من التاريخ

متى تنتزع حركة”ما” قيادة الأمة العربية ومتى يزيحها التاريخ للصفوف الخلفية؟

كتب- عبد المنعم منيب

هناك تعميمات أشبه بقوانين التاريخ الحتمية يغفل عنها كتاب وباحثون بل ومحللون سياسيون كثر في عالمنا العربي والإسلامي بسبب عدم اعتنائهم بدراسة التاريخ جيًدا والتأمل في تفاصيل أحداثه ومجمل اتجاهاتها، وخاصةً في التاريخ الإسلامي.

ومن هذه التعميمات المغفول عنها أن أي تيار أو توجه نشأ بالحركة الفكرية أو السياسية أو الاجتماعية في التاريخ الإسلامي لم يزل من الواقع منذ نشأته وحتى الآن زوالًا عضويًا تامًا، وحتى عند أفول أي توجه أو تيار فهذا الأفول هو في حقيقته أفول إزدهاره وهيمنته وليس معناه زواله عضويًا من الواقع بالكلية، ولنتذكر معًا أغلب الحركات الفكرية والاجتماعية والسياسية في تاريخنا الإسلامي..

حركات في التاريخ الإسلامي

-الخوارج بعصر الفتنة الكبرى زمن أمير المؤمنين علي بن أبى طالب، ويستمر وجودهم حتى الآن.

-تيار الملكية في النظام السياسي منذ نشأته مع الدولة الأموية وما بعدها من ممالك إسلامية وهو مستمر حتى الآن كما يجد أسسه الفكرية في الجامية حاليًا.

-تيار التشيع لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفرقه المختلفة، بدأ منذ عهد أمير المؤمنين علي ومستمر حتى الآن.

-ومن فرق التشيع فرقة الشيعة الإسماعيلية مؤسسي الدولة الفاطمية ومنهم القرامطة وغيرهم ورغم محاربة صلاح الدين الأيوبي (ومن قبله وبعده من سلاطين المسلمين) ضدهم ومن ثم هزيمتهم إلا أنهم مازالوا موجودين حتى الآن ولهم كياناتهم ونشاطهم وتأثيرهم وإقتصادهم وإن انقسموا لعدة فرق.

-ونجد المعتزلة والأشاعرة والمرجئة والصوفية ونحوهم بكل تفريعاتهم وكلهم يوجد لهم امتدادات فكرية ونظامية مستمرة حتى الآن.

– الزنادقة ونحوهم من حركات مارقة كالخرمية والبابكية ودعاة وحدة الوجود وحاملي أفكار ثورة الزنج ونحو هذا فلا شك أن لهم امتدادات لأفكارهم حتى الآن وإن تلونت بألوانٍ حركيةٍ واجتماعية أخرى، وساقت شعارات تبدو جديدة في صياغتها ولكنها تعبر عن جوهر نفس هذه الحركات التي يظن الكثيرون دروسها وزوال وجودها.
وهكذا.. حتى فى عصرنا الحديث بل فى آخر مائة سنة نشأت جماعاتٌ وحركاتٌ وتيارات فكرية وسياسية واجتماعية في عالمنا العربي والإسلامي ولكن كلما انتهى عصر إزدهار أي منها فسرعان ما تتوارى قليلًا وتجلس فى الصفوف الأخيرة بواقعنا دون أن يزول وجودها العضوي من الواقع، فهي تفسح الصفوف الأولى للقوى الصاعدة، سواء كان صعودها حقيقيًا بتحقيق نجاحاتٍ حقيقية أو كان صعودها لا سبب له إلا تعلق الجماهير بأماني وآمال يحلمون بتحقيقها على يد هذا الصاعد الجديد.

آمال وأحلام الجماهير العربية والإسلامية

فالكل يأخذ دوره لينجز آمال وأحلام الجماهير العربية والإسلامية بشكلٍ أو آخر سواء كان صادقًا أو دجالًا سواء كان ذكيًا أو أخرقًا ثم تكشف الأيام حقيقته فإما ينجز فيطول بقاؤه بالصف الأول، وإما تنكشف حقيقة عجزه عن الإنجاز وعجزه عن تقديم مخرجات تتناسب مع أحلام الجماهير وآمالها وحينئذ تدهسه عجلة التاريخ وتدفعه حركة الأحداث إلى الصفوف الخلفية، ربما ينزوي ويراقب في صمتٍ وربما يظل متربصًا فرصةً قد تلوح في المستقبل ولكن منطق التاريخ (الذي هو سنة الخالق جل وعلا) تأبى أن يعاندها فاشل، فمن رسب في الإمتحان فأنى له أن يفلح فى تقديم الاستجابة الصحيحة للتحدي في أي امتحان تالي مادام مستمرًا على حاله الذي تسبب في إخفاقه في الإمتحان من قبل، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال آية 53]، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد من الآية: 11]، كما قال عزو جل: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران 165] ، وقال الله تعالى أيضًا: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}  [آل عمران من الآية: 140].

زيارة ميسي إلى مصر والفقر المنتشر

خاطرة غريبة حول زيارة ميسى إلى مصر

كتب- عبد المنعم منيب

أمس كنت فى العمل ليلا فرأيت على الشاشات حفلة ميسى ورأيت لقطات الابتسامات والسعادة البالغة على وجوه الوزراء الحاضرين ورأيت ما بالحفل من بزخ معروف ان هدفه جذب السياحة لمصر.. ولكن .. لسبب لا أعلمه قفز لذهنى فى هذه اللحظة شاه إيران الأخير محمد رضا بهلوى وما كان يقيمه من حفلات اتسمت بالبذخ بينما كان مواطنوه فى العاصمة طهران يعيشون مع مياه الصرف (المجارى) وربما شرب بعضهم منها أو استعملها ببعض حاجاته..
تقرير منظمة حقوقية مصرية
ويأتى هذا الحفل بنفس اليوم الذى صدر به تقرير لمنظمة حقوقية مصرية معتمدا على بيانات وارقام حكومية وأكد ان ١٠٪ من اغنى المصريين ينفقون ١٠٠ ضعف من ما ينفقه افقر ١٠ ٪ من المصريين فى الحضر بينما فى الريف ينفق الاغنى ٧٠ ضعف الأفقر.. ونشرت رويترز عرضا للتقرير، وربما هذا ما ضغط على ذهنى.
على العموم مش عارف إيه فكرنى بالمجحوم رضا بهلوى فى ظل فرحة المصريين بميسى وفرحة زملائى وتغزل بعضهم بالبنات العريانة اللى غنت فى الحفل بينما نعت آخرون هذه البنات بألفاظ ما اقدرش اكتبها.

ترامب

هل حكم دونالد ترامب لأمريكا الآن سيجلب النصر للمسلمين؟؟.. آراء وردود

كتب- عبد المنعم منيب

يفرح كثير من الأخوة بحكم دونالد ترامب الآن فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكتب بعضهم منوها بما سيأتى من نصر للمسلمين بسببه، وكتب أحد الأفاضل مؤيدا لهذا الرأى وقال: ” وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
الرجل يحارب معقل النظام العالمي الجديد نيابة عنا ههههه
من مسقط الرأس والنَّاس متشائمة ههههه”.
فعلقت عليه وقلت: “نعم لكن هو يريد أن يحل محله نظاما عالميا آخر على هواه هو ومن معه”.
فهو ضدنا أيضا لكن بطريقة أخرى.
فرد على شارحا رأيه وقال: “أقصد أن الفائدة ستحصل لنا قبل أن ينجح في فرض نظامه الجديد، أو قد ينجحون هم في مواجهته و تثبيت نظامهم العالمي الحالي، فهذا الصدام سيأخذ جهد و خسائر مالية هامة، وعلينا نحن المسلمين استغلال الظرف أفضل استغلال والا لن تتاح لنا فرصة كهذه أبدا”.
فرددت عليه متسائلا تساؤلا استنكاريا، وقلت: “كيف نستفيد ونحن لسنا عندنا لا موارد ولا أدوات، وأهم الموارد والأدوات هي الفكر الاستراتيجى السليم الموضوعى المبدع، والقيادة الاستراتيجية الذكية المبدعة ووحدة الصف؟؟؟!!!!”
فأجابنى مقترحا الحل من وجهة نظره: “هذا ما يجب العمل عليه، بجمع العلماء و المفكرين و المثقفين الشرفاء المؤمنين، و تكوين إطار سياسي يجمعهم و يبدأ في وضع خريطة لاسترداد أوطاننا، ويجب ان ننظر الى مصر و ليبيا و تونس كقطر واحد و نعمل على ذلك الأساس”.انتهى رده علي.
وفى واقع الأمر فالحل بالتوافق وتوحيد النخب الموجودة فعلا هو أمر حاوله كثيرون، فى مصر وفى بقاع شتى من العالم، منذ بدايات القرن العشرين الميلادى وحتى اليوم، ولم يجنوا سوى الفشل لسبب بسيط جدا، وواضح جدا، وهو أن هذه النخب المراد توحيدها هى هى التى صنعت هذا التشرذم، لأهواء بعضها، ولجهالة بعضها الآخر، فكيف سيخرجون من جلدهم الأصلى (أى الأهواء والجهالات) ويمحون واقعا هم صانعوه وهم حراسه؟؟!!
لذلك كله رددت على صديقنا ذى الظن الحسن وقلت له: “لافائدة ولا أمل فى النخب الحالية فى العالم الاسلامى، فلو فيها أى فائدة لما وصل الواقع لما نحن عليه الآن، وإنما الأمل فى نشوء نخب جديدة، ترتقي إلى مستوى التحديات علميا ودينيا، رغم أنه أمل ضعيف بسبب ما نراه من تمرد كثير من الشباب على خبرات التاريخ، وإعراضهم عن التحصيل العلمى المتخصص.. لكن ان كان هناك أمل فهو فى تكون نخب علمية وحركية جديدة”… والله الموفق والمستعان.