافئ ومناسب لضخامة الكاريزما التي تمتع بها وجمع بها افئدة الملايين حوله، ورغم أنه قدم نفسه كفاعل سياسي لكنه اكتفى بدور خطيب الجامع الذي لا يمكنه فعل شئ سوى الخطابة وإطلاق التصريحات الإعلامية.
هامش
كتبت هذه الفقرات المحدودة بشكل سريع وعام، بناء على تساؤلات العديد من الاخوة عن رأي الشخصي في دور الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل، ولكن من المحتمل أن ندرس تجربة الشيخ حازم دراسة مستفيضة تعتمد على استقصاء السلبيات والايجابيات فيما بعد ان شاء الله.

القرآن يهدينا للصواب

كيف السبيل الى الطريق الإسلامي الثالث؟

أنا حذفت مقال توقفي عن الكتابة لئلا يكون دعوة للسلبية، وسأعمل على الاستمرار بالكتابة، لكن لدي عدة ملاحظات بشأن تعليقات الأصدقاء ربما أتعرض لها فيما بعد بشكل غير مباشر عبر كتابات منتظمة ان شاء الله.
وبشكل عام أحب أن أوضح أن سبب الميل للتوقف لم يكن أيا مما ذكره بعض المعلقين .. الأمر ببساطة حالة زهق نفسي بسبب العجز عن التصدي العملي لما يحدث هنا وهناك ليس عجزي شخصيا فقط ولكن عجز الأمة بعامة.
أمر آخر هو ما أشار إليه أحد القراء من أنه إما الكتابة وإما حمل السلاح، وأنا منذ فترة طويلة أريد الكتابة عن العمل المسلح ولكني قليل الانتاجية في الكتابة منذ فترة طويلة، وخلاصة رأي: أنني أنعم الله علي منذ نعومة اظافري بالنقد والتقييم الدائم لما اشاهده من احداث سياسية وغيرها ومن هنا فقد قيمت المحاولات المتكررة لجماعة الجهاد المصرية لتنفيذ إنقلاب عسكري بمصر باعتبارها خاطئة وغير ذات فائدة وأسوأ منها محاولات الجماعة الاسلامية منذ ١٩٨٨ وحتى ١٩٩٨ للضغط على نظام مبارك عبر عمليات مسلحة، وكل هذا له تفصيل طويل سوف أكتبه بمناسبة اخرى ان شاء الله، ولكن أريد هنا الآن أن أشدد على أهمية العلم قبل القول والعمل كما بوب الامام البخاري في صحيحه، فمرة دار نقاش بيني وبين شخص على الفيس بوك، حول العمل المسلح حيث كان هو يشدد ويحض عليه فقلت له هل درست تجربة جماعة الجهاد المصرية منذ نشأتها بمنتصف الستينات وحتى اندماجها في منظمة القاعدة عام ١٩٩٨ وكذلك تجربة الجماعة الاسلامية بمصر منذ الثمانينات وحتى ١٩٩٨؟ 
فقال لي لا ، فقلت له يجب ان تدرس جيدا اولا كل التجارب السابقة من كافة الجوانب قبل أن تتبنى رأيا.. وانتهى هنا النقاش على ما أذكر.

ولذلك فأنا كتبت إثر الانقلاب على الدكتور محمد مرسي، مستنكرا على من يدعون للعمل المسلح قائلا: ألم يستخدم هذا التكتيك سابقا وفشل؟ ما لكم تدعون له كأنه لم تسبق تجربته.
وهذا كله لا يعني موافقتي على تكتيكات الاخوان فأنا انتقدتها أيضا.

إن شخصا قتل الآلاف وحرق المئات وسجن عشرات الآلاف علانية في الشارع من أجل كرسي الحكم لايمكن أن يتنازل عن هذا الكرسي لأنك تحرجه بحشد المظاهرات في الشوارع والميادين، كما أن النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة وأوروبا لن يستحي من مظاهراتك ولن توجعه دماءك المسفوحة ويزيل حاكم هو صديق له والمفضل لديه، وذلك كله لسبب بسيط وهو أن هذا الحاكم لم يأت للحكم إلا بضوء أخضر من هذا النظام الدولي وبدعم منه، ويظل هذا النظام يدعمه ويدعم أي حاكم صديق للغرب مادام يقمع الحركات الاسلامية، ويمنع قيام نظام حكم يحكم بالشريعة، ومن يجادل في هذا فهو شخص لايدري شيئا عن مجريات السياسة الدولية والاقليمية منذ حملة نابليون على مصر والشام وحتى الآن.

أيضا انتقدت استراتيجيات منظمة القاعدة وتنظيم الدولة، لأسباب متعددة أوضحت عددا منها في عدد من المقالات السابقة.
الاشكالية في صنفين من الناس يصنعون الاستراتيجيات والتكتيكات او يروجون لها من بين صفوف الحركات الاسلامية:
صنف لا علم له ولا فهم ولا ابداع فهو يحفظ ويردد، وهذا كيف نناقشه؟
إن قلت أنا له لماذا حارب تنظيم الدولة ضد الجيش السوري الحر فيرد إنهم كفار، وطبعا لا أسلم له بهذا التكفير ولكن لو سلمت له به من باب الجدل فكيف أقنعه بأن الكفر في حد ذاته ليس سببا للقتال، فالفرس المجوس كانوا كفارا ومعادين للنبي صلى الله عليه واله وسلم شخصيا، ومزقوا خطابه لهم ، ومع هذا لم يحاربهم صلى الله عليه واله وسلم بل مات دون أن يوجه إليهم غزوة واحدة، وكان الروم كفارا ولم يحاربهم النبي صلى الله عليه واله وسلم غير بعد 8 سنوات من بناء دولته، وكانت الجزيرة العربية مملوءة بالكفار لكنه صلى الله عليه واله وسلم لم يحاربهم كلهم بل حارب البعض وترك البعض، وهذا كله وغيره يثبت أن الكفر وحده ليس مدعاة للحرب، بل والعداوة ليست موجبة للحرب على الفور.
ولوقلت له إن على تنظيم الدولة أو جبهة النصرة أو غيرهما كفالة الأمن الدولي والاقليمي للرعية التي يحكمونها تجده يقول لك هذه هي امكاناتهم فماذا يفعلون؟؟

فلو رددت عليه بمفهوم الردع أو التوازن أو غيره تجده لا يدرك كنه ولا جوهر هذه المفاهيم.

فهذا الصنف لم يدرس لا فقه السياسة الشرعية ولا الاستراتيجيات العسكرية ولا الاستراتيجية الشاملة ولا الأمن الدولي والاقليمي ولا السياسة الدولية فكيف تناقشه في قضايا مرتبطة بكل هذا الذي لم يدرسه، وهو يرفع في وجهك شعارات الجهاد في سبيل الله والبذل والفداء والفوز في الاخرة..الخ.
الصنف الثاني هم الرؤوس وقد درسوا الفقه وحفظوه، ولكنهم لم يحصلوا ملكة الفقه، فهم ظاهريون مع ما حفظوه من كلام ابن تيمية، و لايمكنهم الابداع الفقهي مثل ابن تيمية ابداعا يتفاعل بشكل صحيح مع المشكلات الحالية، وبعضهم درس استراتيجية وأمن وحفظ الكثير عنهما، ولكنه هو ليس استراتيجيا فهو يحفظ ويردد ولا يمكنه ابداع رؤى جديدة تحل المشكلات الحالية الصعبة، ولذلك تجدهم لا يجيدون الاستراتيجية الشاملة لحاجتها لفهم عميق وابداع وطرح تطبيقات، ولذلك فرغم رفعهم مراجع مهمة على شبكة النت وترويجها بين أتباعهم تجدها كلها في الاستراتيجيات العسكرية والتكتيك والأمن الداخلي، لاتكاد تجد منها مراجع في الاستراتيجية الشاملة ولا الأمن الدولي والاقليمي والعام والسياسة الدولية، لذلك فاستراتيجياتهم القليلة التي أطلقوها (مثل ما أطلقه أبو مصعب السوري أو صاحب كتاب التوحش) هي ثوب مملوء بالخروق و يكشف أكثر ما يستر. 
ومن هنا فالنقاش الفكري والكتابة لمثل هذا الجمهور هو امر بالغ الصعوبة.
وربما ضربت الأمثال الأخيرة من التيار الجهادي لأنهم الأكثر نقاشا ولكن نفس الصنفين موجودين لدى تيار الاخوان ومن لف لفهم الا أنهم أضعف من الجهاديين في شئون الأمن والاستراتيجية باستثناء حركة حماس.
أعرف التعليق الجاهز “وايه الحل هو أنت لا يعجبك أحدا”، وردي “نعم لا يعجبني أحد، لسبب بسيط زهو أن حالنا لا يمكن أن يعجب أحدا”، وأريد أن أهز عقول الناس وأفكارهم لتعصف أذهانهم بأفكار جديدة و يخلقوا طريقا ثالثا غير الطريقين المطروحين الآن.