الحرب في سوريا

هل خلافات المسلمين لا تحسم إلا بالقتال وسفك الدماء ؟؟

تثير أحداث اقتتال عدد من الفصائل والحركات الإسلامية فى سوريا هذه الأيام مسألة غاية فى الأهمية وهى: كيف يدير المسلمون بعامة والحركات الاسلامية بخاصة خلافاتهم؟؟

ظاهرة الاقتتال الإسلامى/الإسلامى
لأن ظاهرة الاقتتال الإسلامى/الإسلامى هذه تكررت وبشكل خطير فى العصر الحديث، فاقتتلت فصائل مسماة بالإسلامية فى أفغانستان بعدما انتصروا على الاحتلال الروسى وتحولت أفراح النصر إلى بحور من دماء الشعب الأفغانى، وعاشت أفغانستان حالة من الفتن المسلحة وسفك الدماء لعدة سنوات إلى أن تشكلت حركة طالبان وقهرت جميع الأطراف وحكمت أفغانستان كدولة واحدة (تقريبا) لكن لم تعترف بها أى دولة فى العالم سوى باكستان والسعودية، إلى أن داهمها الغزو الأمريكى بنهاية عام 2001 فقضى عليها ونصب نظاما عميلا له هناك.
واقتتل الإسلاميون المختلفون أيضا فى الصومال حيث جرت بحور من دم بين “المحاكم الاسلامية” التى حكمت الصومال لفترة وبين حركة “الشباب المجاهدين”.
وتكرر ويتكرر مشهد صراعات الإسلاميين فى كل مكان بالعالم بأشكال شتى، فحين يكون هناك سلاح يستخدم السلاح، وعندما لا يكون هناك سلاح فهناك أساليب لا تقل فى فداحة ضررها عن السلاح مثل التشهير وإطلاق التهم الباطلة، ومثل إبلاغ أجهزة معادية بأن الشخص أو الجهة هذه أو تلك هى إرهابية أو متطرفة، ومثل الصمت عن ذبح فصيل إسلامى ما بدعوى أنه إرهابى أو متطرف، وفى كثير من الأحيان جرى الإعلان عن تأييد هذا الذبح وفى بعض الأحيان جرت المشاركة فى الذبح، ووصل الأمر فى حالات أخرى لمشاركة جهات لا خلاف فى عدم إسلامها وعدواتها للاسلام وللأمة الإسلامية (مثل أمريكا والناتو) فى غزو دول إسلامية كأفغانستان والعراق وغيرها، أو إطلاق الفتاوى بوجوب أو جواز مشاركتها فى العدوان على المسلمين.
فهل معنى هذا أن حل الاقتتال الإسلامى/الإسلامى هو أن يفوز فصيل على الجميع ويقهرهم ويمنع اقتتالهم؟؟ 
وبتعبير أكثر تجريدا وتعميما: هل خلافات المسلمين وبالأخص الحركات الاسلامية لا تحسم إلا بالقتال ولا ينتهى اقتتالهم وسفكهم للدماء إلا بإنتصار أحد الفصائل وهيمنتها على الباقين بقوة السلاح؟؟   

التعصب الحزبى والمذهبى
لا نجد بالدراسات المنشورة (فى حد علمى) دراسة علمية موضوعية محايدة لهذه الظاهرة وتصور علمى شرعى لسبل حل هذه الأزمة، وكل الذى نجده (فى حدود ما اطلعت عليه) دراسات وكتابات تعميمية عن أدب الخلاف وفقه الخلاف والحوار والتعدد والتنوع الفقهى ونحو ذلك، وهذا سببه أمران:
الأول-اعتلاء أشخاص لايهتمون بالعلم ولا الموضوعية لمناصب القيادة والتأثير والتوجيه فى الحركات الاسلامية بالعالم كله، فهم إما ممن لايعلمون أو أنهم ممن يعلمون علما غطى على نوره التعصب الحزبى والمذهبى فذهب بفائدته وثمرته فصاروا مثلهم مثل من لا يعلمون فى قراراتهم وسلوكهم، وبالتالى فكلا النوعين لا يهتمون بدراسة هذه “الظاهرة/الأزمة” علميا وإيجاد الحلول العلمية والموضوعية لها.
الثانى-تصميم جميع مفكرى وعلماء وكتاب وقادة كافة الحركات الإسلامية القائمة (أو أغلبها) على أن لايروا إلا أنفسهم فهم يعتبرون أن أى جماعة أو شخص من خارج جماعتهم لا يمثل عملا إسلاميا ولا يفيد الأمة الإسلامية ويعتبرون مسلكه خاطئ ويعطل انتصار العمل الإسلامى، (ويقصدون بالعمل الإسلامى ما تقوم به جماعتهم فقط) ويعتبرون أن أى عمل يقوم به من سواهم يجر الويلات والانتكاسات على الأمة الإسلامية، حتى لو كان هذا العمل هو نفس عملهم إلا أنه لا يرفع رايتهم، ومن هنا فكل فريق لايعترف بأى فريق إسلامى آخر، ولذا كل منهم يرى أنه لا حل إلا بإزاحة الآخرين من الوجود لأنه يرى أنه لامبرر لوجودهم بل ويرى أن وجودهم يعطله.

ما هو الحل؟
ومن هنا فالحل يحتاج أن يقوم الباحثون المستقلون عن الجماعات والأحزاب ممن تجردوا من التعصب الحزبى والفكرى بدراسة الظاهرة علميا موضوعيا فى إطار السياسة والاستراتيجية الشرعية، وأن يروجوا هذه الدراسات التى تحمل حلولا عملية بين شباب المسلمين ليخلقوا رأيا عاما ضاغطا على هذه الجماعات المتحزبة المتعصبة.
كما ينبغى أن يسعى الكتاب والناشطون وأصحاب المنابر بجانب الباحثين والعلماء إلى ترسيخ فكرة أن واقع العمل الإسلامى والحركات الإسلامية هو واقع متعدد ومتنوع وأن هذا التعدد والتنوع هو من قبيل المذاهب الفقهية التى يعذر فيها بالتأويل والتى ينبغى التعايش معها فهى لا حل لها لا فكرى ولا فقهى ولا عسكرى، فجميع أراء العلماء الموجودة حتى الآن بكتب الفقه الموسوعية منذ عهد الصحابة والتابعين وحتى يومنا هذا مازالت موجودة وظلت موجودة وتجد من يتبناها ويدرسها ويعمل بها عبر جميع العصور الإسلامية ولم يتمكن بحث فقهى أو فكرى مهما بلغ من قوة أن يزيل رأيا مخالفا له من منظومة الفقه الإسلامى فطبيعة الحياة وطبيعة الإسلام تقبل وتتعايش مع التعدد والتنوع وهكذا ازدهرت حضارة المسلمين وسادوا الدنيا لقرون كثيرة متتالية.

مذاهب العمل الإسلامى
وكى نكون صرحاء فنحن نحدد هنا بكل وضوح أن مذاهب العمل الإسلامى الآن هى من قبيل الاجتهاد فى السياسة الشرعية التى هى فرع من علم الفقه، وهذه المذاهب الآن تبلورت كالتالى:
-مذهب الفريق الأكبر من الإخوان المسلمين ومن نحا نحوهم فى كل أرجاء العالم ممن يرون أنه لاسبيل لوجود إسلامى إلا بالتعايش مع النظم القائمة بما فيها النظام الدولى الذى تهيمن عليه الآن الولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبى وما تفرع عنه من نظم إقليمية وحكام لدول العالم، ويرون أنه لايجوز مناوئة هذا النظام ولا حمل السلاح ضده.
-مذهب شبكة القاعدة وفروعها المختلفة والتيار العام من “الجهاديين العالميين” الذين يرون أن هذا النظام الدولى هو نظام معادى ومحارب للاسلام والمسلمين ولا سبيل لنهضة الأمة إلا بتحطيمه عبر الدخول فى حرب دائمة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والناتو حتى ولو لم تمتلك إمكانات وموارد ذات بال اقتصادية أو تسليحية أو سياسية.
-مذهب الإسلاميين القُطريين (ومنهم من انبثقوا عن الإخوان ومنهم جهاديون) الذين رأوا أنهم لو ساروا على نهج المذهب الأول (مذهب الإخوان) فلن يقيموا دولة أو لن يحققوا أى من أهدافهم لأن النظام الدولى لن يسمح لهم بذلك، وأنهم لو سلكوا مسلك مذهب القاعدة فإن النظام الدولى والإقليمى سيسحقهم لضعفهم وقلة مواردهم، ومن هنا تولد مذهبهم القائم على إقامة دولة إسلامية قُطرية ليس لها أهداف أو شعارات دولية، ولا حتى إقليمية معلنة، فهم يعلنون أن هدفهم هو إصلاح واقعهم القُطرى على النهج الإسلامى وفقط، وذلك هروبا من الدخول فى صدام مع قوى دولية او إقليمية.

ومثال ذلك الاتجاه متمثل فى حركة حماس فى غزة وأحرار الشام بسوريا وحركة طالبان أفغانستان منذ نشأتها وحتى الآن، بما فى ذلك فترة حكمها لأفغانستان كدولة حتى بداية الغزو الأمريكى عام 2001، وهناك قُوى إسلامية مشابهة عدة فى أماكن أخرى، وهم يرون أنهم وإن كان النظام الدولى والنظم الإقليمية لم يتغاضوا عنهم وعارضوهم معارضات شتى إلا أن هذه المعارضات هى أقل من معارضتهم لشبكة القاعدة، ويعتبرون أن هذا يثبت صحة مذهبهم القُطرى هذا.
-مذهب الاسلاميين الدعويين وهؤلاء يرون أن الانغماس فى أى عمل سياسى سيجر عليهم متاعب تعرقل عملهم الدعوى (وهو عمل دعوى وخيرى وعلمى ونحوه) كما أنه سيجبرهم على تبنى إما تملق النظام الدولى والإقليمي والمحلى وهو ما قد يتحرجون منه شرعا، وإما معارضة هذه النظم وهو ما سيؤدى لنهايتهم بحسب رأيهم فالأسلم لهم (بحسب مذهبهم هذا) هو البعد عن السياسة والانشغال بالعمل الدعوى، وهؤلاء مثل جماعات التبليغ والدعوة وجمعيات إسلامية كثيرة بكافة أنحاء العالم لها أسماء شتى مثل أنصار السنة المحمدية بمصر والسودان والجمعية الشرعية بمصر وغير ذلك.
وكل مذهب من هذه الأربعة له تفريعات شتى.
ولكن بداية الحل هو أن نعترف أن كل مذهب من هذه المذاهب هو مذهب إسلامى نشأ وسيستمر موجودا بالواقع بشكل أو بآخر سواء قلنا بصحته أو جزمنا بخطأه، وأنه لا مناص من التعامل معه تعاملا يحقق مصالح الأمة الإسلامية ودين الإسلام ولا سبيل لتصفيته وجوديا وإزالته نهائيا من الواقع، لأن هذا الاعتراف والتعامل بالتعايش وبشكل من أشكال التعاون هو السبيل الذى سار عليه المسلمون فى أزمنة عزهم ومجدهم وهذا هو الواقع الذى لن يتغير حتى لو خبطنا رأسنا فى الصخر، وخبط الرأس فى الصخر هو والاقتتال  بالسلاح بين المسلمين وبعضهم البعض سيان. 
وصدق الشاعر:
كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْماً ليوهنها…. فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

رفسنجاني و الثورة الايرانية

المحطات المهمة فى حياة رفسنجانى حارس الثورة الإيرانية وصانع الملوك

كتب- عبد المنعم منيب


رحل على أكبر هاشمى رفسنجانى عن عمر يناهز الـ 83 عاما بعدما صنع وقاد معظم الانعطافات الكبرى فى دولة الثورة الإيرانية منذ نجاح الثورة عام 1979 وحتى وفاته منذ أيام، بدءا من إقناعه الخمينى بإلغاء تحريمه تأسيس حزب مرورا بوقف الحرب مع العراق والتعاون مع الشيطان الأكبر “الولايات المتحدة” وروسيا والصين وصولا لتعيينه خامنيئ خليفة للخمينى بدون الانتخابات التى ينص عليها الدستور.

الذراع اليُمنى للخمينى

كان رفسنجانى أحد أذرع الخمينى المهمة (إن لم يكن الأهم) داخل إيران بعد نفي الخمينى للخارج، حتى يمكن القول بأنه صار دينامو الثورة منذ منتصف السبعينات، وعندما نجحت الثورة عام 1979 ضد شاه إيران وعاد الخمينى إلى إيران اتخذ رفسنجانى مقرا له ولزملائه الموالين للخمينى بالقرب من منزل الخمينى، وذلك بهدف حماية الخميني من ناحية وتسهيل التواصل معه حول قرارات الدولة والثورة من ناحية أخرى، ورغم أن رفسنجانى شهد رفض الخمينى طوال السنوات السابقة لإنشاء أى حزب أو تنظيم سياسى إلا أنه دخل على الخمينى فزعا وقال له “مش عارفين نمسك البلد لازم ننشئ منظمة”، فرد عليه الخمينى متجهما وقال له: اذهب واعمل حزب”، بحسب رواية رفسنجانى فى مذكراته الشخصية الصادرة فى 2005، وأسس ساعتها رفسنجانى حزبا يمثل خط الامام الخمينى قاد به الصراعات التى انتهت بالتمكين للخمينى ورجاله من الحكم المطلق فى إيران، ولا نعلم ما إذا كانت هذه هى أول مرة يدفع فيها رفسنجانى “إمامه الخمينى” لتغيير رأيه أم لا؟ ولكننا نعلم أنها لم تكن المرة الأخيرة.

فى عام 1988 عندما كان رفسنجانى يتولى رئاسة البرلمان الإيرانى ويتولى قيادة الجيش بأمر من الخمينى، خشى رفسنجانى أن يموت الخمينى دون إيقاف الحرب مع العراق فلا يمكن لأى خليفة له أن يوقفها، لأن الإمام مات وهو مصمم على استمرارها بحسب عقيدتهم وقتها، فتوجه للخمينى وأقنعه أن استمرار الحرب هو فى غير مصلحة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأنه ينبغى إيقافها على الفور، ووقتها ظهر صوت الخمينى واهنا عبر إذاعة طهران ليقول: “كان أهون على أن أتجرع السم بدلا من أن أوقف الحرب مع العراق ولكن إيثارا لمصلحة الجمهورية الإسلامية فقد قررت إيقافها” وبعد هذا الحدث بقليل مات الخمينى.

صانع الملوك

بموت الخمينى دخلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية فى إشكالية من يخلف الإمام كمرشد أعلى للدولة، يقود الدولة بصلاحيات واسعة مدى حياته خلفا للخمينى وفقا للدستور الذى باركه وسار عليه الخمينى أصلا، وقبل أن تطبق إيران الآلية الدستورية التى تقضى بانتخاب المرشد الأعلى التالى للخمينى، برز هاشمى رفسنجانى الذراع اليمنى للخمينى ليعلن أن الخمينى أسر له بأن “على خامنيئ هو أولى شخص بتولى منصب المرشد الأعلى كخليفة له”، وأذعن الجميع لرواية رفسنجانى، وأصبح على خامنيئ المرشد الأعلى للدولة خلفا للخمينى بدون أن ينتخبه أحد، ليكتسب رفسنجانى لقبا جديدا هو لقب “صانع الملوك”.

صفقة مع الشيطان الأكبر بعهد ريجان

وفى حين تولى خامنئي منصب المرشد فاز رفسنجانى فى الإنتخابات، ليتولى منصب رئيس الجمهورية خلفا لخامنئي، واستمر “صانع الملوك” فى رئاسة الجمهورية لمدتين متتاليتين ليرسخ اتجاهات جديدة فى سياسة إيران الداخلية والخارجية، ففى السياسة الخارجية واصل رفسنجانى توطيد تعاون إيران مع كل من روسيا والصين منافستا الولايات المتحدة، ليعيد بناء الجيش ويسلحه بعد حرب الثمانى سنوات مع العراق، والتى عانى ايران فيها من حصار عالمى يمنع تسليح إيران، ولم يكن تعاونه مع كل من “الاتحاد السوفيتى/روسيا” والصين فى التسلح وفى صناعة السلاح سهلا، إذ كانت الثورة الإيرانية تعتبر الاتحاد السوفيتى والصين مثلهما مثل الولايات المتحدة مجرد شياطين، ولا يجوز التعامل معهم، ومن هنا كافح رفسنجانى منذ قيادته للبرلمان والجيش الإيرانى فى حياة الخمينى من أجل توجيه الدولة الإيرانية للتعامل مع الصين والاتحاد السوفيتى، خاصة بعدما توقفت الولايات المتحدة عن مسايرة رفسنجانى طويلا بعد فضيحة “إيران- كونترا” التى كشفت حصول رفسنجانى على سلاح أمريكى، وذلك ضمن صفقة سرية شاركت فيها “CIA” وتاجر سلاح إسرائيلى بعهد الرئيس الأمريكى ريجان، وكان هذا مقابل الافراج عن رهائن أمريكيين، رغم أن الاسم الرسمى لأمريكا وقتها فى إيران كان هو الشيطان الأكبر بحسب شعارات الخمينى والثورة الإيرانية.

تقارب مع السعودية وانتقد سب الصحابة

وفى مجال السياسة الخارجية أيضا، سعى رفسنجانى للتقارب مع السعودية وتحسين علاقاته بدول الجوار السنية، دون أن يخل بالتزامات الثورة الإيرانية تجاه المنظمات الشيعية العراقية واللبنانية واليمنية وغيرها، تلك المنظمات التى ظلت تنمو منذ عهد الخمينى، لنرى حصادها اليوم فى المحور الشيعى الممتد بالمنطقة العربية والعالم اليوم.

وفى السياسة الداخلية، عمل رفسنجانى على تطوير الاقتصاد الإيرانى، ليصبح إقتصادا مختلطا تتسع فيه رقعة القطاع الخاص، ليسير مساندا لإقتصاد الدولة الذى ظل بعد الثورة مهيمنا على أغلب القطاعات، وفى نفس الوقت أسس لصناعات مدنية وعسكرية، ولكن جاءت العسكرية أكثر لاسيما صناعة الصواريخ، كما سعى لتطوير برنامجا نوويا إيرانيا.

وذكر رفسنجانى فى مذكراته أنه دافع عن أهل السنة ذات مرة أيام شاه إيران عندما رد على علامة شيعى ذكر أن يهودى واحد أفضل من كل أهل السنة، فهاجمه رفسنجانى ورد عليه، كما أن رفسنجانى انتقد علنا فى العام الماضى قيام الشيعة بسب الصحابة، والاحتفال بمقتل عمر بن الخطاب (رضى الله عنه)، ودعا الشيعة لعدم استثارة أهل السنة بهذه الممارسات كما دعاهم للسعى لرأب الصدع بين الشيعة والسنة.

وكما ظل رفسنجانى زعيما للاصلاحيين الشيعة فقد ظل فى نفس الوقت قريبا من المحافظين، لذلك وصفه المراقبون بأنه إصلاحى بقلب محافظ، وعند اشتداد الصراع بين الجناحين كان ينفر المحافظون منه لدرجة أنه تم منعه من خوض الانتخابات الرئاسية عام 2013، بدعوى تقدم عمره لكن مساندته لروحانى أدت لفوز الأخير بمنصب رئيس الجمهورية.

ولكن هل فعلا تنقسم نخبة إيران الحاكمة لاصلاحيين ومحافظين؟؟ أم أنه مجرد توزيع أدوار؟؟.. وهذا موضوع آخر يمكنك قراءته هنا على هذا الرابط.

منطق عصرنا

مات الجن الأزرق.. فمتى نعيش منطق عصرنا؟؟

الآن إذا مات الجن الأزرق.. ايه بيحصل؟؟ بيحصل انه بيكثر البحث عن معلومات عنه على الانترنت وتكثر الصحف ورقية او الكترونية من الكتابة عنه، أى تروج أى كتابة عنه.

وأنا رغم أنى باحث أصلا لكنى أيضا صحفى ودماغى شغالة صحافة وإعلام وأحاول أطور نفسى إعلاميا، وألاحظ أننى عندما أكتب عن مسألة متداولة ومعاشة يقبل عليها القراء أكثر من إقبالهم على موضوع نظرى، فأجد الجن الأزرق مات فأستغل حالة (السوق الإعلامى) وأكتب أفكارا “أراها مفيدة” فى إطار الكلام عن الجن الأزرق الذى مات.

أسلوب صحفي عادى ومعروف

وهذا أسلوب صحفي عادى ومعروف فأنت تغلف دواء غير مستساغ (وهو هنا صعوبة الأفكار النظرية على الفهم لميل النفس للراحة وعدم إعمال الفكر) بحلوى محبوبة (وهى هنا قضية رائجة)، وفجأة تجد قراء يغفلون هذا كله ويناقشون كيف تتكلم عن الجن الأزرق وهو سليل إبليس وهو كافر .. الخ ويخرجونا عن الأفكار التى نريد لفت الانتباه لها..
وهذا حدث عندما كتبنا عن هاشمي رفسنجانى ومما قاله أحد الأخوة لماذا تمجده الآن بعدما مات رغم أن الواجب هو الشماتة فيه..

رغم أنى أولا لم أمجده وثانيا سبق وكتبت عدة مرات (خلال الـ ١٠ سنوات الأخيرة) منبها على أهمية الاستفادة من تجربة إيران فى نجاحاتها وسلبياتها كأى تجربة فى العالم.

كيسنجر أحد أبرز علماء السياسة

عندنا الآن كيسنجر أحد أبرز علماء السياسة والدبلوماسية فى العصر الحديث وعمره فاق ٩٠ عاما الآن وسيموت غدا.. وساكتب عن فوائد فى علمه وأفكاره حينئذ.. وأؤكد لكم من الآن أنه عندما أكتب هذا سيعلق بعض الأخوة : (الا تعلم أنه يهودى كافر .. ألا تحذر الأخوة من سمومه وتشمت بهلاكه).. وسيعلق آخر (ألم تقرأ كتاب كذا ومذكرات كذا وتعلم أنه دعم إسرائيل ضد العرب سنة كذا وكذا)… يا أخ أنت وهو أنا قرأت لكنى أتكلم عن موضوع آخر .. فأرجوكم ركزوا معى شوية وركزوا فى الموضوع.

طبعا هناك مخاوف من أن يقرأ الموضوع عن رفسنجانى شخص غير مؤهل عقيديا فيميل للتشيع او يقرأ عن كيسنجر فيميل لليهودية، لكن هذه المخاوف تشبه الوصف الملغى فى أحكام القياس بعلم أصول الفقه لأن تقاليد العلم عند المسلمين لم تمنع الكتابة عن علم نافع لمثل هذا السبب، وكان أجدر بالمعلقين المتخوفين ان يقولوا خذوا بالكم المقصود الانتفاع بكذا واحذروا من كذا  بدلا من أن يخروجوا بنا عن مرامى وفوائد الموضوع..
وفى النهاية لا أصادر رأيكم ولكن أضع نقطة نظام لمن شاء… وتقبلوا احترامى لكم جميعا.

العمالة الوافدة فى الكويت والسعودية صورة ارشيفية

لماذا تعلق الكويت والسعودية مشكلاتها الاقتصادية على العمالة الوافدة؟

يبدو أن هناك محاولة فى السعودية والكويت لتصوير أن أى خلل اقتصادى يعانيه الشعب سببه العمالة الاجنبية، وأريد أن أذكرهم بمن أسس البنية التحتية كلها بالخليج أصلا منذ نشأة دول الخليج.
البنية التحتية بالخليج كله أقصد من أسسها من مهندسين وأطباء ومدرسين من أول مدرسى ابتدائى، حتى المدرسىين لدرجة الدكتوراه بالجامعة بل ومؤلفى مناهج الدراسة بكل المراحل، ناهيك عن العمال والفنيين بكل تخصص، نعم أخذوا أجرا ولكن لم يصنعوا للخليج مشكلة، وإنما صنعوا له بنيته الحضارية الحالية بالبناء والصحة والتعليم.
ويجب أن يلاحظ شعب الخليج أن ألمانيا استعانت بالعمالة التركية بعد الحرب العالمية الثانية لتعيد بناء نفسها، لكنها لم تطردهم ولم توبخهم بعدما صارت ثانى اقتصاد بالعالم كله بعد أمريكا، بل إن ألمانيا أعطت العمال الذين بنوها بعد الحرب العالمية الثانية الجنسية، رغم أن أغلبهم مسلمون اتراك ومغاربة.

وأنا لا اطلب من الخليج ان يعطوا الجنسية للعمالة المسلمة، ولا حتى أن يبقوا عليها فمن حقهم أن ينظموها أو يمنعوها متى شاءوا، ولكن لاداعى لتعليق فشل حكامهم على العمالة المسكينة، وهذه العمالة هي التى بنت لهم دولهم فى وقت لم يكن يمكنهم بناءها بدون هذه العمالة.