فاسكو دا جاما

هل تعلمون ما معنى كلمة”الاستعمار”؟ وما هو “الرجاء الصالح”؟

هل تعلمون ما معنى كلمة الاستعمار؟؟
الاستعمار هو مصطلح وضعه الاحتلال الغربى الذى احتل العالم الاسلامى منذ بدايات العصر الحديث، فالغرب سوق لأنه ذهب لأرض خراب أو فارغة واستعمرها أو لشعوب همجبة متخلفة فحضرها وثقفها، بينما الحقيقة أنه نهب ثرواتها المادية والبشرية وصنع فئات إجتماعية مغسولة العقل فتتبنى كل عقائد وأفكار الغرب فى الدين والاجتماع والاقتصاد والسياسة و والتربية ..الخ.

وعملاء الاحتلال الغربى من العرب هم من وضعوا المصطلح العربى بينما سار على نهجهم السذج من الكتاب العرب الذين يستخدمون المصطلحات تقليدا للشائع دون النظر فى دلالتها.

مصطلح رأس الرجاء الصالح

وهذا موجود فى اصطلاحات عديدة وخطيرة، فمثلا: مصطلح رأس الرجاء الصالح ، هل تعلمون ما هو الرجاء الصالح ؟ وهو صالح عند من؟؟ الرجاء الصالح هو حصار العالم الاسلامى وتدميره اقتصاديا ثم سياسيا (وهو ما نجح فعلا للأسف) إذ عندما فشلت أقوى قوة عسكرية صليبية فى ذلك الوقت فى العالم هما مملكة البرتغال ومملكة أسبانيا فشلا فى تحطيم قوة المسلمين العظمى فى ذلك الوقت دولة المماليك عبر الهجوم على مصر والشام كما فشلا فى ضربها اقتصاديا فصار رجاؤهم هو تطويق وحصار العالم الاسلامى بحريا وضربه اقتصاديا عبر الوصول لموارد الشرق والهند الضخمة (والتى كانت ممالك اسلامية أيضا) بطريق غير طريق مصر والشام الذي يسيطر عليه المماليك ويحتكرون أرباحه الضخمة، وهذا التطويق أخذ مسارين:

المسار الأول سارت فيه البرتغال

مسار سارت فيه البرتغال وهو: محاولة الوصول عبر الالتفاف حول أفريقيا والاتجاه شرقا وهو طريق كان يعرفه المسلمون ويسلكونه منذ مئات السنين وكان يستلزم المرور من منطقة رأس العواصف أمام جنوب أفريقيا الحالية وهى منطقة كانت تتحطم بها السفن لشدة العواصف بها فلاتمر منها سفينة غير سفن المسلمين لخبرتهم فى كيفية تخطى وتوقى خطر هذه العواصف وحتى القائد البرتغالى فاسكو دا جاما لم يمر منه وتنجح مهمته فى الوصول للشرق الأقصى والهند إلا بعدما استعان بالقائد البحرى المسلم أحمد بن ماجد وعلمه كيف يمر منها وبعدما مر “دا جاما” منها قابل سفينة حجاج هنود فحرقها عن آخرها بمن فيها من المسلمين الهنود المتجهين للحج.

فالرجاء الصالح هو تطويق وحصار وضرب المسلمين وهو صالح عند الكنيسة الكاثولوكية التى كانت ترعى جهود البرتغال وأسبانيا لتطويق وإحتلال العالم الاسلامى.

ولذلك فأنا لا أستخدم مصطلح الاستعمار فى كتاباتى وأستخدم مصطلح الاحتلال، كما لا أستخدم مصطلح رأس الرجاء الصالح هذا أبدا وأعتبره مخالفة شرعية.

المسار الثانى سارت فيه أسبانيا

أما المسار الثانى فسارت فيه أسبانيا وهو بالتوجه غربا للدوران حول الكرة الأرضية للوصول إلى الشرق حيث الهند، وذلك إرتكازا على الخرائط والجغرافيا التى كان ألفها ووضعها علماء المسلمين فى ذلك الوقت، ولكنهم قابلوا القارة الأمريكية الجنوبية فظنوا فى البداية أنها الهند، ونزلوا بها واحتلوها ظنا أنها الهند وظلوا على ظنهم هذا لفترة من الزمن، حتى ان قائد حملة الاكتشاف نفسه مات قبل أن يعرف أن هذه أرض وقارة أخرى غير أرض الهند.

قصف سوريا

أزمة الأمة الإسلامية بين سندان الإخوان المسلمين ومطرقة السلفية الجهادية

يشن كثير من الأخوة ورموز ما يسمى بتيار السلفية الجهادية حملة واسعة من الانتقاد لفصائل من المعارضة السورية المسلحة التى تقبل التعاون مع ما تسميه السلفية الجهادية بالطاغوت التركى والطاغوت السعودى والدخول فى ما أطلقوا عليه “التحالف التركى الصليبى”، وفى الواقع فإن ما يهمنا فى هذا المقال هو تبيان الخطأ المنهجى الشرعى فى الدعاوى التى يطلقها هؤلاء الأخوة، لأن هؤلاء الأخوة ورموزهم الفقهية (بجانب تيار الاخوان المسلمين) هم من أشاعوا السطحية فى الفكر السياسى الإسلامى لشباب الحركات الاسلامية المعاصرة.

السلفية الجهادية و الإخوان المسلمون

فرموز السلفية الجهادية وعلى رأسهم أبو محمد المقدسى وأبو قتادة ومن لف لفهم يأخذون أدلة الجهاد والبراءة من الشرك والمشركين وتحريم الموالاة ونحو ذلك ليجعلوها حالة عامة لا يجوز غيرها تحت أى ظروف.
ورموز الإخوان المسلمين يأخذون أدلة مراعاة المصالح والمفاسد وتقدير المآل والأحكام الشرعية المستنبطة من صلح الحديبية وعرض النبى صلى الله عليه وآله وسلم ثلث ثمار المدينة على غطفان فى غزوة الخندق ليجعلوا هذا حالة عامة تبرر التمييع الدائم والعام وأحيانا الانبطاح التام للعدو (كما فى حالة العراق وأفغانستان مثلا).
وهو خطأ منهجى قديم، فالجبرية أخذوا بأدلة قدرة الله وتقديره الكونى ليعمومها على كل شئ بينما عكسهم المعتزلة بأخذهم الطرف الآخر من الأدلة وهى الخاصة بإرادة الله الشرعية وإثبات إرادة الانسان لينفوا إرادة الله الكونية.
ولكن الاسلام الصحيح (أهل السنة) يأخذ بطرفى الأدلة ويثبت إرادة الله الكونية والشرعية وإرادة الانسان.
ونفس الخطأ فعله الخوارج بأخذهم أدلة الوعيد وتعميمها مع إهمال أدلة الوعد والمغفرة فكفروا بالمعصية، وعكسهم المرجئة أخذوا بأدلة المغفرة فأخرجوا الأعمال من مسمى الإيمان ونفوا زيادة الإيمان ونقصانه.
وهنا أيضا يبرز صحة منهج أهل السنة بالاسلام الصحيح الآخذ بجميع الأدلة دون إهمال طرف منها، فأجروا حكم أدلة الوعد والوعيد معا، دون إخلال بأى منها فلم يكفروا بالمعصية ولم يقولوا “لايضر مع الايمان ذنب لمن عمله”.

السياسة الشرعية

واليوم لدينا مشكلة أكبر بسبب هذين الفصيلين العظيمين من المسلمين “الإخوان المسلمون” و “السلفية الجهادية”، إذ كل منهما اكتفى بالأخذ بأحد طرفى الاسلام فى السياسة الشرعية ونبذ الطرف الآخر، وبجانب هذا فإن الميوعة السياسية (بل والانبطاح أحيانا) التى مارسها ومازال يصر على ممارستها الإخوان المسلمون دفعت متهورين لأن يدعوا للكفر بقواعد شرعية ثابتة ولا خلاف عليها فى فقه السياسة الشرعية من مثل تقدير المصالح والمفاسد والموازنة بينها، ومن مثل تقدير المآل ونحو هذا فأصبحت الشجاعة المفرطة التى تصل للتهور بل وأحيانا تصل للحمق هى الجهاد الشرعى الحقيقى عندهم ولا جهاد غيره وذلك لكى يباينوا منهج وطريقة الإخوان التى افتضح فسادها التطبيقى فى العديد الأماكن والمناسبات.

المولاة والمعاداة والجهاد والشهادة

والجانب الآخر من المشكلة أن إعلاء أدلة المولاة والمعاداة (الولاء والبراء) والجهاد والشهادة دون ضوابطها أظهرها بصورة التهور والحمق لدى كثيرين فجعلهم لا يبحثون ولايميلون للخيارات الجهادية والكفاحية فى سلوكهم السياسى، وهذا أيضا خطأ ضخم.
وباتت شعارات كثيرة ترفع من كلا الطرفين لا تمثل حقيقة أحكام السياسة الشرعية كما كان هدى النبى صلى الله عليه وآله وسلم، ففريق ليس عنده غير القتال ثم القتال ثم القتال والفريق الأخر ليس لديه سوى الهدنة والمصالحة والتمييع دائما وأبدا ولا خيار آخر عنده.

هدى النبى صلى الله عليه وآله وسلم في السياسة والحرب

وهنا نريد أن نوضح بصراحة أن كلا الفريقين لم يصب هدى النبى صلى الله عليه وآله وسلم.
فالنبى صلى الله عليه وآله وسلم سلك مع المشركين الوثنيين خمس حالات هى:
السكوت عنهم (لفترة ما) دون هدنة ولا صلح ولا قتال.
القتال المنتهى بهدنة أو صلح.
القتال المنتهى بفتح للإسلام واستسلام العدو.
عقد اتفاقية هدنة أو صلح دون أن يسبقها قتال.
عقد اتفاقية هدنة أو صلح وتلاها قتال.
كما أن النبى النبى صلى الله عليه وآله وسلم سلك نفس السلوك مع أهل الكتاب بنفس الحالات السابقة.
فمن يحق له أن يضيق واسعا فيرجح حالة القتال المنتهى بفتح إسلامى واستسلام العدو وينفى الحالات الأخرى؟
لا أحد يحق له هذا لكن السلفية الجهادية ومشايخها مصرون على ذلك.
ومن يحق له أن يضيق واسعا فيرجح حالة الصلح والمهادنة على بقية الحالات؟ 
نعم الإخوان المسلمون وتيارهم يفعلون ذلك.

ومن المضحكات المبكيات أنهم لا يستعملون حالة السكوت بل يبادرون دائما لإطلاق الخطابات التميعية، ويستدلون بالمصالح وتقدير المآل ونحو هذا، فيشوشون عقول الشباب بشأن الفهم الصحيح لأحكام الإسلام السياسية.
ويأتى هذا ليفقد الأتباع أى رؤى سياسية وعسكرية وإستراتيجية لأن هذه العلوم تقتضى تنوع الأدوات، واستخدام وحشد وتعبئة كل الأدوات والاختيار من بين أوسع طيف من الخيارات، إلا أن أصحاب هذين المنهجين مصرون على تكبيل عقول أتباعهم ومنعها من التفكير والابداع للخروج بالأمة من أزمتها.
أعرف أن هؤلاء وهؤلاء سيقولون نحن نتخذ هذا التوجه بضوابطه الشرعية..الخ، ولا أريد الدخول فى تفصيلات تبعدنا عن لب المشكلة التى تعيشها الأمة الاسلامية بسبب سيطرة هذين الفصيلين على العقول، ولم يعد ينافسهم سوى بعض الأغرار الذين يستغلون هذه الأزمة لنقد الواقع وادعاء امتلاك الحل السحرى، رغم أنهم ليس لديهم تجربة ولا علم ولا يسعون للارتقاء بأنفسهم علميا وعمليا كى يكونوا متأهلين للتصدر، وقد كتبنا عنهم سابقاوسنكتب عنهم ان شاء الله لاحقا.
نحن نعلم أن هذين المذهبين فى العمل الاسلامى قد ترسخا ولن يقتنع أئمتهم بإصلاح الخطأ، كما نعلم أن الأغرار الذين يحاولون استغلال الأزمة للتصدر لن يتوبوا ولن يفيدوا أو يستفيدوا، ولكننا نكتب لمن يريد أن يحل الأزمة متجردا للدليل الشرعى والفهم الصحيح للواقع المعاصر.