تنظيم الدولة الاسلامية صورة ارشيفية

تنظيم الدولة الإسلامية و خلافة البغدادي .. مناقشات و ردود

انتقد أحد الأخوة مقالي عن تنظيم الدولة الإسلامية فكان أهم ما قاله أنه: “مقال غير موفق وقد بني كاتبه انتقاداته علي معلومات أكثرها مغلوط والحكم علي الشيء فرع عن تصوره وكان الأجدى والأجدر قليل من البحث” فرددت عليه الرد التالي :

أنا عندما أكتب تحليلا لا أرتكز فقط على المعلومات المنشورة خاصة إذا كان التحليل خاص بالحركة الإسلامية..بل أستخدم (بفضل الله)معلومات مباشرة من مصادر موثوقة.. و هذا أيضا أعتمد عليه بشكل أساسي في تكوين معرفتي عن الواقع دائما فأنا أقدر المعلومة و أعرف قيمتها و درجتها لا سيما و أنا دراستي الأولى كانت لعلوم الحديث و ما تشمله من دراسة الأسانيد ثم تلتها دراستي للتاريخ و هي تشمل دراسة مناهج البحث و التوثيق و خاصة في مرحلة الماجستير.. فبالتالي من غير المقبول الادعاء بأني ارتكزت في التحليل على معلومات تتسم بالكذب و البهتان و هو اتهام ليس عليه أي بينة.. كما أن إنكار أن البغدادي قتل و قاتل أحرار الشام و النصرة و الجيش الحر في سوريا أمر يتساوى مع إنكار وجود الشمس..

أخ آخر كتب أن تنظيم الدولة لم يبايع القاعدة أصلا و أن تنظيم القاعدة في العراق بايع تنظيم الدولة و أن الجولاني أمير النصرة هو منشق أصلا عن تنظيم الدولة و أن مادام تنظيم الدولة أعلن الدولة الإسلامية أولا فعلى القاعدة و النصرة و غيرهم مبايعته و الدخول في طاعته..

و ردي عليه : أنت هكذا لم تفهم ما كتبته فما كتبته يقدم هدي سادة الأمة الذين بنوا عزها و نصرها و مجدها الذي نتغنى به حتى الآن هدي سيدنا محمد صلى الله عليه و آله و سلم و فاروق الأمة عمر و سيدها الحسن بن علي و أمامها على بن أبي طالب و أمينها أبو عبيدة بن الجراح و عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرين بالجنة و سيفها المسلول خالد بن الوليد فهدي هؤلاء السادة يجعل النقاش و الجدال و الكفاح و الاجتهاد ينصب على شيئين بشكل أساسي و أولي هما :

1-لم شمل الأمة و جمع كلمتها و عدم النزاع أو الاقتتال بينها و التنازل و الزهد في الإمارة في سبيل ذلك.

2-جعل جهدهم و همهم الجهادي و بأسهم كله ضد الكفار أعداء الأمة و ليس ضد مسلمين مخالفين في الرأي أو البيعة.

لكن المتأمل في كلام هذا الأخ يدرك كم ابتعد بعد المشرقين عن هدي هؤلاء السادة فهو يناقش و يجد و يكد لإثبات إمارة البغدادي و دولته  و كيف أن إمارة الجولاني غير سليمة و كيف أن على النصرة و القاعدة الدخول في طاعة البغدادي..الخ فالجهد كله للاستحواذ على الإمارة لشخص البغدادي و الطاعة له و للدولة بدلا من أن يكون الجهد كله منصب على لم شمل المسلمين و جمع كلمتهم و توحيد صفوفهم و الزهد في الامارة و الرئاسة كخلق عام و كوسيلة لتحقيق وحدة الصف بشكل خاص. 

ملاحظة هامة أخرى كتبها أحد الأخوة و هي أن التليفونات لا تقوى على متابعة الروابط ، و هو كتب هذا لأني نشرت الرابط فقط على الفيس بينما المقال هو على مدونتي و قد رددت عليه بقولي: ماذا أفعل فالمقال قوامه 2000 كلمة فكيف أنشره في بوست على الفيس؟؟

الصراع السياسي في منظور التحليل

خريطة الصراع السياسي في منظور التحليل الإسلامي

كتب- عبد المنعم منيب

تقسيم خريطة الصراع إلى فسطاطين هما فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان هو تقسيم عقائدي مجمل، لكن عند إجراء تحليل وتعامل سياسي إسلامي صحيح لايمكن الارتكاز على هذا التقسيم بإجماله، لأن التحليل السياسي ومن ثم العمل السياسي يحتاجان تفصيلا لأن التحليل والعمل السياسي لا يتعاملان مع إجمال ولكن مع تفصيل.

 والتفصيل إنما يأتي بتتبع هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سيرته حيث نجد أن الكفار فيهم المطعم بن عدي بما له من نموذج في التفكير والسلوك السياسي دفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يطلب حمايته في مكة، ودفعه لأن يقول بعد بدر لو كان المطعم حيًا وسألني هؤلاء النتنى لدفعتهم له (يقصد أسري قريش في بدر).

والكفار كان فيهم أبو سفيان بن حرب الذي هرب بالقافلة، ولم يرد قتالًا فأرسل إلى أبي جهل أن قد سلمت القافلة فعودوا بالجيش.

 وفي الكفار عتبة بن ربيعة بما يمثله من نموذج للتفكير والسلوك لدي نوع من الكفار وهو أمرٌ دفعَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن يقول عنه يوم بدر: «إن يكنْ عندَ أحدٍ من القومِ خيرٌ فهو عندَ صاحبِ الجملِ الأحمرِ إن يطيعوه يَرشدوا» (صحيح/ مجمع الزوائد)، وهو من دعا قريشا في بدر لترك محاربة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتركه وشأنه مع بقية الجزيرة العربية، وكان معه في رأيه حكيم بن حزام حينئذ قبل أن يسلم.

 وفي الكفار أيضًا أمثال أبو جهل وأبو لهب وأم جميل، وضمن الكفار أيضًا أمثال ملاعب الأسنة الذي أراد أن يؤمن رسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليبلغوا دعوة الإسلام رغم أنه كان وقتها كافرًا.

وفي فسطاط الكفار من هو مثل النجاشي قبل إسلامه حين قال عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم «مَلِكًا لا يُظلمُ عندَه أَحَدٌ» (السلسلة الصحيحة)، وفي فسطاط الكفر مثل كسرى الذي مزق رسالة النبي صلى الله عليه وآله و سلم له فدعا عليه صلى الله عليه وآله وسلم عنه حينئذ أن يمزق الله ملكه.

وفي فسطاط الكفر من هو مثل أمير اليمن من قبل كسرى الذي أرسل له كسرى ليقبض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فآمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلم اليمن إلى ولاية الإسلام.

معسكر الكفر من الناحية السياسية يشهد اختلافات شتى

والمحصلة أن معسكر الكفر من الناحية السياسية يشهد اختلافات شتى تبدأ من العدل وحماية الضعيف ورفع الظلم (مثل النجاشي والمطعم بن عدي وملاعب الأسنة وغيرهم)، و تمر بمن لا يرفع الظلم لكنه عاقل فيدعو لسياسة كفرية عاقلة تقلل الصدام مع الحق (مثل عتبة بن ربيعة)، ومنهم من هو قريب من الإسلام لو وجد دعوة مناسبة كوالي كسرى في اليمن، ومنهم من هو محارب بحمق وحقد وغل مثل أبي لهب وأبي جهل، ومنهم من هو محارب بروية وتمهل مثل أبي سفيان قبل أن يسلم (دعاهم في بدر للرجوع وفي الخندق لما وجد مس الضرر أمر بالرجوع).

هم معسكر واحد من حيث عقيدة الكفر لكنهم ليسوا سواء من حيث النسق والسلوك السياسي فإذا تعاملت معهم سياسيًا وفقًا لكونهم واحد في العقيدة فقد أهملت واقعهم السياسي، وهذا موجود الآن أيضًا في الواقع الكفري الراهن.

حركة التاريخ والسياسة قائمة على الصراع

الدنيا كلها دار مشقة لأنها دار للابتلاء ففي الحديث: «لما خلقَ اللهُ الجنةَ قال لجبريلَ: اذهبْ فانظرْ إليها ، فذهبَ فنظرَ إليها ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لا يسمعُ بها أحدٌ إلا دخلَها، ثم حفَّها بالمكارِهِ، ثم قال: يا جبريلُ اذهبْ فانظرْ إليها، فذهبَ فنظرَ إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لقد خشيتُ أن لا يدخلَها أحدٌ، قال: فلما خلقَ اللهُ النارَ قال: يا جبريلُ اذهبْ فانظرْ إليها، فذهبَ فنظرَ إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لا يسمعُ بها أحدٌ فيدخلُها، فحفَّها بالشهواتِ ثم قال: يا جبريلُ اذهبْ فانظرْ إليها، فذهبَ فنظرَ إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لقد خشيتُ أن لا يبقَى أحدٌ إلا دخلَها» (صحيح أبي داوود:4744). ومن ضمن هذه المشقة والابتلاء أن سنة الله في حركة التاريخ والأحداث أنها تقوم على الصراع قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة:251].

البعض يسطح الأمور ويعتبر أن الصراع هو بين الحق والباطل فقط، ولكن الأمر فيه تفصيل أوسع من هذا، وهذا التفصيل مهم جدًا للتحليل السياسي الإسلامي والممارسة السياسية الإسلامية المنضبطة بالشرع الحنيف وخاصة هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه الراشدين، لعل أهم ما يساعدنا على فهم هذا التفصيل هو أن نفهم أن الصرع هو بين الإسلام الكامل الصحيح وبين إبليس، وهنا يأتي السؤال من يمثل الإسلام الكامل الصحيح؟

وللإجابة على هذا السؤال نجد أن ليس كل المسلمين كاملي الإيمان لأن الإيمان بحسب عقيدة أهل السنة يزيد وينقص، كما أنه قد يكون انحرافًا ما في الفكر أو العقيدة لدى مسلم لكن هذا لا يقدح في أصل إسلامه.

إذن ليس كل معسكر المسلمين ممثلًا لطرف الصراع ضد إبليس بشكل كامل وصحيح.

ثم يأتي السؤال الآخر وهو من يمثل إبليس في الصراع؟

هل لا يوجد أي أحد من الإنس يطيع إبليس وينفذ مخططاته سوى الكفار؟

بالطبع لا، فهناك من الإنس من يتبعه في الكفر كما أن هناك من الإنس من بين صفوف المسلمين من يتبعه في الشهوات والشبهات بل ويحارب من أجل نشر الفاحشة والشهوات والانحرافات؛ قال تعالى: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:27]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور:19].

إذن فهناك تنوعات سلوكية وعقيدية داخل الصف الإسلامي نفسه تعطي الفرصة ليتعامل إبليس مع بعضها لتدعيمه في معركته ضد الإسلام الصحيح الكامل وأهله. وهذه التنويعات سوف نتكلم عنها بقدر من التفصيل في السطور القادمة إن شاء الله تعالى، ولكن يجب هنا أن ننبه أن حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام:153] لا يعارض هذا فسبل الشيطان منها ما هو عقدي يقدح في أصل الإيمان، ومنها ما هو سلوكي يقدح في كمال الإيمان فقط ولا يقدح في أصله، وإلا لكان المرجئ أو الغارق في الشهوات حتى مماته مستقيمًا على السبيل الواحد المستقيم وهذا لا يقول به أحد من أهل السنة.

أنماط الصراع داخل مجتمع المؤمنين

في الدولة الإسلامية (وبشكل عام في أي مجتمع إسلامي حتى لو لم يكن داخل دولة إسلامية، لكن الدولة الإسلامية هي الواقع الأمثل لنا كمسلمين) هناك عدة أنساق من الصراع لكن في البداية سنقابل نسقًا عامًا يشمل الكثيرين أيًا كانت درجة إيمانهم وهو الحسد، والبعض قد يقلل من أثر هذه العملية في الواقع السياسي لكن أحداث التاريخ من أبينا آدم وحتى اليوم تثبت أن الكثير من الصراعات المهمة بكل أنواعها لم يحركها سوى الحسد. ولعل الحسد هو أحد محركات الصراع الرئيسية داخل الأمة التي أشار إليها الحديث النبوي «وسألتُه أن لا يجعلَ بأسَهم بينهم فمنَعَنيها» (مسلم:2890).

أما نسق الصراع الأخر المهم جدًا والذي ينبغي التعامل معه باهتمام شديد لأن عبره يتكون مجد الأمة أو يندثر فهو نسق الصراع بين أهل العدالة من المسلمين وبين أهل الفسق وأهل الظلم من المسلمين، فالمسلمون إما (عدول) بمفهوم العدالة المعروف في الفقه وفي علم الحديث (وهو من لم يرتكب كبيرة ولم يصر على صغيرة)، وإما مسلم فاسق (وهو من يصر على الصغيرة ويرتكب الكبائر ربما في مجال الانحراف الشخصي فيما دون حقوق الناس)، أو ظالم (وهو من يجور على حقوق الناس مرتكبًا بذلك كبائر تتعلق بالجور على حقوق الآخرين).

والصراع دائر بين أهل العدالة وأهل الفسق والظلم في إطار قوله تعالى: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النسلء:27]، وقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]، وقوله تعالى: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:41]. فأهل الشهوات من جهتهم يصارعون ليكون المجتمع الإسلامي كله مثلهم وأهل العدالة يجب عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن هذه العملية هي مناط خيرية الأمة على غيرها من الأمم كما أنها أحد أبرز أهداف التمكين كما في الآية الأخيرة، ومن هنا فالصراع قائم بين أهل الفسق والظلم من المسلمين من جهة، وأهل العدالة من المؤمنين على قضية الاستقامة على تعاليم وشريعة السلام {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود:112].

ففريق الفسق والظلم يريد انحراف المجتمع إلى مسلكهم وأهل الإيمان يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ليستقيم المجتمع على شرع الله، وهكذا فداخل معسكر أو فسطاط الإيمان عدة صراعات صراع بين أهل العدالة وأهل الفسق، وصراع بين أهل العدالة وأهل الظلم بالإضافة لصراع عام قائم على الحسد تتغير خريطته من حين لآخر ولكنه قد يصل إلى البغي فيقف في وجهه أهل العدالة تطبيقًا لقوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:9].

وهناك محور أو نسق آخر من أنساق الصراع وهو متعلق بالصراع بين أهل العدالة وأصحاب الشبهات والبدع في الدين وكذلك أصحاب التأويل الخاطئ وما ينتج عن ذلك كله من آثار في الواقع، إما مذهب فقهي غير مقبول أو مذهب عقدي كالخوارج بفرقهم والمعتزلة والمرجئة والشيعة بفرقهم جميعًا. وبذا يتضح ما ذكرناه في بداية هذا المقال من أن فسطاط الإيمان ليس كله واحدًا بل داخله أنساق عدة للصراع ينبغي فهمها والتعامل معها وفقًا للسياسة الشرعية.

آليات الصراع داخل المجتمع أو الدولة الإسلامية

ولنختم الآن بنظرة سريعة على الفكرة العامة لآليات إدارة الصراع داخل المجتمع الإسلامي مع أهل الفسق وأهل الظلم وأهل البدع والشبهات (غلو أو إرجاء أو غيرهما) وهذه الفكرة العامة ترتكز على عدة أشياء أبرزها التالي:

– الأصل هو التربية والتقويم ونشر العلم الشرعي الصحيح عبر توفير البيئة الإيمانية العامة بشكل سليم بعيدًا عن أي دعوة أو إثارة للفسق أو الظلم أو البدع أو أي تحبيذ لهم.

– وهذه البيئة تتشكل من الأسرة والعائلة والمدرسة والجامعة والمسجد والنادي وأماكن العمل والشارع ووسائل الإعلام والثقافة والترفيه المختلفة.

– تعمل سياسات الدولة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على مكافأة ورفع العدول والتضييق وخفض أهل الفسق والظلم والبدع في كافة المجالات (هناك أمثلة عديدة لذلك في التاريخ والفقه الإسلامي وعلى سبيل المثال والإيضاح نتذكر معًا الدعاء الذي دعاه العز بن عبد السلام على المنبر قائلًا: “اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك و يؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر”. ونذكر هنا أيضا أعظم مثال تطبيقي تاريخي وهو أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما حدد العطاء أي المرتبات التي قررها للمسلمين فقد ميز الصحابة وميز من الصحابة أهل بدر وميز المهاجرين والأنصار على من بعدهم من المسلمين وقال والله لا أساوي من قاتل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع من قاتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا في الاقتصاد. أما في السياسة فقد كان عمر يجمع أهل بدر ليشاورهم مقدمًا لهم على غيرهم وعندما حضرته الوفاة جعل الخلافة محصورة في الستة الذين توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو راضٍ عنهم وهذا ليس بدعة من عمر بل هو أمرٌ بدا مستقرًا في فقه الصحابة إذ عندما حدثت الفتنة الكبرى بين الإمام علي ومعاوية رضي الله عنهما وأثناء الجدل قبل وبعد مقتل علي رضي الله عنه كان يكثر القول بإرجاع الخلافة إلى من بقي من الصحابة ممن توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو راض عنهم. والشاهد أنه ليس السبق لمجرد السبق لأن السبق يكمن فيه معنى جوهري وهو العدالة وارتفاع درجة الإيمان بين أهل العدالة).

– النظام العقابي في الدولة الإسلامية قائم على أن الفسق الشخصي الذي لا يتسبب في الاعتداء على حقوق آخرين يندب فيه لأفراد المجتمع الستر على أصحابه ونصحهم في السر لا سيما لو كانوا نادمين وجنحوا للتوبة لكن إذا وصلت جريمة الفسق لمعرفة المسؤولين فلا يسعهم سوى تطبيق نظام العقوبات الإسلامي.

– النظام العقابي الإسلامي لا يسمح بالتغاضي عن الظلم الذي يمس حقوق الناس ويجب على أفراد الرعية والمسؤولين أن يسعوا إلى رفع هذا الظلم ولا يسع مسؤول بالدولة منع عقوبة الظالم أو التغاضي عن رد الحقوق لأهلها تحت أي مسمى.

– تقوم الدولة والأفراد بنصح ووعظ أهل الشبهات الفقهية أو العقدية لكن الدولة يجب عليها بشكل أكبر السعي لإزالة شبهاتهم بشكل منتظم ومنع انتشارها ومنعهم من الدعوة إلى البدع العقدية ونشرها.

– يلاحظ امتناع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن قتال الخوارج إلى أن قتلوا صحابيًا وزوجته وامتنعوا عن تقديم القتلة للإمام وامتنعوا بالسلاح فقاتلهم حينئذ. كما أنه من قبل هذا رد على شبهاتهم بنفسه وأرسل إليهم ابن عباس فناظرهم ورجع منهم الآلاف إلى الرشد بسبب هذه الردود.

الشيخ احمد المحلاوي

من هو الشيخ أحمد المحلاوي الذي حاصروه في مسجد القائد إبراهيم بالاسكندرية

فضيلة الشيخ احمد المحلاوي محاصر منذ صلاة الجمعة و حتى كتابة هذه السطور في مسجد القائد ابراهيم بالاسكندرية , و الكثيرون  لا يعرفون تاريخه لأنهم لم يكونوا ولدوا وقت أن كان هذا الشيخ الأزهري الجليل يناضل ضد الحكام الظلمة من أول السادات و حتى حسني مبارك و في السطور التالية سأذكر نقاط تمثل محطات رئيسة في حياة الشيخ أطال الله في عمره و بارك فيه :
– اشتهر الشيخ المحلاوي في السبعينات من القرن العشرين بصفته امام و خطيب مسجد القائد ابراهيم في الاسكندرية الذي يتناول قضايا الساعة السياسية و الاقتصادية في خطبة الجمعة و في دروسه بالمسجد و كان يصدع بالحق و يعلن معارضة سياسات السادات السياسية و الاقتصادية و كان ينتقد السلوك الاجتماعي و الاقتصادي لأسرة السادات و خاصة زوجته السيدة جيهان و كان يستند في ذلك على المعلومات التي كانت تنشرها الصحافة المصرية المعارضة و المستقلة و الاسلامية و كذلك الصحافة الاجنبية و قد ضاق السادات بمعارضته له ذرعا و كان يهاجمه في خطبه.
– عندما قرر السادات البطش بكبار رموز المعارضة من الاسلاميين و اليساريين و الليبراليين و المسيحيين أصدر قرارات اعتقال في 5 سبتمبر 1981م باسم قرارات التحفظ شملت 1500 شخصا و قال السادات وقتها أن هذه دفعة اولى و لو المعارضة لم ترتدع فسوف يصدر قرارا يشمل اعتقال 1500 آخرين .. و كان من بين المعتقلين حسنين هيكل و فؤاد سراج الدين و قيادات الأحزاب خاصة الوفد و التجمع و غيرهم و قيادات و أعضاء من الاخوان المسلمين و القطبيين و الجماعة الاسلامية و الجهاد و مستقلين .. و كان من بين من تم اعتقاله الشيخ احمد المحلاوي.
– كان اعتقال المحلاوي حينئذ له ظروف مختلفة عن بقية المعتقلين لعدة أسباب:
 فأولا – كان كل أهل الاسكندرية يحبونه لمعارضته القوية و العلنية للسادات و أيضا لأنه كان يقوم بأعمال مجتمعية و خيرية واسعة بمساعدة الفقراء و الأرامل و اليتامى سواء في مجال المعيشة أو العلاج كما كان ينسق دروسا خاصة لطلبة كليات الطب و العلوم و الهندسة  الفقراء بالمسجد كما كان يساعدهم في الحصول على الأدوات و الكتب المطلوبة لدراساتهم و لمعاملهم و كل ذلك عبر جمعه الأموال من المتصدقين و تخصيصها و توزيعها في هذه الأغراض .. و من هنا فقد خرج نحو مليون متظاهر بالاسكندرية صبيحة اعتقاله مما أجبر مباحث أمن الدولة لاطلاقه من الاعتقال لتهدئة الناس .. و بعد أن هدأ الناس بعدة أيام اعيد اعتقال الشيخ احمد المحلاوي مرة أخرى.
و ثانيا- كان الشيخ أحمد المحلاوي  أبرز معارض لنظام الحكم حينئذ من حيث كراهية السادات الشديدة له و بالتالي فإن السادات أوصى أنه ينكل به في السجن  أكثر من بقية الـ 1500 معتقل الاخرين و لذلك فكلهم تم وضعهم في سجن استقبال طرة و الذي كان احدث سجون مصر حينئذ و أكثرها آدمية (كانوا هم أول من يدخل هذا السجن فور الانتهاء من تشييده و كان يطلق عليه داخل السجون الأخرى اسم الفندق) بينما تم وضع الشيخ أحمد المحلاوي في أسوأ مكان بسجن ليمان طرة و هو عنبر التأديب حيث لم يكن يوضع في هذا المكان حينئذ سوى الخطرين جدا من المجرمين و تجار المخدرات.
و خطب السادات بعد ذلك و ذكر في خطابه فضيلة الشيخ أحمد المحلاوي باسمه ثم قال قولته البذيئة المشهورة “أهو مرمي في السجن زي الكلب”.
و بعد ذلك بنحو شهر واحد و في 6 أكتوبر 1981م اغتال الملازم أول مدفعية خالد الإسلامبولي و رفاقه الرئيس محمد أنور السادات و ذكروا في تحقيقات النيابة معهم أن قتلهم للسادات جاء لعدة أسباب و منها أنه تطاول على علماء الاسلام فقال عن الشيخ حافظ سلامة “المجنون بتاع السويس” و قال عن الشيخ المحلاوي “أهو مرمي في السجن زي الكلب”.
بعدما قتل السادات أفرج حسني مبارك عن الـ 1500 معتقل الذين كان السادات قد اعتقلهم و لكن لم يسمح للمشايخ الأزهريين من العودة للخطابة و التدريس في مساجدهم و من هؤلاء المشايخ الذي خرجوا من المعتقلات و منعوا من الخطابة و تدريس العلم فضيلة الشيخ عبد الحميد كشك و د. عبد الرشيد صقر و الشيخ أحمد المحلاوي و اخرون .. الا ان الشيخ المحلاوي استمر في الطواف في محافظات مصر المختلفة يلقى الخطب و الدروس الدينية و السياسية المعارضة للرئيس المخلوع حسني مبارك مما دعا مباحث أمن الدولة للقلق من انتشار أفكاره في كافة محافظات مصر فطلبوا من وزارة الوقاف اعادته لمسجده بالاسكندرية (القائد ابراهيم ) لاشغاله به عن الطواف بالمحافظات المختلفة , و لما لم تفلح هذه الحيلة في وقف نشاط المحلاوي بالمحافظات (و كان وقتها في الخمسينات من عمره على ما أذكر) فإن مباحث أمن الدولة استخدمت القمع عبر منعه من مغادرة الاسكندرية بالقوة عبر قوات الشرطة.
و ظل الشيخ أحمد المحلاوي مجاهدا ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك بخطبة الجمعة و الدروس في مسجده بالاسكندرية لدرجة أنه في مرحلة ما  ألقى سلسلة من الخطب و الدروس يدلل فيها على كفر و ظلم و طغيان حسني مبارك و تم تسجيلها (كما حدث لجميع خطبه و دروسه) على شرائط الكاسيت و انتشرت في كل أنحاء مصر و لم يخش من مباحث أمن الدولة و لا من مبارك … و ظل الشيخ مناضلا إلى ان وهنت صحته و أحالته الأوقاف الى المعاش فلزم بيته بسبب ضعف صحته و لكن عندما اندلعت ثورة 25 يناير 2011م فإن اغتباطه و فرحه بهذه الثورة التي أطاحت بالطاغية الذي فنت صحة الشيخ في النضال ضده هذا الفرح رفع روحه المعنوية مما انعكس على حالته العامة فانطلق  يشارك في فاعليات ثورية بالاسكندرية منذئذ كما عاد للخطابة بمسجده السابق “مسجد القائد ابراهيم” الى أن حاصره اليوم مجموعة من المراهقين سياسيا و حتى الان في هذا المسجد الذي شهد نضال الشيخ ضد طاغيتين من طغاة مصر (السادات و مبارك) قبل أن يولد هؤلاء المراهقون سياسيا المضللون فكريا المأجورون ماليا.
و لابد أن أذكر في النهاية شهادتي عن زهد فضيلة الشيخ أحمد المحلاوي فهو رغم أن ملايين الجنيهات مرت عبر يده و وزعها على الفقراء و رغم أنه كان يمكنه السفر للعمل بالخليج و لكنه فضل الجهاد السياسي في مصر و رغم ذلك كله فقد زرت فضيلة الشيخ عام 1989م عدة مرات في شقته المكونة من غرفة (أو ربما غرفتبن) و صالة فوق سطح عمارة في الاسكندرية يسكن فيها هو و اسرته و أثاثها متواضع و لم يكن لديه سيارة و لا سكرتير و لا أي شئ ذي بال.. و أظن ان حاله كما هو حتى الآن.
هذه كلها نقاط مختصرة من حياة الشيخ أحمد المحلاوي و نضاله و لا توفي الشيخ أحمد المحلاوي حقه من الترجمة و التأريخ لكن دفعني لها أنني صدمت باجيال حالية مراهقة سياسيا و مضللة فكريا ومأجورة ماليا تحاول أن تسيطر بالبلطجة على المشهد و الشارع السياسي المصري دون أن يدركوا لا حقائق الفكر و لا التاريخ و لا السياسة لأن من يحرضونهم و يضللونهم و يستفيدون من حركتهم لن يمكنهم ذلك سوى بتزييف الحقائق لتتم عملية تضليلهم وإيجارهم بنجاح.

حازم صلاح ابو اسماعيل

تحولات خريطة الإسلاميين على مشارف جمهورية الثورة المصرية

أبرزت انتخابات الرئاسة الخلافات السياسية بين الإسلاميين ، إذ انقسم الإسلاميون لثلاث طوائف مختلفة، تكونت كل طائفة من عدد من الجماعات والأحزاب والشخصيات الإسلامية البارزة وتمحورت حول مرشح واحد. طائفة كبيرة من المستقلين تمحورت حول حازم صلاح أبوإسماعيل، وكان بينهم عدد من رموز التيار السلفى بشكله العام، بالإضافة إلى جماعة القطبيين بينما تمحور الإخوان وفريق من السلفيين حول المرشح الإخوانى محمد مرسى وتمحورت الدعوة السلفية وحزبها “النور” والجماعة الإسلامية وحزبها “البناء والتنمية” حول المرشح المستقل عبدالمنعم أبوالفتوح، ورغم تفرق أنصار أبوإسماعيل بين مؤيدين لمرسى مثل جماعة دعوة أهل السنة “القطبيون” ومؤيدين لأبوالفتوح بعد رفض ترشح أبوإسماعيل، فإنه يمكن القول إن هذا أمر عابر وسيعود “حازمون، كما يحلو للبعض أن يسميهم، للالتفاف حول حازم أبوإسماعيل سياسيا بعد الانتهاء من انتخابات الرئاسة المصرية.

انتخابات الرئاسة المصرية

وعلى كل حال فلم تكن انتخابات الرئاسة المصرية هى أول قضية سياسية هامة تختلف عليها القوى السياسية الإسلامية سواء كانوا أحزابا أو جماعات، فسبق أن اختلف سلفيو حزب النور فى البرلمان مع حزب الحرية والعدالة “الإخوان المسلمون” حول إقالة حكومة الجنزورى وتشكيل حكومة من حزب الأغلبية، ومنذ أسبوع انتقد قادة حزب النور “الإخوان المسلمون” واعتبروا أن الجماعة وحزبها تتعمد التسويف فى التوافق على تكوين الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور.

كما مال حزب البناء والتنمية فى العديد من المواقف للتمايز عن حزب الحرية والعدالة ومنذ أسبوع اصطدم برلمانيو البناء والتنمية بقيادة عامر عبدالرحيم وأشرف عجور مع برلمانى حزب الحرية والعدالة، بسبب رفض أعضاء الأخير بقيادة صبحى صالح القيادى الإخوانى ووكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب لقانون العفو عن مسجونى الجماعة الإسلامية والجهاد، الذين صدرت ضدهم أحكاما بالسجن أو الإعدام فى قضايا سياسية فى عهد مبارك من قبل المحاكم العسكرية وفقا لقوانين الطوارئ.

الجماعة الإسلامية

والتمايز لم يقتصر على الخلافات بين حزب البناء والتنمية “الجماعة الإسلامية” وحزب الحرية والعدالة وحزب النور “الدعوة السلفية”، بل امتد الخلاف لأطراف إسلامية أخرى كحزب الوسط، ومن أمثلة ذلك الخلاف الذى نشب أثناء مناقشة قانون العزل السياسى بين حزب الوسط وحزب الحرية والعدالة، عندما أصر الحرية والعدالة على تضييق قانون العزل السياسى لأضيق نطاق بعكس ما كان قد اقترحه حزب الوسط فى مشروع القانون الذى قدمه نائب رئيس الحزب النائب عصام سلطان، وإن كان عصام سلطان لم يضرب رأسه فى الصخر، ولم يعارض إرادة الأكثرية الإخوانية ووافق على الصياغة التى اقترحها حسين إبراهيم زعيم الكتلة البرلمانية للحرية والعدالة من أجل تمرير القانون بسرعة، وفى نفس سياق الخلافات بين الإخوان وحزب الوسط كان أبوالعلا ماضى، رئيس حزب الوسط إسلامى منشق عن الإخوان المسلمين” قد شدد فى حوار تليفزيونى على أن مصر صعب أن يبلعها حزب واحد فى “زوره”، رافضا المنهج الذى ينتهجه حزب الحرية والعدالة سياسيا ورغبته فى الاستحواذ على كل مقاليد السلطة فى فترة لم تستقر فيها الأوضاع فى مصر، مما يهدد أهداف الثورة، وأكد ماضى أن الإخوان المسلمين لم يقدموا تنازلات حقيقية من أجل أن تحقق الثورة أهدافها، وانتقد منهجهم فى تشكيل تأسيسية الدستور وتغيير كلامهم فى خوض انتخابات الرئاسة، وفى نفس سياق الخلافات بين الإخوان المسلمين وحزبهم الحرية والعدالة من جهة والعديد من القوى الإسلامية الأخرى، أثارت تصريحات حادة أطلقها الداعية الكبير وأحد قادة الدعوة السلفية الشيخ الدكتور أحمد فريد، سخط قادة الإخوان المسلمين، حيث انتقد فريد جماعة الإخوان المسلمين فى مؤتمر لمناصرة أبوالفتوح فى أسيوط وقال إن مصلحة الجماعة هى وثن يعبده الإخوان واتهمهم بأنهم يقدمون مصلحة الجماعة على كل شىء.

كل هذه النزاعات السياسية بين القوى الإسلامية الممثلة فى العملية السياسية تطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقة بين القوى الإسلامية فى المرحلة المقبلة، لا سيما وأن البلاد ستشهد استحقاقات سياسية هامة بعد الانتهاء من انتخابات الرئاسة وتسليم السلطة للرئيس المنتخب ورجوع الجيش لثكناته

القوى السياسية الإسلامية

فهل ستتحرك القوى السياسية الإسلامية ككتلة واحدة فى مواجهة القوى الأخرى؟ أم ستتنوع مواقفها وتتعدد؟ وهل ستنقسم القوى الإسلامية إزاء الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى ستواجهها الدولة المصرية والمجتمع فى المرحلة المقبلة، أم أن خياراتها ستكون واحدة إزاء هذه الاستحقاقات الهامة والمصيرية؟ وقبل وبعد ذلك كله، ما هى الاتجاهات الأساسية والخلفيات الاجتماعية لكل من هذه القوى والتى ستحدد موقفها إزاء المشكلات والأزمات العديدة التى تواجهها البلاد؟

كل هذه الأسئلة وغيرها لا يمكن الإجابة عنها إلا عبر التأمل فى مسارين:
المسار الأول: مستقبل خريطة هذه القوى السياسية الإسلامية وهل ستظل على حالها أم ستطرأ عليها تغيرات؟

المسار الثانى: الطبيعة والميول الفكرية والخلفيات الاجتماعية لكل واحدة من هذه القوى الإسلامية.

و بالنسبة للمسار الأول، فمما لا شك فيه أن خريطة القوى السياسية الحالية ستتغير خلال ثلاثة شهور على الأكثر لتشهد عدة تغيرات كبيرة، وسيكون التغير الأول والهام هو تنظيم حازم صلاح أبوإسماعيل لحركة سياسية ودعوية كبيرة يكون ذراعها السياسى حزب الأمة المصرية تحت التأسيس والمدعوم من مؤسس السلفية المصرية الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق وهذه الحركة ستخصم بشكل أساسى من أعضاء الدعوة السلفية وقواعدها الشعبية، كما أنها قد تضم ما لايقل عن خمسين من أعضاء مجلس الشعب عن حزب النور، مما يخفض من تمثيل حزب النور بالمجلس ويضع حازم أبوإسماعيل داخل المجلس عبر تمثيل حزبه بأكثر من خمسين عضوا، وسوف ينضم لحزب حازم أبوإسماعيل الكثير من الدعاة والشباب الذين يتبعون الحركة السلفية بالقاهرة التى تمثل الحاضنة لحزب الأصالة السلفى، الذى يرأسه اللواء الدكتور عادل عفيفى بتوجيه ورعاية دينية من شقيقه العلامة السلفى د. محمد عبدالمقصود عفيفى، كما قد ينضم قليل من شباب الإخوان المسلمين لحزب حازم صلاح أبوإسماعيل.

أما التغيير الثانى المهم الذى سوف يطرأ فى المدى القريب على خريطة القوى الإسلامية فهو تحويل حملة الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح لحركة سياسية منظمة لها حزبها السياسى، وهو استثمار سياسى سيكون ناجحا، لأن حملة عبد المنعم أبو الفتوح تمثل مزجا فذا للعديد من شرائح المجتمع المصرى الفكرية والاجتماعية والسياسية والدينية، ورغم أن أبوالفتوح يعتبر أن حملته ومؤيديه هم التيار المصرى العام فإنه من المنتظر أن يخصم التنظيم السياسى لأبوالفتوح من عناصر وقواعد جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، بل من المحتمل أن ينضم عدد قليل من أعضاء مجلسى الشعب والشورى عن حزب الحرية والعدالة لحزب عبدالمنعم أبوالفتوح، الأمر الذى سيقفز بأبوالفتوح ليضعه فى قلب العملية التشريعية داخل مجلس الشعب . 

الدعوة السلفية و حزب الأصالة

هناك كيان سياسى واحد أو حتى كيانين قد ينشآ فى نفس الفترة سيضاعفا من جراح الدعوة السلفية وحزبها النور وكذلك سلفية القاهرة وحزبها الأصالة، وإن كانا لن يخصما كثيرا من عناصر وقواعد جماعة الإخوان المسلمين، لكنهما سيسببا مزيدا من الإحراج السياسى والدينى لجماعة الإخوان المسلمين وحزبها بسبب الطبيعة الدينية والثورية السياسية والاقتصادية التى تتبناها جماعة دعوة أهل السنة “القطبيون” بقيادة العلامة عبدالمجيد الشاذلى، وهذه الجماعة هى أحد أهم هذين الحزبين السياسيين المرتقبين، أما التنظيم السياسى الثانى فهو الجبهة السلفية التى تنوى أن تؤطر عملها السياسى عبر حزب الفضيلة السلفى، وهو حزب قائم فعلا لكن لم يشارك فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى، وإن ساند د. محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية.

الخريطة السياسية للإسلاميين

كل هذه المتغيرات ستجعل الخريطة السياسية للإسلاميين مختلفة وستضعف الحزبين الرئيسيين “الحرية والعدالة” و”النور” ومن ورائهما جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية، كما أنها ستتيح للقوى السياسية المختلفة خيارات مختلفة للتعاون والتنسيق والتحالف، كما أنها ستحرج قوى عديدة بسبب الخيارات الاقتصادية والاجتماعية التى ستطرحها، والتى تعتبر مغايرة جذريا للطبيعة شبه الرأسمالية عند الإخوان المسلمين وسلفيى النور، كما قد تحرجهم بسبب مواقف هذه الكيانات الجديدة السياسية الأكثر جذرية ووضوحا من كل من الإخوان وسلفيى النور.

وهذا كله يقودنا للمسار الثانى فى مجال التأمل بشأن مستقبل العلاقات بين القوى السياسية الإسلامية، وهو المسار الخاص بالطبيعة الفكرية والاجتماعية لهذه القوى بشكل عام الجديدة منها والقديمة، مع ملاحظة أن طبيعة التناول هنا بوصفه تناولا صحفيا، فإن المجال لن يتسع فيه للتعمق فى الجوانب الفكرية لهذه القوى، لكن يمكن القول باختصار أن جماعة الإخوان المسلمين وسلفيى حزب النور “الدعوة السلفية”، هما قوتان تقليديتان سياسيا ترسخت خبراتهما السياسية فى مجال واحد، هو مجال عقد الصفقات مع الأقوى والقناعة بقبول الأقل من هذا الأقوى دون الطموح للحصول على الأقصى، ودون أى خيال سياسى يسمح لهذا الطموح بأن يتسرب للعقل السياسى للجماعة مع المراهنة الدائمة، على أن مرور الوقت دون الصدام مع الأقوى ستأتى بالخير للجماعة، لأن المجازفة عندهم هى تهور غير مقبول، ومن البديهى أن تفكير كهذا لن يتيح لصاحبه ممارسة مفاوضات ناجحة مع الخصم أو المنافس بشكل حرفى قائم على التجاذب والضغط للحصول على أقصى مكاسب ممكنة، ولعل أبرز مثال على ذلك بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين هو الفيديو المنتشر على شبكة الإنترنت، والذى يصور لقاء تليفزيونيا أجرى مع د. سعد الكتاتنى أثر اجتماع ممثلى الإخوان المسلمين مع اللواء عمر سليمان أثناء الثورة وكلام سعد الكتتانى، الذى أثنى فيه على اللقاء وعلى لغته وأطروحاته، وقال ما معناه، أن النظام قد تغيرت سياسته، وطبعا لو كان شباب الثورة بالتحرير قد أخذوا بهذا الطرح كانوا غادروا التحرير، وما كان مبارك قد تنحى ولظل عمر سليمان نائبا له وشفيق رئيسا للوزراء والله أعلم بالباقى، أما المثال البارز بالنسبة لجماعة الدعوة السلفية فهو إصرارها حتى آخر يوم للثورة، على أن التظاهر والثورة حرام وإصرارها حتى اليوم على عدم الاعتراف بأن موقفها هذا كان خطأ.

القوى الجديدة بعد الثورة المصرية

و على أية حال فالقوى الجديدة لن ترى أن السياسة هى صفقة رخيصة مع الأقوى بل هى صراع وثورة وتفاوض مرير للحصول على الحقوق، لأن الكيانات الجديدة قوامها شباب عركته أحداث وخبرات الثورة المصرية طوال الـ 16 شهرا الماضية، كما أنهم لم تكسر عزيمتهم السياسية القبضة الحديدية للقمع، الذى أدارته أجهزة النظام الديكتاتورى طوال العقود الماضية، صحيح أن منهم من خرج من بوتقة الإخوان والسلفيين وأبوالفتوح هو المثال الأبرز، لكن الحقيقة أنهم ما خرج منهم من خرج عن الإخوان والسلفيين إلا لأن أفاقه السياسية تطورت ونضجت وحلقت عاليا فى سماء الطموح والخيال السياسى “مع ملاحظة أن الخيال أحد مكونات الإبداع” فتمردت على الأفاق المقيدة المحصورة عند جماعتى الإخوان المسلمين والدعوة السلفية، ومن هنا سيأتى تميز هذه القوى الجديدة لو انطلقت كما نتوقع وكما أعلنوا هم إما صراحة كحازم أبوإسماعيل وإما تلميحا أشبه بالتصريح كما أعلن أبوالفتوح عن استمرار مشروعه وحملته لخير مصر.

الجانب أو الفرق الآخر الخاص بالقوى الإسلامية السياسية المختلفة عن الإخوان المسلمين وسلفيى النور هو الجانب الاجتماعى، فقيادة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية يغلب عليها طابع الانتماء للشريحة العليا من الطبقة الوسطى، وكذلك جزء منها هو من الطبقة العليا بدرجة ما “الأثرياء” أما الكيانات الجديدة وكذلك الجماعة الإسلامية، فيوجد قطاع كبير بينهم من العمال والفلاحين والشريحة الوسطى والدنيا فى الطبقة الوسطى، فضلا عن وجود ملحوظ لأفراد الطبقة الدنيا خاصة فى حزب حازم والجبهة السلفية، أما القطبيون فبرغم أنهم موزعون على كل الطبقات فإن فكرهم ومشروعهم الاقتصادى يرجح نظام الاقتصاد المختلط بشرط التخطيط المركزى للاقتصاد بشكل عام بما يشبه بشكل ملحوظ الخيارات الاقتصادية اليسارية.

وانطلاقا من هذا كله فمن المتوقع ليس فقط أن نشهد خلافا بين القوى السياسية الإسلامية حول الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى الفترة المقبلة، بل من المنتظر أن نرى تغيرا فى أطروحات وخيارات إسلامية جديدة بعضها يقترب من اليمين وبعضها يقترب من اليسار، كما سنرى تغيرا فى الأوزان النسبية لمستوى القوة السياسية لدى كل تيار.

ولكن يبقى سؤالا مهما مفتوحا لفترة طويلة وهو: هل ستقف القوى الإسلامية القديمة موقف المتفرج من التغيرات السريعة والمتلاحقة التى تشهدها وستشهدها الساحة السياسية المصرية، أم سيكون لها إجابة أخرى على هذه التغيرات تختلف عن إجابتها التى اعتدنا عليها لعقود طويلة مضت؟.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 نشر هذا الموضوع في جريدة اليوم السابع.

خيرت الشاطر الزعيم الاخواني

خيرت الشاطر الزعيم الاخواني الصاعد

خيرت الشاطر هو على رأس من تنتظر جماعة الإخوان أن يصدر حكما اليوم عليهم من قادتها، وذلك في إعادة محاكمة 40 قياديا بالجماعة على رأسهم المهندس خيرت الشاطر رجل الجماعة القوي و نائب المرشد العام، و المتوقع أن يصدر الحكم بالبراءة على الشاطر ليزيل العقبة القانونية الرئيسية التي تحول دون تولي الشاطر رئاسة حكومة الاخوان المسلمين المرتقبة ، و كان الشاطر قد حكم عليه بالسجن ثماني سنوات وخرج عقب قيام ثورة 25 يناير عبر الإفراج الصحي من المجلس العسكري و ذلك في القضية التي عرفت اعلاميا باسم «ميليشيات الإخوان بالأزهر», فمن هو خيرت الشاطر الذي تنتظر مصر الحكم عليه بالبراءة من أجل أن يتولى رئاسة الوزراء؟؟

ولد الشاطر بالدقهلية في 4/5/1950 و حصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة الإسكندرية عام 1974كما حصل على ماجستير الهندسة من جامعة المنصورة انضم الشاطر لصفوف المتدينين الذين لم يكن لهم أي لون سياسي عام 1967 حيث كان الاخوان المسلمون في السجن  و شارك في مظاهرات الطلبة الشهيرة عام 1968 و ظل ناشطا اسلاميا مستقلا إلى أن خرج الاخوان المسلمون من السجن و سعوا لاعادة بناء الجماعة من جديد  عبر احتواء طلبة الجامعة المتدينين و عندها انقسم الطلبة بين سلفيين مخالفين للاخوان و آخرين انضموا للاخوان و كان الشاطر بين من انضموا للاخوان بجامعة الاسكندرية عام 1974.

هذا الجيل الذي بنيت عليه جماعة الاخوان المسلمين منذ منتصف السبعينات ضم العديد من الرموز التي قادت الجماعة في التسعينات و لكن كان أشهرهم خيرت الشاطر و عصام العريان و عبد المنعم أبو الفتوح و ثلاثتهم اقترب من منصب المرشد لكن كل منهم تفرقت به السبل فعبد المنعم أبو الفتوح فصلته الجماعة لخروجه على قرارتها و العريان يقود حزب الجماعة بينما الشاطر آثر أن يظل ممسكا بزمام القوة في قلب الجماعةو عندما أوشكت وسائل الاعلام العلمانية أن تلمع الشاطر بصفته معتدل و حداثي و يقف ضد المحافظين في الجماعة آثر خيرت الشاطر التواري عن الاعلام عبر الامتناع عن أي تصريحات علنية لا عبره و لا عبر أسرته نظرا لأنه كان في السجن في أوج هذه الحملةفخيرت الشاطر رجل المهام الخفية إن جاز التعبير أو يحب العمل بعيدا عن الأضواء و لا ننسى أن الشاطر هو الذي أدار المفاوضات السرية التي أجراها الاخوان مع الحكومة تمهيدا لانتخابات 2005 و التي فاز فيها الاخوان بـ 20% من مقاعد مجلس الشعب و ربما رغبته في العمل خلف الكواليس هي التي جعلت لقائه الأخير الذي تم مع جون ماكين يوصف بأنه لقاء سري رغم أن الاخوان ينفون عنه السرية الآن.

و العمل خلف الكواليس ليست هي السمة الوحيدة من سمات الشاطر السياسية فهناك سمة أخرى هامة و هي اهتمامه بما يحلو للاخوان المسلمين بتسميته بطمئنة الغرب بشأن حكم الاخوان المسلمين و يبدو ان الشاطر هو أول من سك هذا المصطلح عبر مقاله الذي كتبه لجريدة (جارديانالبريطانية في عددها الصادر يوم الأربعاء 23 نوفمبر 2005عشية اكتساح الاخوان للجولة الأولى من انتخابات مجلس الشعب بعنوان  لا داعي للخوف منَّا” و ربما اهتمام الشاطر هذا بطمئنة الغرب هو ما دفعه لتأسيس الموقع الرسمي للاخوان المسلمين باللغة الانجليزية اسلام ويب” و الذى قام من خلاله بالتواصل مع العديد مع الجهات الغربية ممثلة في مراكز أبحاث و منظمات أوروبية و أمريكية و طمئنة الغرب حسب المصطلح الاخواني وصلت لتصريح الشاطر بان الاخوان المسلمين ملتزمين  بإتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل ،حيث ذكر  انه يوجد للإخوان المسلمين التزام بكافة الاتفاقات التي سبق التوقيع عليها وليس اتفاقية كامب ديفيد فقط  بل ايضا إتفاقية الغاز الموقعة مع إسرائيل ،وذلك لأن هذه الاتفاقية تم التوقيع عليها من قبل حكومات وليس من قبل  شخصيات مستقلة و من هنا نفهم طبيعة الحوار الذي يمكن أن يكون قد دار بين الشاطر و مكين و تردد أن بعض المصادر ألمحت إلى أن هناك اعتقادا بأن خيرت الشاطر، وافق على طلب ماكين فى اللقاء الذى استمر لمدة ساعة باطلاق الأمريكيين المتهمين بقضية التمويل من باب توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية لكن الدكتور محمود حسين الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين أكد أن لقاء خيرت الشاطر وماكين لم يتطرق لقضية التمويل.

و على كل حال فأهمية موافقة الاخوان المسلمين أو حتى السلفيين على أي تحرك كبير و هام يقوم به المجلس العسكري أمر مسلم به و إلا تعرض هذا الأمر للفشل و تراجع عنه المجلس العسكري و إن كان ذلك أمر غير معلن و وثيقة السلمي مجرد مثال بسيط على ذلك .

أما مسألة تولي الشاطر للوزارة فأمر مختلف فيه بين الشاطر و جماعة الاخوان إذ اكدت مصادر داخل الجماعة أن هناك أمران متعارضان  سيحددان مصير تولي الشاطر رئاسة وزراء وزارة الاخوان المسلمين المرتقبة الأول أن الشاطر نفسه يرفض تولي المنصب و أشارت هذه المصادر إلى أنه  سبق أن عزف عن المشاركة في مناصب حزب الحرية و العدالة أو حتى فاعلياته أما الأمر الاخر الذي يتعارض مع هذا الأمر فهو رغبة الجماعة الملحة في ان يتولي الشاطر هذا المنصبو قالت المصادر التي اشترطت عدم ذكر اسمها أن الجماعة تعتبر أن الشاطر هو طوق النجاة للجماعة لانقاذ اقتصاد مصر  و من ثم فإنها لا ترى بديلا عنه للقيام بمهمة انقاذ الاقتصاد المصري الذي شارف على الانهيارو رجحت هذه المصادر ان تنجح ضغوط الجماعة في اقناع الشاطر بقبول المنصب نزولا على رغبة دوائر الجماعة العليا و قواعدها على حد سواءو من ناحية أخرى نفت هذه المصادر ما نشرته جريدة الأهرام أمس عن أن الجماعة ترغب في ابعاد الشاطر عن منصب رئاسة الوزراء و قالت المصادر إن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة .

و إن كان الإعلان الدستوري للمجلس العسكري يقصر حق تشكيل الحكومة أو إقالتها على المجلس الأعلى للقوات المسلحة فلا شك أن برجماتية الشاطر و عمله الدائم خلف الكواليس و استمراره في طمئنة الولايات المتحدة و أوروبا و اسرائيل فإن ذلك كله قد يدفع الولايات المتحدة للتوسط بين الاخوان و المجلس العسكري لأجراء صفقة ما قد يكون أول ضحاياها حكومة الجنزوري الحالية

اللواء الدكتور عادل عفيفي

حوار مع اللواء الدكتور عادل عفيفي رئيس حزب الأصالة السلفي

برز حزب الأصالة السلفي كأحد الأحزاب السلفية علي الساحة المصرية في الآونة الأخيرة‏، وأصبح المنافس الأهم لحزب النور السلفي في الصراع للاستحواذ علي القاعدة الشعبية السلفية الواسعة رغم دخولهما في تحالف انتخابي ضمهما مع حزب البناء والتنمية‏ (‏حزب الجماعة الاسلامية‏)‏ في قوائم انتخابية موحدة باسم حزب النور‏,‏ ومن هنا كان من المهم التحاور مع شقيق العلامة السلفي محمد عبدالمقصود وهو اللواء الدكتور عادل عفيفي رئيس الحزب الذي ظل رجل الحزب القوي رغم الخلافات التي كادت تعصف بالحزب حتي انها قسمته لحزبين رسميين الأصالة بقيادة عفيفي والفضيلة بقيادة محمود فتحي‏,‏ وفي هذا الحوار رأي عفيفي ان دور المرأة السياسي محصور في البيت وان الاقباط يوجد حزب أقرب لهم من حزبه هو حزب ساويرس وان الصوفية يرتكبون شركا‏,‏ كما يري ان التجربة الحزبية المصرية مازالت في مهدها وان خريطتها لن تظل ثابتة علي الوضع الراهن بل ستتغير حتما بعد فترة خاصة في مرحلة ما بعد الانتخابات القادمة وتبعا لنتائج الانتخابات‏..‏ وإلي الحوار‏:‏
‏*‏ هل تعتبرون أنفسكم في صراع مع الصوفية لاسيما أنهم أسسوا حزبا لينافسوكم سياسيا؟
‏**‏ لسنا في صراع مع الصوفية فكلنا مسلمون والبدع والمنكرات التي عند الصوفية يرتكبها عوام الصوفية وهي شرك لكنهم لايقصدون الشرك ويحتاجون لمن يفهمهم الصواب فقط‏,‏ ولايمكننا القدح في الصوفية لان عندنا بعض اكابر العلماء هم من الصوفية مثل الامام ابي حامد الغزالي صاحب كتاب احياء علوم الدين‏,‏ وأنا احذر من الايقاع بين جموع المسلمين بدعوي هذا سلفي وهذا صوفي فالسلفيون هم المسلمون والصوفية انفسهم يعتبرون انفسهم سلفيين والسلفيون هم حماة الشريعة وحراس العقيدة والسلفية قرآن وسنة يعني لايوجد شئ جديد والملاحظ الآن ان من يريد مهاجمة الدين يقول سلفية‏,‏ فاللفظ صار فزاعة وحل محل الجماعة المحظورة الذي كان يطلق علي الاخوان المسلمين وانا اذكركم بأنها كانت جماعة منحلة أيام ناصر ثم محظورة ايام مبارك والآن يتحاور معها الامريكان ويقولون هذا أمر واقع ومن هنا صارت هناك ضرورة لايجاد فزاعة جديدة هي السلفية علما انني اعتبر كل المسلمين سلفيين‏.‏
‏*‏ لكن السلفيين لديهم أفكار متشددة فما تعليقك؟
‏**‏ المخطط الغربي لضرب المسلمين بعضهم ببعض هو تقسيم الاسلام الي اسلام معتدل وثاني متطرف وآخر متشدد‏,‏ وهناك اليورو اسلام والاسلام الامريكي‏,‏ وده كله كلام فارغ فالاسلام هو الاسلام وكل انسان يأخذ بعض الامور بطريقته وهذا لايضر‏,‏ فهذا يقيم الليل يصلي وهذا يصلي ركعتين فقط وهذا لايضر‏.‏
‏*‏ هل تري ان هناك عداء غربيا للاسلام والمسلمين؟
‏**‏ العداء للاسلام ليس جديدا بل هو قديم وعماده دائما كان اليهود أنت تعرف ان قديما دخل يهود في الاسلام وصاروا شيوخا وضعوا اشياء مكذوبة في الدين فاليهود هم من أسسوا التشيع وهم من اسسوا القاديانية والبهائية‏.‏
‏*‏ ماهو مبرر تعدد الأحزاب الإسلامية؟
‏**‏ أنا أعترض علي وصفنا بأننا حزب اسلامي فنحن حزب سياسي قام طبقا لقانون الاحزاب السياسية‏,‏ لنا توجه اسلامي نعم‏,‏ أنا مسلم نعم‏,‏ لكن أنا اسمي حزب سياسي‏,‏ وهذا كله جديد علي الناس فالناس لم تشهد احزابا حقيقية منذ ستين عاما‏,‏ الآن تغيرت الظروف بفضل الله وصار للناس حرية ممارسة حقوقهم السياسية فنشأت احزاب كثيرة‏,‏ وسوف نري التطبيق العملي لهذه الحياة الحزبية وما سوف ينتج عنها فهناك احزاب سوف تقوي وثانية سوف تضعف وثالثة سوف تنهار واخري سوف تندمج مع نظرائها وهكذا‏.‏
‏*‏هل معني هذا أن تحالفكم الحالي مع النور والبناء والتنمية ممكن أن يتحول إلي اندماج كامل؟
‏**‏ دع التجربة تثبت‏,‏ وبعد نتائج الانتخابات سنري‏,‏ فربما تنطبق النظرية الطبيعية من حيث البقاء للأقوي بمعني أن الضعيف سيتحالف مع القوي‏.‏
‏*‏ وصفتم حزب الحرية والعدالة بالخبرة فبماذا تصفون حزب النور؟
‏**‏النور لديهم تنظيم جيد‏,‏ أنا كحزب الأصالة عمري الحزبي شهران‏,‏ النور بدأ مبكرا ولم يضع وقتا في التحالف مع الحرية والعدالة واشتغلوا بأنفسهم مباشرة وعندهم كوادر وجهاز اداري ومع ذلك لايمكن أن تقارنا أو تقارن النور بالحرية والعدالة اللي بيشتغلوا في السياسة من‏80‏ عاما‏,‏ وغم أننا جدد في العمل السياسي فليس هذا معناه ألا نحاول‏,‏ والأحزاب الجديدة كلها لها أن تجرب أنفسها ثم تقيم السلبيات والايجابيات بعد الانتخابات لأننا جميعا محتاجون لمراكمة الخبرات السياسية وهذا لايتأتي إلا بالممارسة الفعلية المتكررة‏.‏
*‏هل كانت لكم اتصالات بالإخوان المسلمين؟
‏**‏ نحن كنا جزءا من التحالف الديمقراطي مع الاخوان لكن انسحبنا في اللحظات الأخيرة وكان تم فتح باب الترشيح ولم يكن لدينا وقت لعمل قوائم علي مستوي الجمهورية فانضممنا لإخواننا في التحالف مع النور والبناء والتنمية‏.‏
‏*‏ لماذا انسحبتم من التحالف الديمقراطي؟
‏**‏ كان تقديرهم لقوتنا في الشارع أقل بكثير من تقديرنا نحن لأنفسنا فانسحبنا مع استمرار احترامنا لهم‏.‏
*‏ وكيف قدرتم قوتكم في الشارع؟
‏**‏ قدرناها بحسب قاعدتنا الشعبية فتوكيلات حزبنا عملت حزبي الأصالة والفضيلة‏.‏
‏*‏ هل ستتنافسون مع الاخوان في الانتخابات؟
‏**‏ طبعا وهذا تنافس شريف ومشروع‏.‏
‏*‏ هل ترون ان هذه حالة صحية ان يتنافس إسلاميون معا؟
‏**‏ أسأل الله أن يولي الأصلح والأكفأ‏.‏
‏*‏هل هذا التنافس مفيد للتجربة الاسلامية؟
‏**‏ نعم مفيد‏,‏ لكن لاحظ أن كل شيء في الدنيا له ميزة وعيب‏,‏ فهذا سيفتت الأصوات الإسلامية‏,‏ لكن ندعو الله أن يولي من يصلح لنا شئون الحياة من ذوي الكفاءة‏,‏ وهذه امانة الأحزاب وأمانة الناخبين‏,‏ وأمانة الأحزاب أن تكون أمينة في من ترشحهم علي قوائمها لأن مجلس الشعب سيكون له عمل كثير ومهم فمن لايمكنه أن يقوم بهذه المهمة فعليه أن يلزم بيته والبعد عن الترشح‏,‏ وهناك أمانة علي الناخب بألا يختار إلا الأكفاء فلا يخضع للمال ولا للبلطجة ولا للعصبيات في أثناء الاختيار‏.‏
‏*‏ وكيف تواجهون البلطجة في الانتخابات؟
‏**‏ أتوقع دورا كبيرا للبلطجة والفلول ولكن مواجهة البلطجة هي مسئولية الدولة‏.‏
‏*‏ ماتعليقك علي تراجع دور الأقباط في قوائم الأحزاب عامة وقوائم تحالفكم خاصة؟
‏**‏ الأقباط موجودون ومشاركون بقوة في الحياة السياسية المصرية فحزب الحرية والعدالة حزب الاخوان المسلمين نائب رئيسه هو د‏.‏ رفيق حبيب وهو مواطن قبطي‏,‏ وحزبنا مفتوح لكل المواطنين المصريين أقباطا أو مسلمين لكن حزبنا يعاني من حملة اعلامية بغيضة خوفت منا ليس الأقباط فقط لكن خوفت المسلمين أيضا ثم إن القبطي عندما يفكر في دخول حزب فإنه يميل أكثر لأحزاب أخري خاصة حزب ساويرس فهو الأقرب له‏.‏
‏*‏ إذن فما هو حجم الأقباط في حزب الأصالة الآن؟
‏**‏ نحن حزب جديد وتم شن حملة دعاية لتشويه صورتنا وقالوا عنا اننا حزب سلفي مناهض للأقباط وهذا الكلام خاطيء فأنا كشخص سلفي والقاعدة الجماهيرية للحزب أغلبها سلفية لكننا حزب سياسي ووسائل الاعلام المدعومة من أعداء الدين هي التي تشوه صورتنا ويقولون أننا سنعذب الأقباط وسنقطع آذانهم ونحن نعلن هنا أننا حزب سياسي مصري مفتوح لكل المصريين‏.‏
‏*‏ مارأيك في دور المرأة في العمل السياسي؟
‏**‏ مشاركتها فعالة لكن لايتحتم أن تكون عبر البرلمان
‏*‏ فما آلية هذه المشاركة؟
‏**‏ البيت.
‏*‏ فما دورها علي قوائم حزبكم؟
‏**‏ اسأل رئيس حزب النور لأن حزبنا لم يلحق عملية الترشيح لأنه حزب حديث النشأة‏.‏
*‏ هل سيكون هناك تعاون بينكم وبين الاخوان المسلمين بعد الانتخابات؟
‏**‏ سوف نتعاون مع جميع القوي السياسية في حالة دخولنا البرلمان سواء كانت هذه القوي ليبرالية أو علمانية أو إسلامية لأننا كلنا مصريون ومصر لن تنهض بفصيل واحد بل ستنهض بأيدي جميع أبنائها يجب أن نكون جميعا يدنا بيد بعض دون اقصاء أو تخوين‏.‏
‏*‏ماهي النسبة التي تتوقعون ان تحصلوا عليها في الانتخابات القادمة؟
‏**‏ أتوقع أن نحصل علي نسبة تتراوح بين‏15%‏ و‏20%,‏ وهذه كلها توقعات غير مؤكدة لأن هذه الانتخابات تمثل تجربة جديدة علي مصر ولا يمكننا توقع مدي إقبال الناس علي الانتخابات وهذا عامل حاسم جدا‏.‏
‏*‏ تري كيف سيصوت الناخب في الانتخابات القادمة هل سيصوت لكم أم سيصوت للتحالف الذي يقوده الإخوان المسلمون؟
‏**‏ هذا يرجع لثقافة الناخب لكن علي كل حال فكل الأحزاب تريد إصلاح مصر والنهوض بها لكن ربما الوسائل تختلف من حزب لآخر‏.‏
‏*‏ ولكن هل تري ان تفتت القوي السياسية في الانتخابات الراهتة يخدم خططا محتملة للمجلس العسكري تهدف لعدم وجود كتلة سياسية كبيرة تسيطر علي مجلس الشعب ومن ثم تناطح المجلس العسكري في ادارته للبلاد؟
‏**‏ المجلس العسكري ليست له صلة بهذا التفتيت السياسي فهو لم يقل للناس تفرقوا وتفتتوا بهذه الصورة‏.‏
‏*‏ هل لديكم خارطة طريق للخروج من أزمة هذا التفتت السياسي؟
‏**‏ بعد الانتخابات الدنيا سوف تتغير لأن الوضع قبل الانتخابات شيء وبعد الانتخابات شيء آخر والتحالفات السياسية داخل المجلس سيكون لها شكل مختلف تماما عن التحالفات الراهنة‏.‏
‏*‏ وماهي مكانة تطبيق الشريعة الإسلامية في برنامج حزب الأصالة السلفي؟
‏**‏ الشريعة موجودة في الدستور ويجب علي جميع الأحزاب أن تلتزم بالدستور والشريعة الإسلامية موجودة في مصر منذ‏14‏ قرنا‏,‏ والشريعة ليست جديدة علي الدستور المصري‏.‏
‏*‏ لماذا طالبتم بتطبيق الحدود؟
‏**‏ هل حسني مبارك لما سرق مئات المليارات ووضعها في بنوك الخارج كان له عذر أنه يسرق؟ إذن انا اطالب بتطبيق حد السرقة علي مبارك وقطع يده لأن هذه الأموال هي أموال الناس التي تسكن في المقابر والناس التي لاتجد قوت يومها‏.‏
‏*‏ماهو موقفكم مما يسمي بالمباديء الحاكمة للدستور أو فوق الدستورية خاصة وثيقة الدكتور السلمي الأخيرة؟
‏**‏ نحن نرفض أي وصاية علي إرادة الشعب والتي سوف يمثلها النواب الذين سينتخبهم لتمثيله في مجلسي الشعب والشوري وقد رفضنا وثيقة السلمي المذكورة‏.‏
‏*‏ ماهو موقفكم من مرشحي الرئاسة المحتملين؟
‏**‏ لايوجد مرشحون للرئاسة حتي الآن‏,‏ وعندما يتم فتح باب الترشيح ويرشح بعض الأشخاص انفسهم ثم يتم غلق باب الترشح وقتها نعرف من هو المرشح الفعلي للرئاسة وحينئذ نحدد موقفنا‏.‏
‏*‏ ماهي صفات المرشح الرئاسي الذي ستدعمونه؟
‏**‏ ليس هناك مرشحون بعد ولكن عندما يصبح هناك مرشحون سنطالب الناس باختيار القوي الأمين‏,‏ يعني ايه القوي الأمين؟ اي حالته الصحية تكون جيدة‏,‏ فليس معقولا ان يقابل الرئيس المصري الرئيس أوباما واوباما ماشي مثل الغزال بينما الرئيس المصري يمشي بصعوبة فالقدرات الصحية مع تقدم السن تؤثر علي اتخاذ القرار‏,‏ وفي القرآن الكريم في سورة البقرة يقول الله تعالي قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم فنحن نريده قويا من ناحية الجسم ولديه علم سياسي وعلم شرعي ولا أقول لابد أن يكون عالما في العلوم الشرعية لكن عليه آن يستعين بعلماء الدين فيما يخصهم ولابد أن يكون الرئيس امينا أي يكون أمينا علي الدين وأمينا علي الدولة وعلي أموال الدولة فلا يسرق المليارات ويضعها في بنوك اوروبا وامريكا‏.‏
‏*‏ هل لديكم نية لترشيح أحد أعضاء حزبكم للرئاسة؟
‏**‏ هذا كلام سابق لأوانه‏.‏
‏*‏ ماهو موقفكم من معاهدة كامب ديفيد؟
‏**‏ نحن ملتزمون بالمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر مادام الطرف الآخر ملتزما‏.‏
‏*‏ لكن هناك حكما قضائيا بإلغاء اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل رغم وجود معاهدة بهذا التصدير فما رأيكم؟
‏**‏ لابد من تنفيذ حكم المحكمة‏,‏ وليس معقولا ان الناس تموت نفسها من أجل أنبوبة غاز ثم نجد الحكومة بدل ماتمد أنبوب الغاز للصعيد فهي تمده لاسرائيل‏.‏

د. عصام العريان

حوار مع د. عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية و العدالة

دعصام العريان من أبرز الوجوه السياسية في جماعة الاخوان المسلمين في مصر ، و بالتالي لم يكن غريبا أن تختاره الجماعة ليكون على رأس حزب الحرية و العدالة كنائب لرئيس الحزب، ذلك الحزب الذي دخلت الجماعة به الحياة السياسية الرسمية كذراع سياسي رسمي لها،  كان لنا لقاء مع د. عصام العريان في المقر الرئيس للحزب بمنيل الروضة بالقاهرة فكان هذا الحوار المهم الذي تكلم فيه عن علاقة الاخوان المسلمين بالمجلس العسكري و بالأحزاب السياسية و بالحركات السلفية، فإلى نص الحوار:

  •  تردد أن الحزب منفصل عن الجماعة لكن تم الاعلان عن أن الجماعة هي التي ستتولى الانتخابات القادمة لعدم جاهزية الحزب فما هي طبيعة العلاقة بين الحزب و الجماعة الآن؟

– الحزب هو الذي يدير الانتخابات من كافة الجوانب سواء بإدارة العلاقات مع الأحزاب الأخرى أم مع التحالف الديمقراطي كما أن الحزب هو الذي أقام مؤتمرات لاختيار مرشحي الحزب كما أن التنافس الانتخابي هو من شأن الحزب، أما الجماعة فهي تدعم الحزب بالكفاءات و الموارد البشرية كما انها تقوم بالدعاية المباشرة و غير المباشرة لصالح الحزب و مرشحيه.

  •  بدأت الحراسة ترتفع عن النقابات المهنية و سيتم استئناف العمل النقابي ، فهل النشاط النقابي للإخوان المسلمين سيتبع الجماعة أم الحزب؟

– النشاط النقابي حتى الآن مازال تابعا للجماعة و لكن بعد استكمال هياكل الحزب أظن أنه سيتم نقل تبعية العمل النقابي للحزب لأنه مكمل للنشاط السياسي ، و أظن أن المحليات تم حسمها أنها تابعة الحزب و الدور سيأتي على النقابات.  

  • ما هي طبيعة علاقة الحزب بالمجلس العسكري في ظل الانتقادات التي وجهها بيانكم الأخير للمجلس؟

– علاقتنا بالمجلس العسكري واضحة و محددة منذ بداية الثورة إذا أحسنوا نقول لهم أحسنتم و إذا أساءوا نقول لهم أسأتم و نقدم لهم النصح إذا طلبوا و إذا تعرضوا لضغوط خارجية نساندهم و إذا تعرضوا لضغوط داخلية نعادلها بضغوط مماثلة إذا كان الموقف يقتضي ذلك, كما نطالبهم بالوفاء بتعهداتهم بشأن نقل السلطة للشعب عبر انتخابات نزيهة.

  •  كيف تريد أن تكون ترتيبات العملية السياسية في مصر في المرحلة المقبلة من وجهة نظرك؟

– أولا ستجري الانتخابات النيابية كما أصبح معلوما أما الانتخابات الرئاسية فأرى أن تجري فور الانتهاء من اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية و ليس بعد تدوين الدستور، و أؤكد أنه ليس من مصلحة البلد تأجيل الانتخابات الرئاسية.

  • لكن الذي أعلنه المجلس العسكري من ترتيبات جعل الرئاسية بعد الانتهاء من الاستفتاء على الدستور!

– دعنا ننجز الانتخابات النيابية ثم نتحاور مع الجيش من أجل تقديم الانتخابات الرئاسية على تدوين الدستور.

  • هل تثقون في نوايا المجلس العسكري؟

– لا أحد يمكنه أن يطلع على نوايا أحد و المسألة ليست مسألة نوايا بل هي مسألة ضغوط ، فإذا تعرض المجلس لضغوط  لتأجيل العملية السياسية فعلينا ان نعادل هذه الضغوط بضغوط مناسبة.

  • هل تتوقع أن يجعل المجلس العسكري لنفسه مكانة مميزة في الدستور الجديد؟

– هذا مطلب شجعت المجلس العسكري عليه قوى سياسية ليس من بينها حزب الحرية و العدالة و هذا أدى إلى إرباك كبير لأننا لا نريد أن نبدأ من حيث بدأ الآخرون كتركيا بل نريد أن نبدأ من حيث انتهوا.

  •  أعلن الاخوان المسلمون أن نسبة منافسة الاخوان في الانتخابات لن تشمل سوى 50% من المقاعد فهل ينوي الحزب أن يشارك في حكومة ائتلافية ما؟

– نحن نريد أن تتقاسم جميع القوى السياسية المصرية الأعباء ، و من هنا فنحن نؤيد تشكيل حكومة ائتلافية من أغلب القوى السياسية الموجودة.

  •  مع من سيكون الائتلاف؟

– نحن نرغب أن يكون الاطار العام للائتلاف هو التحالف الديمقراطي القائم حاليا، فنحن نغلب المصلحة الوطنية العليا و أولوية هذه المصلحة للخمس سنوات المقبلة هي انجاز عملية التحول الديمقراطي و إنقاذ الاقتصاد و تحقيق التماسك الاجتماعي و تحقيق الأمن لجميع المواطنين و هذه أولويات أملتها علينا مقاصد الشريعة الاسلامية

  •  بعض الاسلاميين يتهمونكم بأنكم منفتحين على الاتجاهات العلمانية و تبتعدون عن القوى الاسلامية فما تعليقكم؟

– هذا غير صحيح فالأقرب لنا هم الاسلاميون و نمد يدنا لهم ونحن جميعا نأخذ من نبع واحد هو القرآن و السنة و كل الأحزاب تمت دعوتها للتحالف الديمقراطي و الحزب الوحيد الذي عزف عن التحالف هو النور السلفي و على كل حال فكلنا سلفيون.

  •  ما موقفكم من مرشحي الرئاسة المحتملين؟

– لما تبدأ الانتخابات الرئاسية و يصبح المرشحون مرشحين بشكل رسمي و برامجهم معلنة بشكل محدد فحينئذ يتحدد القرار، و في رأي الشخصي فإن التحالف الديمقراطي قد يكون له دور بارز في ترجيح مرشح ما.

  •  جرت مقابلات كثيرة بين الحزب و جهات أجنبية عديدة فما نتيجة هذه المقابلات؟

– هناك نتيجة أساسية و هي الاعتراف الدولي و الاقليمي بالأمر الواقع في مصر و أن مصر لن تعود للوراء و أن حزب الحرية و العدالة أصبح رقما رئيسيا في الحياة السياسية و نظام الحكم في مصر.

  •  ما هو موقف الحزب من الانتخابات في ضوء انسحاب الوفد من التحالف الديمقراطي؟

– رغم انسحاب الوفد فإن التحالف مستمر و سوف نخوض الانتخابات عبر قائمة واحدة تمثل التحالف الديمقراطي, أي أن مرشحينا سيخوضون الانتخابات عبر هذه القائمة الموحدة للتحالف.

صفوت عبد الغني

حوار مع صفوت عبد الغني أبرز قادة الجماعة الاسلامية من جيل الوسط

أسفرت انتخابات الجمعية العمومية  للجماعة الاسلامية التي انعقدت مؤخرا عن انتخاب د. صفوت عبد الغني لعضوية مجلس شورى الجماعة و هي المرة الأولى التي يتم فيها اختيار أعضاء الجماعة الاسلامية بالانتخاب ، كما أنها المرة الأولى التي ينضم فيها أبناء الجماعة من جيل الوسط إلى عضوية مجلس شورى الجماعة الذي كانت عضويته حكرا على من اصطلح البعض على تسميتهم بالقادة التاريخيين ، كما أصبح د. صفوت عبد الغني عضوا باللجنة الثلاثية التي كلفتها الجماعة باتخاذ الاجراءات اللازمة لتكوين حزبها السياسي و من هنا كان ضروريا أن نلتقي د. صفوت عبد الغني لنتعرف منه على ملامح المرحلة الجديدة بالنسبة للجماعة الاسلامية و تصوراتها بشأن الحلول لمشكلات مصر بعد الثورة.

  •    بداية ما هي أهم أهداف الجماعة الاسلامية في مرحلتها الجديدة؟

        ركزت الجمعية العمومية في قراراتها الأخيرة على عدد من الأهداف يأتي في مقدمتها الحفاظ على الهوية الاسلامية لمصر, لأن البعض يحاول حاليا العبث بهوية مصر الاسلامية و نحن نرى أن هذا نوع من العبث بدين أغلبية الشعب.

كما أن محو الآثار السلبية المترتبة على حكم الرئيس المخلوع هي أحد اولويات الجماعة عبر ازالة الظلم الذي تعرض له ضحايا كثيرين من أبناء الشعب المصري خاصة المعتقلين و السجناء السياسيين, و يأتي ضمن ذلك محاولات الافراج عن د. عمر عبد الرحمن.

و بجانب ذلك كله لا بد من المشاركة في بناء مصر بناء تجتمع عليه كل القوى السياسية من اسلاميين و غير اسلاميين, لأن من أهم متطلبات بناء مصر في الفترة المقبلة أن يشارك الجميع في البناء وفق الأهداف الوطنية المجمع عليها.

  •   هل لديكم استراتيجيات جديدة لنشاط الجماعة الاسلامية في هذه المرحلة؟

        استراتيجيتنا لا تعتبر جديدة لأننا نحافظ على التوجه السلمي الذي رسخناه منذ 1997, و كذلك العمل على ترشيد الأفكار في جو الحريات.

  •   هل أنتم مشغولون بالبناء الداخلي للجماعة عن المشاركة بفاعلية في الأحداث السياسية الجارية؟

        فعلا لقد انشغلنا لفترة حيث تم اختيار كل مسئولي الجماعة بالانتخاب من أول مسئول القرية أو الحي و حتى أعضاء مجلس الشورى العام مرورا بمجالس و مسئولي المحافظات و استغرق ذلك كله وقتا طويلا لكننا الآن و قد انتهينا من هذا كله فقد أصبحنا جاهزين للعمل العام انطلاقا من أسس متينة.

  •    لكن كان هناك اتجاها واضحا بين أعضاء الجمعية العمومية يدعو لنبذ العمل السياسي؟

        هذا الاتجاه لم يحصل على تأييد أثناء التصويت فقد كان اتجاها ضعيفا جدا, بينما كان اتجاه الغالبية العظمى هو تأييد العمل السياسي للجماعة, و كان هناك أيضا اتجاه نال نسبة محدودة من الأصوات يدعو لتأجيل عمل الجماعة بالسياسة لحين تنتهي من اعادة ترتيب صفوفها.

  •   بمناسبة ذكر الاتجاهات داخل الجماعة.. إلى ماذا آلت الخلافات التي كانت موجودة بين قادة الجماعة الاسلامية و أقطابها؟

        الخلافات انتهت بمجرد انتهاء أعمال الجمعية العمومية, و نحن ندعو الجميع للتسليم بنتائج العملية الانتخابية, و نحن لا ننكر فضل أحد و الجماعة لا تأكل أبنائها و لا تقصي أحدا, و المفترض أن يصبح هناك رضا بالنتيجة و هذا هو جوهر الإذعان لآلية الشورى, لا سيما أن مجلس الشورى الجديد لن يكون دائما بشكل مؤبد بل له مدة محددة هي سنتان فقط.

  •    ما دور من أبعدتهم الانتخابات عن مجلس الشورى القديم؟

        لقد تم تكوين هيئة تأسيسية من كل المؤسسين القدامى, و دور هذه الهيئة هو دور استشاري, حيث سيحيل مجلس الشورى الموضوعات الهامة لهذه الهيئة لتدرسها بعمق و تقدم رأيها للمجلس و هذا الرأي له صفة استشارية.

  •    هل هذا هو دورها الوحيد؟

        لا , فقد تقرر أن تكون لهذه الهيئة صلاحية دعوة الجمعية العمومية للانعقاد في حالة مخالفة الجماعة للخط العام السلمي الذي رسخته مبادرة وقف العنف.

  •    من هم اعضاء هذه الهيئة التأسيسية؟

        هم كل أعضاء مجلس الشورى القديم الذين لم ينجحوا في الانتخابات بالإضافة للمشايخ ناجح ابراهيم و أسامة حافظ و عبود و طارق الزمر.

  •    بمناسبة مبادرة وقف العنف.. ما هي طبيعة الخلافات على الكتب التي أصدرتها الجماعة بشأن المبادرة؟

        لا يوجد خلاف على الكتب الأربعة الأولي فهي مجمع عليها بين قادة و أعضاء الجماعة, أما الكتب التي أصدرها الدكتور ناجح ابراهيم بعد الأربعة الأولى فهي تعبر عن رأيه و توجهاته الشخصية و لا تعبر بالضرورة عن رأي مجموع الجماعة.

  •   هل ترون أن الساحة السياسية ستتسع لكم مع وجود جماعة الاخوان المسلمين و السلفيين؟

        نحن نزعم أن لدينا خطاب سياسي اسلامي متميز يختلف عن السلفيين و الاخوان على حد سواء, و هو خطاب وسط بينهما و سنسعى للمشاركة السياسية العامة بعدما انهت الثورة سنوات الإقصاء الذي عانتها الجماعة الاسلامية.

  •   هل معنى ذلك أنكم منغلقون على انفسكم في مجال المشاركة السياسية؟

        لا , بل بالعكس نحن لا نخوض نشاطنا بانغلاق بل نطرح فكرة المشاركة و التعاون مع كافة القوى السياسية و الاتجاهات الفكرية. 

  •   هل لديكم تواصل مع السلفيين أو الإخوان المسلمين؟

        نعم توجد اتصالات مع السلفيين و مع الاخوان المسلمين, و كثيرا ما ندعو رموز التيارين للمشاركة في انشطتنا الدعوية المختلفة.

  •   هل تشاركون في أي من الفاعليات الشعبية التي أصبح نشاطها غزيرا في أعقاب الثورة المصرية؟

        ليس لنا مشاركات في كثير مما يجري الآن لأننا اتفقنا مع العديد من هذه الفاعليات في أشياء و اختلفنا في أشياء, اتفقنا في اهمية الاسراع بمحاكمة المفسدين و محاصرة الفساد و الحد من دور جهاز الأمن الوطني, لكننا مع ذلك نرفض محاولات العبث بالمؤسسة العسكرية فهذا مرفوض جدا, و كذلك نرفض الالتفاف على نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية مثل الدعوة لوضع دستور جديد قبل الانتخابات, و لقد تعجبنا جدا من أن الليبراليين هم الذين ينادون بذلك. و كذلك نرفض التعجيل بتحديد الحد الأدنى للأجور في ظل تدهور الانتاج.

  •   هل لديكم اتصال بالمجلس العسكري أو بمجلس الوزراء؟

        ليس لنا اتصال مباشر لا بالمجلس العسكري و لا بمجلس الوزراء لكن يوجد تعاون مع الحكام العسكريين ببعض محافظات الصعيد في إطار معالجة الانفلات الأمني و الحوادث الطائفية لذلك شهدوا أن أفراد الجماعة الاسلامية لهم دور وطني في هذا المجال.

  •   هل لديكم مطالب تجاه المجلس العسكري أو الحكومة؟

        نحن نطالب المجلس العسكري بالعفو الشامل عن كل المسجونين الذين صدرت ضدهم أحكاما في قضايا سياسية, و لابد أن نلاحظ أن الثورة المصرية ليست أقل من الثورة التونسية التي اصدرت عفوا شاملا عن كل السجناء, كما أنه ليس منطقيا أن يعاقب الضحية و الجلاد في وقت واحد.

  •    ماذا قدمتم لضحايا التعذيب و القمع في عصر حسني مبارك؟

        لقد شكلنا لجنة قانونية لهذا الموضوع, و سيتم رفع دعاوى قضائية لصالح هؤلاء الضحايا لكن بشرط ان يكون هناك سند لها من الأدلة القوية و نحن غير متعجلين في هذا المجال, فقبل ان نثأر لأنفسنا لابد من أن تصبح البلد قوية و يصبح لدينا دستور قوي و مجلس شعب قوي و مؤسسات قوية, و حينئذ نتحرك في هذا المجال أما الآن فلا.

و لابد من أن ننبه على أنه مازال هناك ملفات لم يتم فتحها بعد مثل من تم قتلهم بلا محاكمات و حالات الاختفاء المستمرة حتى الآن و هؤلاء المختفون لا أحد يعلم هل قتلوا أم مازالوا معتقلين في أماكن سرية حتى الآن.

  •   هل ستشاركون في الانتخابات القادمة؟

        ننوي المشاركة في الانتخابات البرلمانية ان شاء الله ليكون لنا دور في مجلس وطني متوافق من أجل اعادة بناء مصر, لكن لم نحدد حجم المشاركة بعد, و نحن نفضل أن تشارك كل القوى السياسية في قائمة واحدة تخوض بها الانتخابات لأن بناء مصر في المرحلة القادمة يحتاج لتوافق و تضافر جهود كل القوى.

  •    لكن لو لم تتوافق كل القوى السياسية على هذا فماذا ستفعلون؟

        لو تم توافق من قبل أغلبية من القوى فسوف نكون مع الأغلبية, و على كل حال فنحن سوف نساند الشخصيات المرشحة حسب جودة برامجها و قابليتها للتنفيذ, فالتفاضل بالبرامج و بالسمات الشخصية من حيث الأمانة و البعد عن الفساد , و هناك أمر هام جدا أيضا هو التزام المرشح بالحفاظ على هوية مصر الإسلامية و أن تكون له مرجعية وطنية قوية.

  •    ما موقفكم من التحركات التي تجري من اجل توافق وطني على الدستور قبل الانتخابات؟

        نرى أن معظم هذه التحركات هي محاولات للالتفاف على الارادة الشعبية, و لا يصح وضع دستور بهذه الطريقة و الزام الشعب به, كما أننا رفضنا المجلس الوطني الذي أنشأه ممدوح حمزة لأنه يسير في نفس الاطار و هو الالتفاف على خيار الشعب و كذلك لأنه سعى لإنشاء مجلس موازي للمجلس العسكري ليشاركه في صنع القرار و لاحظنا أن كل من سعى لذلك معادي جدا للتيار الاسلامي, و جاء في نفس الاطار المؤتمر الذي دعا له يحي الجمل و عبد العزيز حجازي, و الحوار الوطني الجاد لابد أن يمثل فيه كل الأطراف سواء اسلاميين أو علمانيين أو أقباط تمثيلا حقيقيا يعبر عن حقيقة وجود كل تيار في الشارع المصري و حينئذ سنكون أول المشاركين.

…………………..

من هو صفوت عبد الغني

ولد في محافظة المنيا في 3 مارس 1963

التحق بالجماعة الاسلامية في محافظة المنيا عام 1979

تم القبض عليه في قضية تنظيم الجهاد اثر اغتيال السادات في أكتوبر1981 و تم تقديمه للمحاكمة بتهمة الانتماء لتنظيم الجهاد (فرع الجماعة الاسلامية) و ظل بالسجن حتى برأته المحكمة في أكتوبر 1984.

تولى مسئولية الجماعة الاسلامية في جامعة المنيا في الفترة من 1984 و حتى 1987 حيث تولي مسئولية الجماعة الاسلامية في محافظة القاهرة و ظل بها حتى 1990 و تم اعتقاله و محاكمته في قضية اغتيال رئيس البرلمان المصري د. رفعت المحجوب و صدر ضده حكم بالسجن خمس سنوات بتهمة تزوير بطاقة اثبات شخصية لكنه ظل في السجن حتى 2005.

حصل على ليسانس الآداب قسم الدراسات الاسلامية 1992, و ليسانس الحقوق 1997 و ماجستير الحقوق 1999 و دكتوراه الحقوق 2007, تم فصله من الجماعة الاسلامية في مارس 2011 ثم ألغي قرار الفصل بعدها بأسبوع و تم انتخابه في مايو 2011 عضوا بمجلس شورى الجماعة, فيما اعتبر انتصار للجناح الذي تزعمه في الجماعة بالمشاركة مع أستاذه عصام دربالة.   

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تم نشر هذا الحوار في جريدة الأهرام المسائي.

تفتيت العرب

تفتيت العرب … هل من فرصة ؟

إن مخطط تفتيت العرب و الدول العـربية هو مخطط قديم، وسبق أن كتبنا (نحن وغيرنا) عنه وعن آفاقه، وأشرنا إلى أنه مخطط صهيوني أصبحت الولايات المتحدة تدعمه بشكل أو بآخر.

لكن هل هو قَدَر حتمي؟

طبعاً لا يمكن أن نعتبره قدراً حتمياً، لكنه مجرد خطط إستراتيجية ترعاها إسرائيل وحلفاؤها في الغرب وقد تنجح في حالات وتُخفِق في حالات أخرى؛ لكن الواقع المشاهَد يشير إلى نجاحها وسيرها قُدُماً بخطى ثابتةٍ في كثير من الأحوال؛ وإن كانت بطيئة لحدٍّ مَّا .

وكحال أي واقع أو أحداث جديدة نجد أن واقع التفتيت كما أن فيه ما فيه من مخاطر؛ فإنه يحمل في طياته أيضاً كثيراً من الفرص.

الدولة الوطنية و الاحتلال الغربي

لقد كانت وظيفة الدولة الوطنية التي تسلَّمت الحكم في دول العالم الإسلامي من الاحتلال الغربي، هي المحافظةُ على الإرث الغربي المتمثل في الواقع المتغرب للنخب (السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية) في عالمنا الإسلامي، وذلك – طبعاً – جزء من الإرث الذي كرسه الاحتلال الغربي في عالمنا الإسلامي، وكانت المحافظة عليه بل تنميته هي المهمة الأولى للدولة الوطنية الحديثة في عالمنا الإسلامي، والجزء الآخر من الإرث هو المحافظة على تخلُّفنا العلمي والتقني مع تبعيتنا الفكرية والعلمية والتقنية للغرب، وقد حافظت دولتنا الوطنية على ذلك الإرث كله بامتياز.

أما وظيفة الدويلات العرقية والوثنية والطائفية التي يريد الغرب أن يؤول إليها العالم الإسلامي والعربي، فهي تكريس حالة من العجز والضعف على كل المستويات (السياسية، والإستراتيجية، والعلمية، والتقنية، والثقافية، والدينية، والأخلاقية) عبر وسائل متعددة، منها: التحلل الأخلاقي، والتفكيك الاجتماعي، والتغريب، و (الأوربة والأمركة) الفكرية والثقافية والدينية. ولكن لا ننسى أن هذه الدويلات الطائفية والعرقية لن تقوم إلا على أساس من الصراع والتناحر مع محيطها الإقليمي؛ ومن هنا فإن الصراع والتناحر وسياسة المحاور الإقليمية والحرب الباردة الإقليمية؛ كل هذا سيظل جوهر الموقف السياسي الإقليمي؛ فضلاً عن أن هذا التناحر الإقليمي لا شك أنه هو الأداة الأبرز للحفاظ على ضعف الدويلات الناشئة.

الخطر الإقليمي والدولي

إن الخطر الإقليمي والدولي الأهم في هذه الحالة هو: أن المنطقة سوف تتحول إلى لُقْمة سائغة لإسرائيل والغرب، بل لكل قوة دولية أو إقليمية بوسعها الانقضاض على القصعة الممتلئة بالطعـام ألا وهي منطقتنا العربيـة؛ فالهند والصين وروسيا واليابان كلها قوى صاعدة طامحة طامعة لا ينبغي أن تغيب عن حساباتنا الإستراتيجية.

وكما أن المشهد الجديد المرتقب لعالمنا العربي هو مشهد قاتم بمخاطره وأدوائه، فإنه لا يخلو من شعاع ضوء يلوح من ثنايا هذه الأدواء – أدواء الفرقـة والضعف – ينبهنـا لقدر من الفرص التي لا يخلوا منها أي واقع مهما بلغت درجة قتامته؛ إذ إن الفُرقة والتناحر في هذه الحالة بالذات سوف يدفعان لمزيد من تحقيق سُنة التدافع التي تعلَّمنا أهميتها من القرآن الكريم عندما قال الله – عز وجل -: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251]، وقال – تعالى – أيضاً: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، وربما يبدو هذا الأمر مبهماً؛ ولكننا نشير هنا لعدد من الأمثلة مما يقرب الفكرة للأذهان؛ فاستعلاء النصارى في مصر في الشهور الأخيرة واستقواؤهم بالغرب دفع الحكومة المصرية (في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك) إلى إفساح هامش من الحرية لعدد من القوى الإسلامية للقيام بمظاهرات، وعَقْد المؤتمرات، وشَنِّ هجوم إعلامي مركَّز على النشاط السياسي المتزايد للكنيسة المصرية، كما أن المد الشيعي والتهديد بنشأة دويلات طائفية في كلٍّ من اليمن والعراق وغيرها دفع عدداً من الحكومات العربية لإفساح المجال للنشاط الدعوي السُّني بعد قَدْرٍ سابق من التضييق، وهكذا قد نرى حكومات كثيرة تغض الطرف عن نشاط إسلامي مَّا هنا أو هناك لأغراض سياسية مُلحَّة. صحيح أننا شاهدنا وما زلنا نشاهد في أغلب الأحوال أن الحركة الإسلامية في هذا المجال مؤثَّرٌ فيها لا مؤثِّرة، لكن ليس من حقنا نحن الإسلاميين أن نطلب الربح السياسي والإستراتيجي دون عناء التفكير والحساب السياسي والإستراتيجي الدقيق، والعمل وَفْقَ ذلك؛ فيجب أن نطوِّر أنفسنا فكراً وأداءً كي نستطيع مواجهة متطلبات المرحلة والارتفاع لمستوى التحديات المفروضة علينا كمّاً ونوعاً حتى نتحول لفاعل سياسي وإستراتيجي في المنطقة، بل في العالم؛ بدل حالة التأثُّر التي نعيشها رغم أننا الأجدر بالتطور ومن ثَمَّ يكون الفعل الإيجابي الفعَّال.

التفكير والأداء الإسلامي

ومن التطوير المطلوب أن يشمل التفكير والأداء الإسلامي المجالات والمستويات الإقليمية والدولية؛ فكما أن المؤامرة ضد العمل الإسلامي مؤامرة دولية وإقليمية فلا بد من مواجهتها بالأسلوب نفسه، وكما تتكاتف قوى دولية وإقليمية ضد المسلمين فإن المسلمين لا بد أن تشمل حساباتهم السياسية والإستراتيجية كل هذه القوى بلا تهاون أو إهمال، كما ينبغي أن تتكاتف جهود الإسلاميين الإقليمية والدولية، وأن يبحثوا عن صيغ للتعاون في الشؤون المتفق عليها مع بذل جهود فكرية وفقهية ودعوية مضنية لتوسيع مساحات الاتفاق وتضييق مساحات الاختلاف.

والتفكير الإستراتيجي من أبرز سماته الشمول والعمومية؛ وبناءً على ذلك فليس من العقلانية أو الصدق مع النفس أن نزعم أننا نعمل عملاً إستراتيجياً مَّا وهو لا يراعي المتغيرات الإقليمية والدولية، هذا مع أن لكل ذلك أصول في فقه السياسة الشرعية الدقيقة الرصينة؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم اهتم منذ بداية الدعوة بالآفاق الإقليمية (قبائل الجزيرة العربية) والدولية (كالحبشة مثلاً) على الرغم من أنه كان في حالة استضعاف مريرة، وكان عدد أتباعه وأنصاره لم يصل بَعدُ ألف شخص.

وأيضاً تشير أحكام السياسة الشرعية إلى الآفاق الواسعة التي غالباً ما يتيحها الاعتماد على المتغيرات الإقليمية والدولية؛ إذ يقول – تعالى -: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْـمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 100]. إن الآية وإن كانت تتكلم بشكل مباشر وصريح عن فعل محدد من أفعال العمل السياسي الإسلامي وهو الهجرة في سبيل الله؛ إلا أنها تومئ وتشير إلى السعة والخيارات الكثيرة التي تتيحها الدوائر الإقليمية والدولية.

وانطلاقاً من هذا كله فإن عالم ما بعد التفتيت العربي قد يتيح فُرَصاً جديدة من منطلق أنه عالَم جديد له متغيراته الجديدة بما فيها من فرص جديدة؛ لكن هذه المتغيـرات وما تحملـه من فرص لن تعمـل بمفـردها؛ بـل لا بد أن نقوم باستغلالها، وقد كان العالم الإسلامي وقت الهجمة الصليبية على الشام في العصور الوسطى مفتَّتاً وظل مفتَّتاً ومهزوماً حتى قام قادة إسلاميون: مثل عماد الدين زنكي، و نور الدين محمود، و صلاح الدين الأيوبي، وخلفاؤهم بالتعامل إستراتيجياً مع الواقع ووحَّدوا المسلمين وحرروا الشام من الصليبيين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الموضوع تم نشره في مجلة البيان عدد 286 .

الثورات العربية

الرؤية الاستراتيجية ضرورة لحصد ثمار الثورات العربية.. 4 محاور استراتيجية

نجحت الثورات العربية في تونس ومصر، وهي في طريقها للنجاح في بلدان عربيَّة أخرى, ومن الممكن أن تكون الحركة الإسلاميَّة هي القوة السياسيَّة الأولى المستفيدة من هذه الثورات، ومن الممكن أيضًا أن تكون الحركة الإسلاميَّة هي الخاسر الأول والأكبر, ويأتي الخوف من الخسارة بسبب التفكير المتسرِّع لدى البعض منا والذي بدأ يثير مشاكل عديدة.

العمل الإسلامي

لدينا العديد من القادة الذين أصبحوا يمتلكون رؤية وتفكيرًا استراتيجيًّا جيدًا بفعل خبرتهم الطويلة في العمل الإسلامي، حيث مرّوا في مراحل متعددة من عمرهم بكل الحالات من قبل، بما فيها حالات الحماس والتسرع، واكتسبوا خبرات استراتيجية جرَّاء اشتغالهم بالعمل السياسي الإسلامي جنبًا إلى جنب مع متابعتهم للأحداث السياسيَّة بشكلٍ معمَّق لعشرات السنين دون انقطاع, كما لدينا العديد من الباحثين السياسيين الذين اكتسبوا ملكات التفكير الاستراتيجي بفعل دراستهم للسياسة والتاريخ، مما أكسبهم وعيًا تاريخيًّا واستراتيجيًّا عميقًا, لكن مع ذلك يصر عدد من المتحمسين على التسرع النزق في حصد ما يظنون أنه ثمار الثورة.. تلك الثورة التي عارضها كثيرٌ منهم لسنوات طويلة وظلوا على موقفهم منها حتى معظم ساعاتها الأخيرة, وهو أمرٌ يشير بوضوح إلى أن نجاح الثورة هو أوضح دليل على الخلل في رؤيتهم السياسيَّة والقصور في تفكيرهم الاستراتيجي, ورغم هذا فإن الثقة الزائدة في النفس بشكل كبير جدًّا تميز المتسرعين، وذلك بنفس درجة انعدام ملكة التفكير الاستراتيجي لديهم وبنفس درجة رغبتهم الشديدة في العمل المنعزل عن التيارات والشخصيات الأخرى الأخبر منهم بطبيعة المعترك السياسي والاستراتيجي الراهن.

وإزاء هذه الحالة فإنه من المهمّ تنوير الرأي العام بالرؤية الاستراتيجية المناسبة التي من شأنها أن تمكن الحركة الإسلاميَّة من حصد ثمار الثورات العربيَّة.

الاتجاهات الاستراتيجية

ونظرًا لمحدودية المساحة المتاحة هنا فسوف نقتصر على رسم الاتجاهات الاستراتيجيَّة اللازمة لتحقيق ذلك؛ كي يناقشها ويطورها ويتتبع خطواتها المقتنعون بالتفكير الاستراتيجي والمهتمون بالاستماع لرؤى غيرهم؛ لأن الأمر عندهم كما قال الإمام علي (رضي الله عنه): “من شاور الرجال شاركهم عقولهم”, أما المتحمسون بغير رويَّة والمتسرعون بغير رصانة الرؤية والمستغنون عن آراء غيرهم وعن خبرات من سواهم فلهم حديثٌ آخر في مناسبات أخرى إن شاء الله تعالى.

إن أول وأهم محور استراتيجي ينبغي ترسيخه الآن هو إدراك أن أفضل حالة للحركة الإسلاميَّة الآن هي استقرار الأوضاع العامَّة في الدولة بشرط سيرها حثيثًا في اتجاه ترسيخ الحريات العامة والخاصة وإجراء انتخابات حرَّة ونزيهة يُسمح فيها للجميع بالمشاركة لتأتي بنوَّاب الشعب ومن سيتولَّوْن صياغة الدستور الجديد وتحديد شكلِ النظام السياسي القادم, ليس فقط لأن الحركة الإسلاميَّة من المنتظر لها أن تحصد حصةً كبيرة في أي انتخابات قادمة، ولكن لأن درس التاريخ يشير إلى أن حالة الحرية العامَّة هي أفضل حالة تتحرَّك فيها الحركة الإسلاميَّة للدعوة والتثقيف والتربية والتعبئة والتجنيد والعمل العام السياسي والاجتماعي والثقافي, ومن هنا فمصلحتنا الاستقرار على هذه الحالة لئلا تتحوَّل لحالة أخرى غير مناسبة لنا, علمًا بأن كثيرًا من القوى السياسيَّة المحلية والإقليميَّة والدوليَّة المنافسة والمعادية قد تدفع لحالة تتضمَّن نوعًا ما من الديكتاتورية التي يضمنها العسكر بهدف إبعاد الإسلاميين عن الحكم والتأثير السياسي العام.

وهناك حزمة من الخطوات تتفرع عن هذا الاتجاه الاستراتيجي وهي:

-عدم اللجوء للعنف بأي شكل من الأشكال.

-عدم اللجوء لتغيير المنكرات بالقوَّة.

-عدم اللجوء لفرض حكم الإسلام بالإرغام.

وثاني المحاور الاستراتيجيَّة للعمل الإسلامي الحالي هو تقديم خطاب إسلامي ملتزم ومنضبط بالشرْع الحنيف، بشرط أن يكون بلغة معاصرة, واللغة المعاصرة تعني أن يكون الخطاب سهلا دون ابتذال ومرتبطًا بهموم ومتطلبات وتطلُّعات الناس، وأن يكون أسلوب هذا الخطاب جاذبًا ومشوقًا ويسير بالأسلوب والسياق الذي يفهمه ويتقبَّله المخاطبون في زمان ومكان الخطاب.

ويتفرَّع عن هذا المحور خطوتان مهمتان هما:

-امتلاك وسائل إعلاميَّة حديثة كثيفة, ففي مصر الآن (على سبيل المثال) عشرات المطبوعات اليوميَّة والأسبوعيَّة كلها تقريبًا توجِّه سهام النقد لتعاليم إسلامية بشكل أو بآخر في معظم الأوقات، كما أنها لا تكاد تخلو من مادة أو أكثر تحرِّض على أحد فصائل الحركة الإسلاميَّة, والمطلوب أن نمتلك على الأقل 50% من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة كي نتمكَّن من القيام برسالتنا بنجاح.

-وسائل الاتصال التي نستعملها هي وسائل الإعلام الحديثة مضافًا لها وسائل الاتصال التقليدية مثل خطبة الجمعة ودروس المسجد, والمطلوب في كل هذا أن نستخدم وسائل الاتصال هذه بشكلٍ ناضج ومتطور, وذلك بأن نستهدف عامة الجماهير, لأن هناك فرقًا بين النشرة الداخليَّة ووسيلة الاتصال العامَّة, فالنشرة الداخلية خطابها موجه للأتباع والمتعاطفين، ولا يصلح أن يوجَّه لغيرهم لأنه لن يفهمه غيرهم, أما وسيلة الاتصال العامة فهي موجَّهة لقطاع واسع من الجماهير بهدف التأثير في اتجاهاتهم, والواقع أنه حتى وسائل الاتصال القليلة التي نمتلكها كلها تعمل كأنها نشرة داخليَّة لا تجتذب غير الأتباع والمتعاطفين، ومن ثم فهي لا تحدث اختراقًا في الواقع العام, فضلا عن التخلف التكنيكي في أداءها, وبالتالي فمن المؤسف جدًّا أن قطاعًا كبيرًا من الشعب يعتبر بعيدًا عن الإيمان بالطرح الإسلامي، فضلا عن قسم كبير من النخبة والقلة الناشطة رغم النجاح التنظيمي النسبي للإسلاميين.

ويأتي المحور الاستراتيجي الثالث ذا صلة بالمحور السابق، حيث يلزمنا العمل على كسب قطاع لا بأس به من نُشطاء النخب العلمانيَّة وأيضًا من غير المسلمين الوطنيين بشكلٍ ما, فإما أن يصيروا في خندق المدافعين عن الحركة الإسلاميَّة وأطروحاتها أو على الأقل يقفون على الحياد ويكفون عن صبّ أذاهم على الحركة الإسلاميَّة وأطروحاتها, وذلك يحقق مزيدًا من التأثير الإعلامي والسياسي الإسلامي؛ لأن هذه النخب ذات صوت عالٍ ورأيها مسموع في الداخل والخارج كما أنها تمثل قطاعًا من قطاعات المجتمع الذي نعمل فيه.

أما آخر المحاور الاستراتيجيَّة المطروحة بإلحاح في هذه المرحلة فهو إدارة حوار مفتوح مع القوى الكبرى على المستويين الإقليمي والدولي لتحقيق قدرٍ من الفهم المتبادل بيننا وبينهم، وكذلك لإقناعهم بأن وجود الحركة على رأس الحكم لن يؤديَ لحدوث أي عدوان على الحقوق المشروعة لهذه القوى، بل قد توجد مساحاتٌ لا بأس بها من الممكن التعاون من خلالها, وهذا الحوار لا بدَّ أن يشمل القوى الحكوميَّة وغير الحكوميَّة على حدٍّ سواء, والهدف منه أن يؤدي إلى تخفيف الفيتو الإقليمي والدولي ضدّ الحركة الإسلاميَّة, ونقول تخفيف لأن إلغاءَه بالكليَّة هو أمرٌ مستحيل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

تم نشر هذا الموضوع في موقع الإسلام اليوم.