ترامب

هل حكم دونالد ترامب لأمريكا الآن سيجلب النصر للمسلمين؟؟.. آراء وردود

كتب- عبد المنعم منيب

يفرح كثير من الأخوة بحكم دونالد ترامب الآن فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكتب بعضهم منوها بما سيأتى من نصر للمسلمين بسببه، وكتب أحد الأفاضل مؤيدا لهذا الرأى وقال: ” وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
الرجل يحارب معقل النظام العالمي الجديد نيابة عنا ههههه
من مسقط الرأس والنَّاس متشائمة ههههه”.
فعلقت عليه وقلت: “نعم لكن هو يريد أن يحل محله نظاما عالميا آخر على هواه هو ومن معه”.
فهو ضدنا أيضا لكن بطريقة أخرى.
فرد على شارحا رأيه وقال: “أقصد أن الفائدة ستحصل لنا قبل أن ينجح في فرض نظامه الجديد، أو قد ينجحون هم في مواجهته و تثبيت نظامهم العالمي الحالي، فهذا الصدام سيأخذ جهد و خسائر مالية هامة، وعلينا نحن المسلمين استغلال الظرف أفضل استغلال والا لن تتاح لنا فرصة كهذه أبدا”.
فرددت عليه متسائلا تساؤلا استنكاريا، وقلت: “كيف نستفيد ونحن لسنا عندنا لا موارد ولا أدوات، وأهم الموارد والأدوات هي الفكر الاستراتيجى السليم الموضوعى المبدع، والقيادة الاستراتيجية الذكية المبدعة ووحدة الصف؟؟؟!!!!”
فأجابنى مقترحا الحل من وجهة نظره: “هذا ما يجب العمل عليه، بجمع العلماء و المفكرين و المثقفين الشرفاء المؤمنين، و تكوين إطار سياسي يجمعهم و يبدأ في وضع خريطة لاسترداد أوطاننا، ويجب ان ننظر الى مصر و ليبيا و تونس كقطر واحد و نعمل على ذلك الأساس”.انتهى رده علي.
وفى واقع الأمر فالحل بالتوافق وتوحيد النخب الموجودة فعلا هو أمر حاوله كثيرون، فى مصر وفى بقاع شتى من العالم، منذ بدايات القرن العشرين الميلادى وحتى اليوم، ولم يجنوا سوى الفشل لسبب بسيط جدا، وواضح جدا، وهو أن هذه النخب المراد توحيدها هى هى التى صنعت هذا التشرذم، لأهواء بعضها، ولجهالة بعضها الآخر، فكيف سيخرجون من جلدهم الأصلى (أى الأهواء والجهالات) ويمحون واقعا هم صانعوه وهم حراسه؟؟!!
لذلك كله رددت على صديقنا ذى الظن الحسن وقلت له: “لافائدة ولا أمل فى النخب الحالية فى العالم الاسلامى، فلو فيها أى فائدة لما وصل الواقع لما نحن عليه الآن، وإنما الأمل فى نشوء نخب جديدة، ترتقي إلى مستوى التحديات علميا ودينيا، رغم أنه أمل ضعيف بسبب ما نراه من تمرد كثير من الشباب على خبرات التاريخ، وإعراضهم عن التحصيل العلمى المتخصص.. لكن ان كان هناك أمل فهو فى تكون نخب علمية وحركية جديدة”… والله الموفق والمستعان.

منطق عصرنا

مات الجن الأزرق.. فمتى نعيش منطق عصرنا؟؟

الآن إذا مات الجن الأزرق.. ايه بيحصل؟؟ بيحصل انه بيكثر البحث عن معلومات عنه على الانترنت وتكثر الصحف ورقية او الكترونية من الكتابة عنه، أى تروج أى كتابة عنه.

وأنا رغم أنى باحث أصلا لكنى أيضا صحفى ودماغى شغالة صحافة وإعلام وأحاول أطور نفسى إعلاميا، وألاحظ أننى عندما أكتب عن مسألة متداولة ومعاشة يقبل عليها القراء أكثر من إقبالهم على موضوع نظرى، فأجد الجن الأزرق مات فأستغل حالة (السوق الإعلامى) وأكتب أفكارا “أراها مفيدة” فى إطار الكلام عن الجن الأزرق الذى مات.

أسلوب صحفي عادى ومعروف

وهذا أسلوب صحفي عادى ومعروف فأنت تغلف دواء غير مستساغ (وهو هنا صعوبة الأفكار النظرية على الفهم لميل النفس للراحة وعدم إعمال الفكر) بحلوى محبوبة (وهى هنا قضية رائجة)، وفجأة تجد قراء يغفلون هذا كله ويناقشون كيف تتكلم عن الجن الأزرق وهو سليل إبليس وهو كافر .. الخ ويخرجونا عن الأفكار التى نريد لفت الانتباه لها..
وهذا حدث عندما كتبنا عن هاشمي رفسنجانى ومما قاله أحد الأخوة لماذا تمجده الآن بعدما مات رغم أن الواجب هو الشماتة فيه..

رغم أنى أولا لم أمجده وثانيا سبق وكتبت عدة مرات (خلال الـ ١٠ سنوات الأخيرة) منبها على أهمية الاستفادة من تجربة إيران فى نجاحاتها وسلبياتها كأى تجربة فى العالم.

كيسنجر أحد أبرز علماء السياسة

عندنا الآن كيسنجر أحد أبرز علماء السياسة والدبلوماسية فى العصر الحديث وعمره فاق ٩٠ عاما الآن وسيموت غدا.. وساكتب عن فوائد فى علمه وأفكاره حينئذ.. وأؤكد لكم من الآن أنه عندما أكتب هذا سيعلق بعض الأخوة : (الا تعلم أنه يهودى كافر .. ألا تحذر الأخوة من سمومه وتشمت بهلاكه).. وسيعلق آخر (ألم تقرأ كتاب كذا ومذكرات كذا وتعلم أنه دعم إسرائيل ضد العرب سنة كذا وكذا)… يا أخ أنت وهو أنا قرأت لكنى أتكلم عن موضوع آخر .. فأرجوكم ركزوا معى شوية وركزوا فى الموضوع.

طبعا هناك مخاوف من أن يقرأ الموضوع عن رفسنجانى شخص غير مؤهل عقيديا فيميل للتشيع او يقرأ عن كيسنجر فيميل لليهودية، لكن هذه المخاوف تشبه الوصف الملغى فى أحكام القياس بعلم أصول الفقه لأن تقاليد العلم عند المسلمين لم تمنع الكتابة عن علم نافع لمثل هذا السبب، وكان أجدر بالمعلقين المتخوفين ان يقولوا خذوا بالكم المقصود الانتفاع بكذا واحذروا من كذا  بدلا من أن يخروجوا بنا عن مرامى وفوائد الموضوع..
وفى النهاية لا أصادر رأيكم ولكن أضع نقطة نظام لمن شاء… وتقبلوا احترامى لكم جميعا.

العمالة الوافدة فى الكويت والسعودية صورة ارشيفية

لماذا تعلق الكويت والسعودية مشكلاتها الاقتصادية على العمالة الوافدة؟

يبدو أن هناك محاولة فى السعودية والكويت لتصوير أن أى خلل اقتصادى يعانيه الشعب سببه العمالة الاجنبية، وأريد أن أذكرهم بمن أسس البنية التحتية كلها بالخليج أصلا منذ نشأة دول الخليج.
البنية التحتية بالخليج كله أقصد من أسسها من مهندسين وأطباء ومدرسين من أول مدرسى ابتدائى، حتى المدرسىين لدرجة الدكتوراه بالجامعة بل ومؤلفى مناهج الدراسة بكل المراحل، ناهيك عن العمال والفنيين بكل تخصص، نعم أخذوا أجرا ولكن لم يصنعوا للخليج مشكلة، وإنما صنعوا له بنيته الحضارية الحالية بالبناء والصحة والتعليم.
ويجب أن يلاحظ شعب الخليج أن ألمانيا استعانت بالعمالة التركية بعد الحرب العالمية الثانية لتعيد بناء نفسها، لكنها لم تطردهم ولم توبخهم بعدما صارت ثانى اقتصاد بالعالم كله بعد أمريكا، بل إن ألمانيا أعطت العمال الذين بنوها بعد الحرب العالمية الثانية الجنسية، رغم أن أغلبهم مسلمون اتراك ومغاربة.

وأنا لا اطلب من الخليج ان يعطوا الجنسية للعمالة المسلمة، ولا حتى أن يبقوا عليها فمن حقهم أن ينظموها أو يمنعوها متى شاءوا، ولكن لاداعى لتعليق فشل حكامهم على العمالة المسكينة، وهذه العمالة هي التى بنت لهم دولهم فى وقت لم يكن يمكنهم بناءها بدون هذه العمالة.

خالد مشعل

خالد مشعل وعبد الفتاح مورو.. من يخاطبان ومع من يريدان أن يتشاركا؟؟

شاهدت منذ قليل فيديو  لكلمة عبد الفتاح مورو القيادى والشيخ البارز بحركة النهضة التونسية ذات الجذور الإخوانية ووجدت إشادات جماهيرية إسلامية كثيرة بها ورأيته يدعو للشراكة مع ما أسماه بالنخب الإعلامية والثقافية الموجودة فى إشارة إلى النخب العلمانية الموجودة كما أخذ يشرح أن شرعية الحكم ليست بالصندوق والانتخابات فقط بل بالسيطرة على مفاصل الحكم والتى لا تأتى إلا بشراكة هذه النخب ورضاها معتبرا أن رضا هذه النخب الثقافية والاعلامية هو رضا للشعب زاعما أنها هي التى تمثل الشعب، كما زعم عيوبا فى الاسلاميين فصدق فى بعضها لكنه بالغ فيها وأخطأ فى بعضها، وكان مما أخطأ فيه ما عبر عنه بعدم تبنى الإسلاميين ما أسماه بالقيم الانسانية العالمية التى جاءت بها كل الأديان.

وتأتى رؤيتى لهذا الفيديو على الفيس بوك اليوم بعد أيام قليلة من قراءتى لتصريحات خالد مشعل فى مؤتمر بالدوحة، والتى انتقد بها ذاته وحركته (وربما الحركات الاسلامية بعامة) فى عدم الشراكة مع الآخر فى الحكم بما فى ذلك حكم غزة.

إن الغرب يوصف بالإمبريالى فى رؤية اليسار العربى واليسار العالمى وبالإمبريالى الصليبى الصهيونى فى الرؤية الكلاسيكية للإسلاميين، ورغم هذا فإن الخطاب التصالحى مع العلمانية ومع الغرب ليس غريبا على تيار الإخوان المسلمين ولكن الغريب أن يصروا على نفس مسلكهم بعد ان كاد د.محمد مرسى رئيس مصر الأسبق (القيادى الاخوانى) أن يقبل أقدام النخب العلمانية والثقافية والإعلامية بمصر كى تتعاون معه للخروج بالبلد من أزمتها، لكنهم أبوا إلا مناوئته بالحق وبالباطل، وتحالفوا مع قائد الجيش ليطيح به حتى أطاح به، وسجنه بدعم ورضا عالمى وإقليمى،  فهذا الغرب وهذه النخب التى يغازلها خالد مشعل وعبد الفتاح مورو هى التى شردت وسجنت مرسى وبديع والشاطر والإخوان بمصر، بعدما توسلوا لها بكل وسائل التزلف كى يشاركوهم الحكم، ومع هذا لم يفهم مشعل ومورو اللعبة الدولية والإقليمية حتى الآن، أو يفهمونها ويريدون أن يلعبوا نفس دور مرسى وبديع فى مصر من يناير 2011 وحتى 3 يوليو 2013.

التبسيط والتسطيح الذي سار عليه خطاب مشعل ومورو يدعوانى لأن أرد عليه بوضوح شديد، وهو أن الغرب يحكم العالم والذى يتحكم فى الغرب نظاميا حاليا هو الولايات المتحدة الأمريكية، والقيم التى تحكم الغرب وأمريكا وتحكم سياستهم نحونا نحن العرب والمسلمون هى القيم الصليبية الصهيونية فى مجال السياسة والأخلاق والدين، أما فى مجال الاقتصاد فتحكمه قيم الرأسمالية التى أسسها وادارها ومازال يديرها اليهود الصهاينة، هذا فى التحليل التفصيلى للنظام الدولى الظاهرى والأولى، أما التحليل التفصيلى الباطنى والنهائى فهناك عدة عائلات صهيونية تسيطر على أغلب ثروات العالم، عبر امتلاكها لشركات كبرى تملك أغلب انشطة الاقتصاد بالعالم، وهذه العائلات بسيطرتها على إقتصاد العالم فهى تسيطرعلى سياسة العالم وإعلامه وجيوشه.

فمن يخاطب مشعل ومورو ومع من يريدا أن يتشاركا؟؟

وهناك أمر آخر هو: إذا كنت تريد المشاركة مع هؤلاء فهل تعلم ما الذي يريدونه منك مقابل أن يقبلوا الشراكة معك؟

فإن كنت لا تعلم فاقرأ كتاب الفرصة السانحة لنيكسون فيما كتبه عن العالم الاسلامى والمسلمين، واقرأ تقارير راند عن الاسلام الذي يجب أن تشجعه أمريكا، ثم أعلن لنا هل توافق على هذا أم ماذا؟

وملاحظة أخيرة أود توضيحها بكل صراحة وهى أن نخب اليمين واليسار فى العالم العربى أغلبيتها الغالبة ليست وطنية، وإنما هى رهينة لأجهزة محلية وإقليمية ودولية تحركها فى إطار أهداف النظم الاقليمية والدولية، ولا يستثنى من هذا إلا قلة قليلة، وهذه القلة لا حول لها ولا قوة، فهى مستضعفة بأوطانها ولا شعبية لها ولا إمكانات ذاتية لها إلا ما لا يغنى ولا يسمن من جوع.

حسن الترابى

هل كان حسن الترابى مجددا في أصول الفقه

منذ وفاة دكتور حسن الترابي وأنا أكبح نفسي ولا أريد أن أخوض فيما خاض فيه البعض بشأن أفكاره، لا في منشور ولا في مقال واكتفيت بتعليق خفيف ما عند احد انصاره لسببين:
الاول- أن الدكتور أفضى لما قدم ولا جدوى من اجترار أمور مرت ومع الوقت ستدفن معه لحد ما وصارت امام الله أكثر مما هي أمام البشر.
الثاني- أني أظن ان تأثيره منحصر في السودانيين، وبدرجة تالية بعض أنصار تيار الإخوان المسلمين حول العالم، وسينحسر هذا التأثير أكثر بمرور الوقت، بفعل التغيرات العميقة التي تشهدها الساحة الإسلامية التي تمر حاليا بحالة سيولة وتغير، بفعل انها مرحلة انتقالية لعصر إسلامي جديد.
ولكن.. قرأت عدة مقالات منذ قليل -أبرزها في موقع عربي كبير- تفخم بشكل زائد في ما تعتبره فكرا عميقا ومعقدا، ومتبحرا في علوم علماء السلف مع علوم العصر، واصفة لغته بأنها أعلى من أن يفهمها شباب الصحوة (خاصة السلفيين)، لأنها مزيج بين لغة الشاطبي وهيجل…

واستفزني كل هذا التفخيم والتضخيم ليس فقط لاني اعتبر هذا التضخيم كاذبا، ولكن لأني أعتبره فارغا من المضمون، فلغة الشاطبي في واقع الأمر هي لغة سهلة يفهمها كل طالب علم شرعي متوسط، فضلا عن المتقدمين والباحثين، وأين الصعوبة في لغة الشاطبي من لغة أمثال الآمدي والرازي وقبلهما الجويني والغزالي وغيرهم من علماء أصول الفقه.
لقد قرأت كتاب “تجديد أصول الفقه “للدكتور حسن الترابي منذ نحو ثلاثين عاما، وهو لدي يمكنني أن أراجعه، وأكتب تقويما تفصيليا عنه إلا أن رغبتي بعدم الانغماس في هذا النقاش المندلع يجعلني أقول كلمة مجملة عنه في فقرة واحدة أظنها كافية.
الكتاب في واقع الأمر هو كتيب لا يمكن شكلا أن يكون تجديدا لعلم عميق مدون في مئات المجلدات الكبيرة و هو علم أصول الفقه، أما مضمونا فهو لم يقدم أي “أصول فقه” لا جديد ولا قديم، فالرجل أثار دخانا كثيفا عبر مقدمات واقتراحات لم تتضمن اي فكرة سوى فكرة واحدة، هي أننا بحاجة لتجديد علم أصول الفقه القديم وطرح علم جديد ونحو ذلك، ثم بعد كل هذا الدخان الكثيف لم يقدم الدكتور الترابي علم أصول فقه جديد كي يقيمه الباحثون والعلماء تقييما علميا، من حيث إحكامه وتكامله ودقته وموضوعيته ووفائه بالأهداف الفقهية المرجوة، وقبل كل هذا ومعه وبعده امكانية تقييم مدى التزامه بمرجعية الكتاب والسنة والإجماع، لأن الكتاب والسنة وإجماع العلماء هو مرجعية أي علم شرعي.

لقد فعل الترابي هذا وكأنه يهدف لزلزلة او قلقلة بناء ما ثم تركه مهزوزا (حسب ظنه هو ومريديه) دون أن يكلف نفسه عناء وضع بديل له، ومع هذا ظل الدكتور الترابي وأنصاره حتى الآن يدندنون حول وجوب تجديد أصول الفقه، و أن الدكتور حسن الترابي رحمه الله جدده أو عمل على تجديده،  ويروجون لذلك، وكل منصف محايد خارج أنصار الدكتور حسن الترابي يسأل: أين هو أصول الفقه الجديد الذي طرحه الدكتور حسن الترابي كي نعرفه أولا ثم ندرسه ونقيمه ونناقشه ثانيا؟!!

مشاهد من مضايا بسوريا

لماذا لا نواجه أنفسنا و نعترف بأخطائنا لنتغلب على هزائمنا ؟

أشعر بأن هناك حالة نفسية منتشرة بيننا وهي حالة الهروب من مواجهة أخطاءنا وإخفاقاتنا السياسية والاستراتيجية و أي من عوامل القصور في أنفسنا، تلك العوامل والأخطاء التي تسببت في حالة الهزيمة والهوان التي حلت بأغلب الحركات الإسلامية السنية وبالتالي تعيشها الأمة الإسلامية الآن.

و من هنا فكلما ذكر كاتب أحد أخطاءنا نجد أننا ندافع وندفع النصيحة أو التقييم بدعوى الظروف الصعبة والضغوط والمؤامرات والخيانة والغدر، فإن رد علينا الناصح او كاتب التقييم بأن حزب الله و الحوثيين حققا نجاحات قالوا: هؤلاء شيعة، وتساندهم إيران وهم عملاء لأمريكا وإسرائيل، فإن قال لكن حماس وأردوغان نجحا رغم انهم ليسوا من الشيعة ولا عملاء، ردوا : لا، هم متهاونون او متنازلون أو الأمرين معا.

وهكذا ندافع عن هزيمتنا وأخطاءنا وكأنه لا أحد في العالم تحاك المؤامرات ضده غيرنا، ولا أحد مستهدف غيرنا، ولا أحد يمارس الصراع السياسي تحت الضغوط غيرنا، ونرفض أن ننتفع بدروس سياسية واستراتيجية من ما تفعله إيران وحزب الله لأنهم شيعة، ومن حماس والجهاد الفلسطيني لأنهم متهاونون بالتعامل مع الشيعة وغيرهم، ونرفض التعلم من أردوغان لأنه متهاون وعميل لأمريكا وإسرائيل وعلماني.

ونعزف عن دراسة ما فعلته وتفعله باكستان وماليزيا وكوريا و الصين أيضا بسبب خلافات الفكر والعقيدة، وكأن الدين يأمرنا بمثل هذه العزلة الغريبة، وكأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم لم يسن لنا منهج المقارنة بشكل عام ومع المتفوق بشكل خاص، والانفتاح على كل مفيد عندما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (هممت أن أنهي عن الغيلة حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم)، وعندما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لو كان الايمان بالثريا لتناوله رجال من الفرس)، وعندما أرسل مجموعة من صحابته صلى الله عليه وآله وسلم الى جنوب بلاد الروم لتعلم صناعة المنجنيق وأمرهم ان يتعلموها كأهلها، وعندما أمر صحابيا بتعلم اللغة السريانية ليترجم له، وعندما أمر أسرى بدر من قريش بتعليم أطفال المسلمين الكتابة، وعندما قبل اقتراح سلمان الفارسي بحفر الخندق، وعندما استعان صلى الله عليه وآله وسلم في هجرته بمرشد وثني..

إلى غير ذلك مما يشهد ويثبت أن العلم والحكمة ضالة المؤمن.. لا أن نرفض العلم والحكمة بذرائع شتى، ونُعجب بل نفتخر بفشلنا ونمجده، شأننا في ذلك شأن كل ديكتاتور مستبد، لا يقبل تغيير ولا تطوير ويتغنى بفشله وهزائمه، زاعما أنها أمجاد وإنجازات.

اسباب النصر

ما هي أسباب نصر و هزيمة المسلمين؟ رد على مقال مهم

كتبت المقال التالي تعليقا على مقال لأحد الاخوة يبرز دور القيادة و الأسباب المادية في النصر و ينتقد التعويل على اعمال البر و الطاعات و الدعاء فقط لتحصيل النصر، و هو بوست طويل جدا لا يمكنني اعادته هنا، و حفل بأمثلة تاريخية من الفتوحات و حروب الردة.. فإلى نص تعليقي عليه:
 
لقد كتبت كثيرا من قبل عن أن الأخذ بالأسباب الدنيوية هو سنة الله القدرية بشأن حركة التاريخ فبها النصر أو الهزيمة بحسب مقاييس الواقع الذي نعيشه، و انتقدت ما أسميته بالدراسة الملحمية للتاريخ الاسلامي التي تجعل النصر رهين الدعاء و اخلاص القلب فقط، و لا تلقي الضوء على أسباب النصر المادية العملية الواقعية في تاريخنا.
(أخر مقال لي عن هذا هنا)
 
و لكن رغم هذا كله فانني اخالف الكاتب في مقاله هذا في أمرين:
 
الأمر الأول- أنه أناط النصر بالقائد في جزء كبير من مقاله، وذلك رغم أن الدراسة الدقيقة في حالة خالد بن الوليد التي استشهد بها و غيرها تقول ان النصر كان بسبب استراتيجية الاقتراب غير المباشر، و هي ما استخدمها خالد دائما منذ كان كافرا (في غزوة أحد ضد المسلمين)، و استخدمها أغلب قادة الفتوحات الاسلامية بسبب أنها الأنسب لقلة عدد جيوش المسلمين، و ضعف أو قلة معداتهم.
 
كما ان نجاح محمد الفاتح في فتح القسطنطينية (الذي استدل به على فيصلية القيادة في تحقيق النصر) لم يكن لبراعة القيادة بقدر ما كان لتحصيله لتقدم تكنولوجي غير مسبوق، و غير موجود عند أحد آخر في عصره في مجال المدفعية، فضلا عن حيلة تقريب المدفعية من سور القسطنطينية.
 
و احراز النصر بسبب سبق صناعي في مجال السلاح متكرر في حروب كبرى كثيرة، مثلما نجح ليو الاسيوري في صد هجوم بحري خطير للمسلمين كاد يفتح القسطنطينية قبل محمد الفاتح بمئات السنين بسبب اختراع النار الاغريقية.
 
و الشاهد انني لا أوافق على اختزال الأمر في القائد كشخصية ستحل مشاكلنا، و إن كنت لا أنكر أهميتها في مجال الأخذ بالاسباب، لكنها ليست السبب الوحيد بل هي أحد الأسباب، فينبغي التعمق في فهم تفاصيل اسباب النصر الواقعية العملية المادية كي نعيد النسج على منوالها و نطور و نبتكر منطلقين من خبراتها.
 
اما خلافي الثاني مع المقال فهو: تقليله من التأثير السلبي لسيئات الشهوات على تحصيل النصر، فأنا أرى أن لها تأثيرا سلبيا بالغا، ليس بدليل ذكر آيات الربا قريبة من آيات أسباب هزيمة أحد في سورة ال عمران فقط، و لا فقط لمقولة عمر بن الخطاب لو استويتم مع عدوكم في الذنوب لغلبوكم لأنهم أكثر منكم عددا و عدة، و لكن أيضا لأن الكفار لهم نسق سلوكي و أخلاقي متعايش مع الشهوات و ذنوبها، فيقل تأثيرها السلبي على مجال اسبابهم الدنيوية للنصر، وذلك بعكس المسلمين، فنسق المسلمين السلوكي و الأخلاقي غير متوافق مع الشهوات و ذنوبها، فاذا انغمسوا فيها اضطربت منظومتهم السلوكية و الأخلاقية بقدر درجة ومستوى هذا الانغماس، فيضطرب انتفاعهم بالأسباب المادية للنصر، و على كل حال فالله ربط النصر و التمكين بالاستقامة الايمانية بقوله تعالى ” الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ”، فيكون الأدق أن نقول أن كلاهما مهم السبب المادي و السبب الايماني و الاخلاقي و لكن إن نقص احدهما كان هناك خلل. 
 

كاميليا شحاتة و أبو يحي

الفتنة الطائفية على الأبواب في مصر

في الأسبوع الماضي كثر النقاش في عدد من الصحف، خاصة الصحف الإلكترونية الإسلامية والمنتديات وموقع الفيسبوك، حول تزايد نفوذ الكنيسة القبطية المصرية السياسي والأمني بشكل فاق نفوذ الدولة المصرية نفسها واعتبر البعض أنها أصبحت دولة داخل الدولة، وجاء ذلك كله علي خلفية تسليم جهاز الأمن للسيدة كاميليا شحاتة زوجة الكاهن (التي كانت هربت من زوجها) للكنيسة المصرية حيث قررت الأخيرة حبس كاميليا في مكان مجهول تابع للكنيسة وعمل غسيل مخ لها بدعوي أنها تعرضت لغسيل مخ من مسلمين، كما صرحت مصادر كنسية في مناسبة تالية بأنها تتعرض لجلسات كهرباء (بيكهربوها في دماغها يعني) لأنها تعبانة نفسيا، وكل هذه المعلومات متداولة وموثقة علي الإنترنت وبعضها فيديو علي موقع يوتيوب وغيره.

القضية ليست قضية إسلام مسيحية (حتي لو كانت زوجة كاهن أو قس) إنما القضية هي حرية الاعتقاد وتنازل الدولة عن العديد من وظائفها بل أكثر من وظائفها للكنيسة القبطية .. كيف؟

الدولة وحدها لها حق الحبس والاحتجاز وفق القانون، وفي هذه الحادثة (وغيرها) الدولة أعطت الكنيسة حق الحبس والاحتجاز ليس وفق القانون بل بالمخالفة للقانون، فلا عقوبة بلا جريمة ولا جريمة بلا نص، وكاميليا شحاتة وغيرها ممن تحولن من المسيحية إلي الإسلام مُحتجزات في أماكن تابعة للكنيسة بلا جريمة وهنا تكمن السخرية، فبينما لا يملك نظام حكم الرئيس مبارك بكل سطوته أن يحتجز شخصًا بلا جريمة حتي إنه شرَّع لنفسه قانون الطوارئ ليتغلب علي هذه المسألة فإن الكنيسة القبطية بزعامة البابا شنودة باتت تعتقل المتحولات للإسلام بلا حتي قانون طوارئ وذلك طبعًا لأنه لا يوجد أي قانون في العالم يسمح للكنيسة المصرية بأن تحتجز أي أحد.

و يمكن تخيل ما يمكن أن يحدث أو يُقال لو قرر شيخ الأزهر تسلم عدد من المتحولين من الإسلام للمسيحية مثل نجلاء الإمام أو محمد حجازي وزوجته، وطلب من جهاز أمن الدولة إحضارهم لساحة الجامع الأزهر (علي اعتبار جدلي أن جهاز أمن الدولة سيطيع شيخ الأزهر بنفس درجة طاعته للبابا شنودة ونوابه) وقام الأزهر باحتجازهم داخل أروقته بدعوي أنهم جري لهم غسيل مخ وأنه سيغسل المغسول كما قال أحد القساوسة علي قناة «الحياة» علي الهواء، فماذا عساها تقوله منظمات حقوق الإنسان وكذلك الحقوقيون وكبار الكتاب والمفكرون الليبراليون في مصر حينئذ؟ طبعا كانوا قد ملأوا الدنيا صراخا وعويلا عن حرية العقيدة واستبداد الأزهر وتطرفه وعودة الدولة الدينية الديكتاتورية …إلخ ، أما الآن فكل هذه الجهات «صم وبكم» تجاه محاكم التفتيش التي تقيمها الكنيسة المصرية داخلها في القرن الـ21، قرن الحريات والعولمة وحقوق الإنسان، قرن لجنة الحريات الدينية بالكونجرس الأمريكي المنافق.

ورغم أن كل هذا أمر صادم جدا، لكن الأكثر فجاجة وصفاقة وهو ما لم يلحظه الكثيرون هو الصراحة التي بلغت درجة التبجح في تصريحات المصادر الكنسية حول القضية .. إذ كيف يعلنون علي الفضائيات ووسائل الإعلام إنهم يجرون غسيل مخ لكاميليا شحاتة الآن بإحدي الشقق بالقاهرة، حتي وإن عللوا ذلك بأنها سبق وأجري لها المسلمون غسيل مخ؟!..

وكيف تصرح مصادر أخري لبعض الصحف بأن كاميليا منهارة نفسيًا الآن وأنها تُجري لها جلسات كهرباء علي مخها؟!، أفهم أنهم يستخدمون حالة الهزال والتقزم التي يعاني منها نظام الرئيس حسني مبارك وحزبه الحاكم الآن للحصول علي مكاسب طائفية ظنا منهم أن ذلك سيدوم، وأفهم أن نشوة الانتصارات التي يحققونها الآن قد تعمي قادة الكنيسة عن حقائق التاريخ والجغرافيا، فتعزز عندهم طبيعة النزوع البشري للطغيان الكامن داخل أي إنسان فيقيمون محاكم التفتيش سرًا في قلب الأديرة شاسعة المساحة البعيدة عن العمران والبعيدة عن أي رقابة أمنية أو قضائية، لكن أن يجروا محكمة التفتيش هذه للسيدة كاميليا شحاتة في قلب القاهرة ( الشيء نفسه فعلوه عام 2004 للسيدة وفاء قسطنطين زوجة كاهن أبو المطامير التي أسلمت) فهذا تبجح يفوق الوصف واستهانة بالشعب المصري بمسلميه وأقباطه قبل أن يكون استهانة بحكومتنا القزمة الهزيلة.

وطبعًا حاولت أجهزة الدولة التنصل من الاتهام الذي وجه إليها برفضها إسلام السيدة كاميليا شحاتة وتسليمها للكنيسة رغمًا عنها، فصرح رئيس لجنة الفتوي بالأزهر بأنها لم تسجل أي طلب لإشهار إسلامها بالأزهر، ونسي فضيلة الشيخ أو تناسي أو حتي أُملي عليه أن يتناسي أن موظفيه رفضوا أن يسمحوا لها بالقيام بإجراءات إعلان إسلامها بناء علي أوامر عليا صدرت لهم.

إسلام كاميليا شحاتة وقبلها وفاء قسطنطين وغيرهن من المحتجزات عند الكنيسة المصرية واضح وضوح الشمس، إذ لو لم يكن قد أسلمن فلماذا الإصرار علي احتجازهن حتي الآن؟ وهل كل واحدة زعلانة من زوجها تقوم الكنيسة باعتقالها عندها؟ طبعا لا، إذ إن عشرات الألوف من الزوجات المسيحيات بينهن وبين أزواجهن مشاكل ولم تعتقل الكنيسة أيًا منهم ولا منهن، فلماذا لا تحتجز إلا حفنة من النساء أسلمن بشكل أو بآخر؟! الجواب سهل جدًا..

وأيًا كان الأمر فنحن لا نناقش قضية إسلام أو مسيحية، فإسلام واحد أو تنصر آخر لن يؤثر في الوضع العام بشيء فهي قضية شخصية بحتة، ولكن الذي نناقشه هو ممارسات الكنيسة المصرية التي تفتح الباب علي مصراعيه لفتنة طائفية بسبب مخالفتها كل القوانين والأعراف ومواثيق حقوق الإنسان الدولية ظنًا منها أن الوضع الهزيل للحكومة سيدوم، وهذا لا يقلقني لأن هذا الوضع قطعًا لن يدوم، لكن الذي يقلقني أن يتحمس بعض المتسرعين فتنفتح أبواب فتنة طائفية لا تُبقي ولا تذر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

نشرت في جريدة الدستور.

مصر

ماذا يريد الشعب ؟.. أغلبية المصريين مسلمين ومسيحيين يؤيدون تطبيق الشريعة الإسلامية

ماذا يريد الشعب؟

سؤال يطرح نفسه بشدة إن كنا نتحدث عن أسلوب حكم ديمقراطي، و لكن دائما نجد من يزعم انه يتكلم باسم الشعب مدعيا تحقيقه لإرادة الأغلبية.

و في هذا الإطار نتابع دائما في سائر أنحاء العالم الإسلامي نقاشا لا ينتهي و جدالا لا ينقطع بشأن تطبيق الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع في الدول الإسلامية.

و إن كان الإسلاميون و العلمانيون هما طرفا النقاش فإن كلا الطرفين يدعي أنه يبتغي تحقيق مصلحة الشعوب العربية و الإسلامية و حمايتها من الديكتاتورية و حكم الإستبداد.الإسلاميون ألصقوا كل الشرور بالعلمانين بصفتهم استلموا الحكم في العالم الإسلامي منذ أتم تحرره من الإحتلال العسكري الغربي، و بالتالي فهم مسئولون عما آل إليه أمر الأمة منذئذ و حتى الآن.

أما العلمانيون فظلوا يحذرون الأمة العربية و الإسلامية من شرور ما أسموه بالحكم الديني و الديكتاتورية و الإستبداد باسم الدين و الحكم الإلهي.

الإخوان المسلمون: الشريعة الإسلامية لا تتنافى مع الديمقراطية

و أعلن الإخوان المسلمون أن الشريعة الإسلامية لا تتنافى مع الديمقراطية و أكدوا أنهم عندما يصلون للحكم بالإنتخاب فإنهم سيحكمون وفق قواعد الديمقراطية في اطار المرجعية الإسلامية.

لكن العلمانيين قالوا أن الإسلاميين غير صادقين في توجههم الديموقراطي، و أن طرحهم للديمقراطية كأسلوب حكم مجرد ذريعة للإستيلاء على الحكم و بعدها سيمارسون الديكتاتورية الدينية و ينقلبوا على الديمقراطية.

و اعتبر العلمانيون أن معارضتهم لتطبيق الشريعة الإسلامية هو دفاع عن الديمقراطية و حقوق الشعب، و قالوا أيضا أنه دفاع عن العقل و العلم و حقوق الإنسان و حقوق الأقباط.وطالب الإسلاميون بالإحتكام لرأي الشعب في تحديد من يحكم البلاد و ذلك عبر صناديق الإقتراع في انتحابات حرة.و رد العلمانيون بأنه من غير المنطقي أن نعطي فرصة لأعداء الديمقراطية للوصول للحكم عبر الديمقراطية لينقلبوا عليها بعد ذلك.

قلة نادرة من العلمانيين وافقوا على فكرة الإحتكام إلى صناديق الإنتخابات، مثل نجيب محفوظ الذي أيد انشاء حزب اسلامي و رأى أن السماح بحزب للإسلاميين لا يمثل خطرا لأنهم لن يصلوا عبره للحكم لأن كل الأحزاب الأخرى ستتوحد في جبهة واحدة دفاعا عن العلمانية (عدم تطبيق الشريعة) لمنع وصول الإسلاميين للحكم و منع تطبيق الشريعة، و سينجح العلمانيون في منع تطبيق الشريعة، بينما سيفشل الإسلاميون في الإنتخابات حسب رأيه.

و هذا الجدل المحتدم وصل لحد التراشق اللفظي الحاد بل وصل أحيانا لحد التكفير و القتل أو محاولة القتل (كما حدث مع فرج فودة الكاتب العلماني المشهور و مكرم محمد أحمد الكاتب الصحفي المعروف)، و لكن رغم سخونة هذا الجدل فإن رأي الشعب ظل غائبا أو مغيبا عن ساحة الصراع الفكري حول هذه القضية خاصة من قبل العلمانيين الذين زعموا دائما حرصهم على المصلحة العامة و حقوق الإنسان و مع ذلك لم يسعوا يوما للإستماع إلى صوت الشعب الذي يزعمون الدفاع عنه.

إن رأي الشعب في تطبيق الشريعة قضية مغيبة عن النقاش الدائر حول تطبيق الشريعة، بل في بعض الأحيان زعم علمانيون أن الشعب لا يريد الشريعة.

رأي الشعب المصري في قضية تطبيق الشريعة الإسلامية

 ولكن بعيدا عن إدعاءات العلمانيين فما هو رأي الشعب المصري في قضية تطبيق الشريعة الإسلامية؟؟

إن التعرف على رأي الشعب في قضية ما بحيادية كاملة هو لب أي فعل ديمقراطي سليم، و عادة يتم هذا في الدول الديمقراطية عبر أحد أمرين إما صناديق الإنتخابات أو استطلاعات الرأي التي تجري بطرق علمية و موضوعية دقيقة.

و نظرا لأن الإنتخابات النزيهة ممنوعة في بلادنا، فإن استطلاعات الرأي تظل الطريق الوحيد المتاح لمعرفة رأي الشعب في قضية ما كلما سنحت الفرصة لإجراء استطلاع راي محايد و موضوعي و دقيق.و بدءا من عام 1982م و حتى عام 1984م أجرى المركز القومي للبحوث الإجتماعية و الجنائية بمصر استطلاعا للرأي حول موقف الشعب المصري من تطبيق الشريعة الإسلامية و تحديدا الموقف من “الحدود” واعتمد الإستطلاع على عينة تم انتقائها بدقة كي تكون ممثلة لكافة فئات و طبقات الشعب المصري.و قد بلغ حجم العينة التي أجريت عليها عملية استطلاع الرأي 2427 شخصا، منهم %93،3من المسلمين و6،3 % من الأقباط ، على اعتبار أن هذه هي نسبة الأقباط في اجمالي تعداد السكان الذي أجري عام 1976م، و قد تنوعت العينة لتشمل كافة الفئات من حيث الطبقة و العمر و التعليم و المهنة و الحالة الإجتماعية و محال الإقامة التي شملت القاهرة و الإسكندرية و بور سعيد و عواصم حضر بحري و عواصم حضر قبلي إلى جانب مواطن النشأة التي شملت ما سبق بالإضافة إلى ريف بحري و ريف قبلي.

عقوبات الحدود الشرعية

 و رغم وجود جوانب عديدة للشريعة الإسلامية غير عقوبات الحدود، إلا أن هيئة البحث اختارت لسبب ما أن يدور بحثها حول الرأي في عقوبات الحدود الشرعية التي تتمثل في:

1- الزنا

 2- القذف

3- شرب الخمر

4- السرقة

5- قطع الطريق

6- الردة (أي خروج المسلم من الدين الإسلامي)

 و قد طبع المركز القومي للبحوث نتيجة الإستطلاع في كتاب مكون من نحو 400 صفحة و لكننا هنا لن نطيل على القارئ بذكر المؤشرات و الأرقام الكثيرة التي احتوتها هذه الدراسة القيمة، بل سنقتصر على ذكر أهم المؤشرات و الإتجاهات التي حوتها الدراسة و ما يدعمها من أرقام.

 الموقف الشعبي من تطبيق الشريعة الإسلامية

 وافقت أغلبية العينة الكلية على تطبيق الحدود و ذلك بنسبة 96،2% و عارض تطبيقها 3،2%، و في عينة المسلمين على حدة ترتفع نسبة الموافقين إلى 98% في مقابل 1.3% معارضون و 0،3% محايدون، أما عينة المسيحيين على حدة فإن نسبة الموافقة فيها تنخفض إلى 63% و ترتفع نسبة المعارضين إلى 31% و كذلك المحايدين حيث بلغت نسبتهم 6%.

هل نطبق الشريعة فوريا أم تدريجيا؟

31% من العينة الإجمالية تقف مع التطبيق الفوري، بينما رأى 69% أن التطبيق يجب أن يكون تدريجيا.أما عينة المسلمين منفردة فنسبة المؤيديين للتدرج 69%، و نفس الشئ في عينة المسيحيين منفردة حيث أيد 68% منهم التدرج، لكن عينة المسلمين رأى 75% منهم أن هذا التدرج لا ينبغي أن يتجاوز 5 سنوات كحد أقصى للمرحلة الإنتقالية بينما أيد فكرة الخمس سنوات 69% فقط من العينة المسيحية.

الطبقة الإجتماعية و تطبيق الشريعة

أيدت أغلبية الطبقة العاملة تطبيق الحدود بنسبة 90% أما أغلبية الكتابيين و الطلاب فايدت بنسبة 83% أما الإداريين و المهنيين فنزلت النسبة إلى 77%.

لكن تطبيق الشريعة لماذا ؟

رأى البحث أن دوافع الموافقة لدى كل من المسيحيين و المسلمين مختلفة فعلى سبيل المثال رأى 43% من المسلمين وجوب تطبيقها لأنها شريعة الله بينما رأى 23% من المسيحيين أنها شريعة الله.

هل يتم تطبيق الشريعة الإسلامية وحدها أم مع غيرها من القوانين؟

رأى 65% من المسلمين تطبيق الشريعة الإسلامية وحدها بينما رأى الباقون (35%) تطبيقها مع بعض القوانين الحالية بينما رأى 27% من المسيحين تطبيقها وحدها و إختار 73% من عينة المسيحيين تطبيقها مع بعض القوانين الحالية.

أما مبررات تطبيق الشريعة مع بعض القوانين الحالية فإن المسيحيين كانوا أميل لتقديم مبررات ذات طبيعة علمانية فكان ترتيب المبررات لديهم كالآتي:

1- لأن بعض أفراد من الديانات الأخرى سيرفضون هذا التطبيق

 2- لأن بعض القوانين الحالية تتفق مع الشريعة الإسلامية

 3- لأنه من الصعب التخلي عن بعض القوانين المطبقة حاليا

4- حتى التمهيد لتقبل الناس للتطبيق الكامل للشريعة

5- حتى تتم معالجة أوجه القصور.

و نذكر القارئ ان هذه هي آراء المسيحيين و ليس المسلمين.

كما يرصد البحث أن أول المبررات لدى المسيحيين كان يمثل أخرها لدى المسلمين، بينما كان أول المبررات لدى المسلمين (و هو: حتى يتم التمهيد لتقبل الناس للتطبيق الكامل) هو رابع المبررات لدى المسيحيين.

لكن هل تطبيق الشريعة على كل جرائم الحدود أم على بعضها فقط؟؟

أيد 92،4% من المسلمين تطبيقها على كل الجرائم بينما انخفضت نسبة هذا التأييد لدى المسيحيين إلى 72%.

 إذا طبقنا الشريعة فهل يتم تطبيقها على الجميع مسلمين و مسيحيين أم على المسلمين فقط؟

رأى 69% من المسلمين تطبيقها على الجميع، بينما رأى 31% تطبيقها على المسلمين فقط.

و إذا كان هذا راى الشعب المصري عام 1984م فما هو رأيه الآن؟

تأتي الإجابة في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب الأمريكية خلال لقاءات مباشرة مع عينة ضمت أكثر من 1800 من المصريين البالغين، وذلك خلال شهري مايو ويوليو 2007، كما شملت أكثر من 1000 تركي، خلال شهري مايو ويوليو 2007 أيضاً.

و أظهر الإستطلاع أن أكثر من 90% من الشعب المصري يؤيد تحكيم الشريعة الإسلامية، بينما يطالب ثُلثا المصريين تقريباً بجعلها المصدر الوحيد للتشريع.

وبحسب الاستطلاع الواسع الذي أُجري في مصر وتركيا ومناطق أخرى، فقد جاء الشعب المصري في المقدمة من حيث المطالبة بتحكيم الشريعة الإسلامية، حيث قال 91% من المصريين:

إن الشريعة ينبغي أن يكون لها دور في تشريع القوانين، وهو رأي وافقهم فيه 90% من الأتراك.

وبحسب الاستطلاع الذي نشرت نتائجه وكالة أنباء “أمريكا إن أرابيك” فإن حوالي ثلثي المصريين (64 %) يعتقدون أن الشريعة الإسلامية يجب أن تكون المصدر الوحيد للتشريع، وهو الرأي الذي عبّر عنه 7% فقط من الأتراك.

لكن حوالي ثلث الأتراك (32 % فقط) رأوا أن الشريعة ينبغي أن تكون “أحد” مصادر التشريع، وهو ما أشار إليه أكثر من ثلث المصريين (35%).كما أظهر الاستطلاع أن أغلبية المشاركين في الاستطلاع في هاتين الدولتين لديهم أفكار إيجابية عن الشريعة.

ومن بين المطالبين بأن تكون الشريعة أحد مصادر التشريع، رأى 97% من المصريين أن الشريعة توفر العدالة للمرأة، في مقابل 69% من الأتراك.

 كما قال 85 % من المصريين المطالبين بأن تكون الشريعة مصدرًا من مصادر التشريع: إنها تحمي الأقليات، وهو ما دعمه 51% من الأتراك.

واعتبر 96% من المصريين من هذه الشريحة أن الشريعة الإسلامية تعزز من وجود نظام قضائي عادل، في مقابل 63% من الأتراك.

وعبّر 97% من المصريين في هذه الفئة عن اعتقادهم بأن الشريعة تحمي حقوق الإنسان، وهو ما أشار إليه 62% من الأتراك.

كما قال 94% من المصريين المؤيدين للشريعة كأحد مصادر التشريع: إنها تعزز العدالة الاقتصادية، في حين انخفضت هذه النسبة إلى 55% بين الأتراك.

واعتبر 94% من المصريين في هذه المجموعة أن الشريعة من شأنها أن تقلل الجريمة في المجتمع، وهو نفس الرأي الذي عبر عنه 68% من الأتراك.

وأظهر الاستطلاع أن هؤلاء الذين يؤيدون تطبيق الشريعة كمصدر من مصادر التشريع لا يميلون إلى ربط الشريعة بأفكار سلبية.

فهل عرفنا رأى الشعب المصري، و هل يتم تبنى خيار الشعب أم يظل الإدعاء بتطبيق الديمقراطية في حين أنه يتم السير في اتجاه مضاد لإتجاه الأغلبية؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الموضوع نشرته في جريدة الدستور المصرية