الحرب بين الهند وباكستان

الحرب بين الهند و باكستان .. مع من يجب أن نقف ؟

يبدو الآن أن ما أعلنته باكستان من اسقاط 5 طائرات حربية هندية بالاضافة لمسيرة حربية هندية هو خبر صحيح، وهي 3 طائرات رافال وواحدة ميج 29 وثانية سو 30 بالاضافة الى مسيرة حربية هندية.
الرافال من أقوى الطائرات الحربية متعددة المهام في العالم، ولا يكاد يتفوق عليها سوى اف35 واف22 فقط، ولكن يبدو أن هناك صاروخا صينيا متفوق للغاية استعملوه لاسقاطها، خاصة انهم ضربوا هذه الطائرات من داخل باكستان وهي تحلق في سماء الهند لم تخرج من الحدود الهندية، فكانت مباغتة رائعة طبعا، والأمر لم يتوقف على الرافال بل اسقطت باكستان طائرة ميج 29 وثانية سو 30، وكلاهما أحدث ما تملكه ترسانة روسيا من الطائرات الحربية.
طبعا بسطاء المسلمين (و ربما بتوجيه مباشر او غير مباشر من ذباب أجهزة اسرائيل والهند والامارات والممالك اياها) بدأوا الحملة التي تخدم أهداف الهند وتخصم من قوة باكستان وهي:
((يا أخوة لا تنخدعوا بهذه الحرب فهي ليست بين الإسلام والكفر بل الحكم الباكستاني مرتد وهو علماني وملتزم بالنظام الدولي والقانون الدولي والمجاهدون في باكستان يجاهدون هناك لاسقاط النظام الباكستاني فلا تغتروا بما يجري..الخ))..انتهى.
وهؤلاء فوق كونهم موجهين او غير موجهين من الأجهزة إياها، فهم لو افترضنا صدقهم فهم في أحسن الأحوال عقلهم وطريقة تفكيرهم ومستوى فهمهم لتعاليم الاسلام وشرعته في نفس مستوى ذي الخويصرة، ذلك الرجل التميمي الذي قال لسيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وآله سلم: “اتقي الله يا محمد واعدل فإنك لا تعطينا من مال أمك وابيك”، وفي رواية زيادة بلفظ “إن هذه القسمة لم يُرد بها وجه الله”..، وهم أيضا مثل الآلاف الذين كفروا سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومن معه من آلاف من كبار صحابة النبي محمد صلى الله عليه وآله سلم تحت شعار (يُحًكّم الرجال.. لا حكم الا لله).
هؤلاء لو كانوا مخلصين لله تعالى فعليهم أن يعرفوا أن مستوى فقههم الشرعي والسياسي أضعف من أن يتكلموا ويعلموا ويجهوا الجمهور، بل وبعضهم مهما تعلموا فلن يعي عقلهم مشكلات السياسة المعاصرة المعقدة، لا سيما من منظور فقه السياسة الشرعية المعاصرة، فليلزموا العبادات والتقرب إلى الله بالذكر والدعاء والصيام والقيام ويقلعوا عن السعي لتنصيب أنفسهم موجهين فكريين وسياسيين، لأنهم يضرون أنفسهم ويفسدون آخرتهم بهذا السعي الخاطيء.
ولقد كتبت لأحدهم:
“يا اخي ألا تفقه قوله تعالى ((غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5))) يا اخي تفقه أولا في دلالات هذه الآيات السياسية.. سبحان الله يا اخي تعلم قبل أن تتكلم”.
فرد بالكلام المعهود: “التمسك بالعقيدة وكذا..الخ”.
فرددت عليه:
“هل أنت تمسكك بالعقيدة أقوى وأصلب من عقيدة صحابة المرحلة المكية عندما تمنوا انتصار الروم عبدة الصليب على الفرس، وأيد الله من فوق سبع سموات هذه الأمنية وبشرهم بتحقيقها وموعد تحققها؟؟!! أمرك عجيب جدا.. يا اخي اهدأ وتفقه في الإسلام أولا وتذكر قوله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) سورة ق آية 18.”
على العموم فحالنا هو فوضى فكرية وعلمية ساعد عليها الفراغ الشامل وعززها الامكانات والموارد المجانية والسهلة التي تتيحها السوشيال ميديا والانترنت ولله در الشاعر عندما قال:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
*******ولا سراة إذا جهالهم سادوا
إذا تولى سراة الناس أمرهم
*******نما على ذاك أمر القوم وازدادوا
اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الارهاب الهندوسي ضد المسلمين في الهند

حزب بهاراتيا جاناتا وصعود الإرهاب الهندوسي ضد المسلمين في الهند

كان “نسيم قرشي” (47 عاما) يسير بالقرب من أحد المساجد في مدينة “تشابرا” بولاية “بيهار” في الهند بصحبة ابن شقيقه وإذ بمجموعة من الهندوس المتعصبين يهاجمونهما ويعتدون عليهما بالعصي ويبرحونهما ضربًا حتى فارق “نسيم قرشي” الحياة تأثرًا بهذا الاعتداء بينما نجا ابن شقيقه “فيروز” لإنه تمكن من الهرب من موقع الجريمة، ومن ثم ذهب إلى قسم الشرطة للشكوى، فعاملته الشرطة بأسلوب سيئ، وقال له أحد الضباط إن مرتكبي الواقعة ليسوا مسئولين عن وفاة عمه، وإن “فيروز” و”نسيم” يستحقان ما جرى لهما.

وتاليًا قال رئيس شرطة المدينة لصحيفة “إنديا تايمز”، إن “فيروز” و”نسيم” كانا يحملان لحومًا غير قانونية، عندما اعترضهما عدد من سكان المنطقة، ومن المتعارف عليه أن تعبير “لحوم غير قانونية” يقصد به لحم البقر بسبب تقديس الهندوس للبقرة وعبادتهم لها وسعيهم لتحريمها على المسلمين بغير وجه حق عبر ممارسة العنف والإرهاب ضد المسلمين.

واستنكر الناشطون على منصات التواصل الاجتماعي الجريمة واعتبروها مثالا على “تصاعد جرائم اليمين الهندوسي في البلاد”.

وقال عضو البرلمان ورئيس حزب اتحاد المسلمين أسد الدين عويسي: “جرائم اليمين الهندوسي تتزايد”.

كما وصفت الصحفية البارزة رنا أيوب الحادثة بأنها “دليل على الواقع الذي يعيشه المسلمون الهنود في عهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي”.

صعود الارهاب الهندوسي ضد المسلمين في الهند

وهذا الصعود لإرهاب المتطرفين الهندوس ضد المسلمين في الهند لا شك يرتبط بحكومة رئيس الوزراء “ناريندرا مودي” زعيم حزب بهاراتيا جاناتا التي يتهمها الكثيرون في داخل الهند وخارجها بأنها تشجع الإرهاب والتطرف الهندوسي ضد المسلمين في الهند، فما هو حزب بهاراتيا جاناتا وماهي أهدافه وسياساته وأساليبه فيما يتعلق بمسلمي الهند الذين يبلغ عددهم نحو 200 مليون مسلم ومسلمة أي نحو 15% من عدد مواطني الهند؟؟
تولى حزب بهاراتيا جاناتا الحكم في الهند إثر تحقيقه فوزاً ساحقاً في الانتخابات الهندية عام 2014، لكن جذور تاريخه في الحياة السياسية الهندية يرجع إلى عام 1951 عندما تأسس حزب باراتيا جانا سانغ، والذي اندمج تاليا مع عدة أحزاب أخرى ليشكلوا حزب جاناتا عام 1977 والذي فاز بأغلبية في انتخابات عام 1977 وشكّل الحكومة، لكن سرعان ما تفكك عام 1980 ليتشكل على أنقاضه حزب بهاراتيا جاناتا في نفس العام لكنه لم يفز سوى بمقعدين فقط في البرلمان الهندي بالانتخابات العامة عام 1984.

حزب بهاراتيا جاناتا

ثم أصبح حزب بهاراتيا جاناتا أكبر حزب في البرلمان في عام 1996 لكنه لم يحز الأغلبية، وبعد الانتخابات العامة عام 1998 فإن ائتلاف “التحالف الوطني الديمقراطي” الذي تزعمه حزب بهاراتيا جاناتا شكل حكومة الهند واستمرت لعام واحد، ثم نتج عن انتخابات جديدة تشكيل حكومة “التحالف الوطني الديمقراطي” مرة أخرى واستمرت لولاية كاملة، لكن في انتخابات عام 2004، تكبد “التحالف الوطني الديمقراطي” هزيمة انتخابية ومع هذا ظل حزب بهاراتيا جاناتا حزب المعارضة الرئيسي في السنوات العشر التالية.

ليأتي بعد ذلك للحكم بفوزه المشهور في انتخابات 2014، ثم فوزه مرة أخرى في انتخابات 2019.

عقيدة الهيندوتفا

ويرتكز حزب بهاراتيا جاناتا في أيديولوجيته على “عقيدة الهيندوتفا” ويروج لها وهي عقيدة  تعبر عن القومية الهندوسية الراديكالية، وبحسب “عقيدة هيندوتفا” فإن المسلمين هم العدو الرئيس للهندوس وهم غزاة دخلاء على الهند لطالموا ظلموا الهندوس عبر التاريخ، وترتكز “هيندوتفا” على سردية مزيفة للتاريخ تزعم أن الهندوسية تعبر عن هوية الهند وتاريخها الوحيد، وكان هذا الفكر القومي الهندوسي اليميني المتطرف بدأ بالتشكل في عشرينيات القرن العشرين على يد الكاتب والسياسي “فيناياك دامودار سافاركار” حيث وضع التنظيرات الأولى لعقيدة الهيندوتفا.

وتنفي الدراسات الموضوعية لتاريخ الهند هذه السردية الهندوسية المتطرفة لأن الهندوسية تاريخيا كانت منحصرة جغرافيا في بقعة محدودة في الشمال الغربي للهند أو ما يعرف حاليا بأفغانستان وباكستان قبل أن تنتشر في حقب تاريخية تالية في بقية الجغرافيا الهندية، كما أن الهندوسية يبلغ مداها الزمني أقل بكثير من المدى الزمني لتاريخ الهند، وبجانب هذا كله فلا يمكن إغفال التأثير العميق للـ1300 عاما من الإسلام في الثقافة والمجتمع الهندي حتى اليوم بل إن من أبلغ الأدلة على عمق التأثير الإسلامي هو أنه حاليا حين يهتف المتطرفون القوميون الهندوس Jai Hind أو “النصر للهند”، فهم يستخدمون كلمة “هند” ذات الجذر الفارسي – العربي.

وقبل الصعود السياسي لحزب بهاراتيا جاناتا كانت “عقيدة الهيندوتفا” تعتبر وجهة نظر راديكالية هامشية، لا يفكر أي هندي محترم أن يتبناها كما لم تكن منتشرة بين الجمهور الهندوسي نفسه ولكن نجاح حزب بهاراتيا جاناتا في نشر هذه العقيدة بين قطاعات اجتماعية هندوسية واسعة وإلهاب حماسهم ضد الإسلام والمسلمين الهنود قد غير الواقع الاجتماعي والسياسي في الهند في الـ30 عاما الأخيرة.

التحركات الشعبوية الهندوسية المتطرفة

ومن الملاحظ أن الصعود السياسي لحزب بهاراتيا جاناتا اعتمد على التحركات الشعبوية الهندوسية المتطرفة سواء على مستوى الخطاب أو على مستوى تحريك وتعزيز أعمال العنف الطائفية ضد المسلمين.

 فعلى مستوى الخطاب نجد تركيز خطاب الحزب على تعرض الهندوس للتهميش والاستبعاد من دوائر صنع القرار بالحكومة الهندية على مدار عقود من سيطرة حزب المؤتمر الوطني الهندي، واتهامه بأنه يعمل على مهادنة واسترضاء المسلمين على حساب المعتقدات الدينية الهندوسية، والربط بين التصويت لصالح حزب بهاراتيا جاناتا وحماية العقيدة الهندوسية.

مواقف حزب بهاراتيا جاناتا تجاه باكستان وقضية كشمير

ويأتي ضمن الخطاب الهندوسي المتعصب خطاب ومواقف الحزب في السياسة الخارجية تجاه باكستان وقضية كشمير حيث ترفع عقيرة التصريحات والمواقف المتشددة ضد المسلمين –باكستان وكشمير- في إطار دغدغة مشاعر اليمين القومي الهندوسي المتعصب ورغبته في ايقاع الأذى وممارسة التنمر على المسلمين.
وعلى مستوى أحداث العنف الطائفي نجد أن هناك العديد من هذه الأحداث التي حركها واستغلها حزب بهاراتيا جاناتا ورفعت شعبيته بين الأغلبية الهندوسية بدرجة كبيرة جدا ونرصد أبرزها كالتالي:

الهجوم على مسجد بابري عام 1992 في مدينة أيوديا شمال البلاد وهدمه وأعمال العنف المتتابعة التي سبقت ذلك منذ 1989.

حادث حريق القطار في ولاية كجرات عام 2002، وأدى إلى مقتل عشرات الحجاج الهندوس، وألقي اللوم على المسلمين في الحادثة، ما أدى إلى أعمال عنف وقتل طالت مواطنين مسلمين وتدمير ممتلكاتهم ومساجدهم.

تشكيل بعض الهندوس فرق مراقبة، تتعقب تجار الماشية المسلمين، وتعترضهم وصولاً إلى قتل بعضهم رفضاً لذبح الأبقار لأنها مقدسة عند الهندوس.

احتجاجات شعبية إسلامية واسعة

وفي عام 2019 نظم المسلمون احتجاجات شعبية واسعة ردًا على إقرار البرلمان الهندي تعديلات على قانون المواطنة الصادر عام 1955، ولكن الحكومة الهندوسية وانصارها تصدوا بعنف لهذه الاحتجاجات مما أدى لسقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح من المسلمين فضلا عن اعتقال المئات.

وجاءت الاحتجاجات الإسلامية هذه بسبب أن هذه التعديلات كفلت للمهاجرين الهاربين من الاضطهاد الديني في باكستان وبنغلادش وأفغانستان، حقّ الحصول على الجنسية الهندية، إن كانوا من أتباع الديانات السيخية والهندوسية والبوذية والمسيحية والجاينيّة والزراداشتية، ولكنه استثنى المهاجرين المسلمين.

واتفق الحقوقيون على أن هذه التعديلات هي تكريس قانوني لمناخ كراهية عام، تعزّزه خطابات قادة الحزب اليميني الحاكم تجاه الأقلية المسلمة.

اليمين الهندوسي ينفث سمومه ضد المسلمين على اليوتيوب

وبجانب الأحداث الطائفية المختلفة وفي نفس إطار تأجيج المشاعر القومية الهندوسية المتطرفة أيضا تأتي عملية تغذية اتجاه شبابي في الموسيقى والغناء وهو تيار موسيقي متنام على يوتيوب وغيره من منصات التواصل الاجتماعي، ومن خلاله ينفث أنصار اليمين الهندوسي سمومهم ضد المسلمين.

وكلمات هذه الأغاني إما مسيئة للمسلمين أو تحتوي على التهديد والوعيد ضدهم وتستند إلى فكرة أن الهندوس رزحوا لقرون تحت وطأة حكم المسلمين، والآن حان الوقت لكي يدفعوا الثمن، وعادة ما تستخدم هذه الأغاني لحشد شباب الهندوس للقيام بأعمال العنف الطائفي ضد المسلمين أو ضد المساجد والممتلكات الاسلامية أو للتعبئة السياسية لصالح حزب بهاراتيا جاناتا.

حيلة إلهاب تعصب الجماهير الهندوسية ضد الإسلام والمسلمين

وبشكل عام فمن الملاحظ أنه كلما شعر حزب بهاراتيا جاناتا بخطر سياسي يهدد التأييد الشعبي الذي يتمتع به بين الجماهير الهندوسية فإنه يلجأ إلى حيلة إلهاب تعصب الجماهير الهندوسية ضد الإسلام والمسلمين، مثلما حدث في إجراءات منع المسلمات من الحجاب أو هدم بيوت المسلمين في العديد من الولايات أو سحب الجنسية من آلاف المسلمين في ولايات أخرى..إلخ.

وقد عزز حزب بهاراتيا جاناتا قاعدته الاجتماعية عبر دعمه لتأسيس أكثر من 45 ألف فرع لمنظمة “راشتريا سوايامسيفيك سانج” Rashtriya Swayamsevak Sangh اليمينية الهندوسية المتطرفة التي تملك تشكيلات شبه عسكرية، مما عزز انتشارها في مختلف الولايات الهندية ومن ثم تقوم بحشد أصوات الهندوس لصالح حزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات التشريعية.

كل هذه الممارسات الطائفية والتعصب الهندوسي جعل العديد من المنظمات الحقوقية الدولية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية تدعو للتحذير من أن الهجمات العنيفة تتصاعد ضد المسلمين في الهند واتهمت حزب بهاراتيا جاناتا ورئيس الوزراء ناريندرا مودي بتجاهلها وفي بعض الأحيان تمكين خطاب الكراهية ضد المسلمين.

وصنّف تقرير صدر عن لجنة خبراء دوليين مستقلة في يوليو 2022 المسلمين كـ”أقلية مضطهدة” في الهند، بعد مراجعة سلسلة انتهاكات لحقوق الإنسان، وتشمل الانتهاكات اعتماد السلطات لقوانين وسياسات “تستهدف المسلمين أو تنعكس عليهم بشكل سلبي أكثر من غيرهم”، يضاف إلى ذلك فشل الدولة في الهند في حماية المسلمين من هجمات تستهدفهم، يصل بعضها حدّ القتل والتعذيب.

 الهند بين الغزل الروسي والغزل الغربي 

أما في مجال السياسة الدولية فلاشك أن ناريندرا مودي زعيم حزب بهاراتيا جاناتا –رئيس وزراء الهند الحالي- يستغل التحولات الراهنة في النظام الدولي وما يشهده العالم من استقطاب دولي حاد وسعي القوى الكبرى لإعادة صياغة التحالفات الدولية، حيث يريد التحالف الأوروبوأمريكي استمالة الهند لصفه إزاء اصطفاف روسيا والصين ضد التحالف الغربي، بعد أن نجح ذلك التحالف الغربي في توثيق معاهداته الأمنية والعسكرية والسياسية مع العديد من قوى الشرق الكبرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية واندونيسيا فضلا عن استراليا وذلك تتويجا للتحالف الاقتصادي القديم مع هذه القوى.

وفي ذات الوقت ترغب روسيا في استثمار العلاقات التاريخية الطويلة مع الهند الممتدة منذ الاتحاد السوفيتي السابق بهدف تحويلها إلى تحالف استراتيجي يدعم اصطفاف دولي تأمله روسيا ضد الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي منذ 1990 وحتى الأمس القريب.

ولا شك أن ناريندرا مودي يستغل الغزل الروسي للهند من جهة والغزل الغربي من جهة أخرى لتدعيم قدرة الهند الشاملة وصعودها في النظام الدولي الجديد بما سينعكس بلا شك بدرجة ما على استمرار قوة ناريندرا مودي السياسية وحزبه “بهاراتيا جاناتا” في الداخل الهندي.

ومن المتوقع أن الصعود الاقتصادي الهندي في المرحلة القادمة سوف تتعزز فرصه لأن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون إلى جعل الهند مصنع العالم كبديل عن الصين وذلك بهدف إبطاء الصعود الصيني كقطب دولي وبالتالي فإن تريليونات الدولارات من الاستثمارات الدولية سوف تتجه بدرجة ما إلى الهند في الفترة القادمة و كانت هذه الاستثمارات الأمريكية والأوروبية واليابانية قد انتقلت للاستثمار في الصين بصفتها مصنع العالم في العقود الثلاثة السابقة بناء على التوجه الأمريكي والغربي حينئذ، ولكن هذا التوجه بدأ يتغير الآن خوفا من عواقب صعود التنين الصيني وبدأ يتجه إلى الفيل الهندي.

ترامب مع ملك السعودية

القمة الأمريكية العربية الإسلامية فى الرياض بين ترامب وملك السعودية سلمان

كتب- عبد المنعم منيب

سألنى أكثر من صديق عن رأى بوثيقة حماس، وسألنى غير واحد عن رأى فى القمة الأمريكية العربية الإسلامية فى الرياض بين ترامب وسلمان وآخرين، لكنى لا أهتم بالكتابة عن هذه الأمور الجزئية لأنى أتمثل دائما قول الشاعر العربى:

من كان أبصر شيئا أو رأى عجبا … فإنني عشت دهرا لا أرى عجبا
الناس كالناس والأيام واحدٌ … و الهر كالهر والدنيا لمن غلبا

واقع العالم الإسلامى في النظام الدولي المعاصر

وبعيدا عن تقعرات السياسيين وتنظيرات المتفلسفين، فإننى لا أفهم واقع العالم الإسلامى بل وكل دول ما يسمى بالعالم الثالث سوى أنها محتلة من قبل قوى النظام الدولى، الذى أنشأته أوروبا المسيحية على أنقاض قوة الامبراطورية العثمانية التى كانت إسلامية، فمنذ تدهور قوة العثمانيين وبقية الممالك الإسلامية فى آسيا وأفريقيا وطرد المسلمين من الأندلس نسقت الممالك الأوروبية المسيحية هجومها على كل أرجاء العالم الاسلامى، واحتلت كافة أرجائه، ورسخت نظاما لهيمنتها الدولية على العالم الإسلامى منذ القرن الـ18 الميلادى، وأسمته “النظام الدولى” تختلف الوجوه الأوروبية، من أسبانيا والبرتغال إلى بلجيكا وهولندا وايطاليا إلى فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وأخيرا إلى الولايات المتحدة وروسيا والناتو، ولكن الهيمنة واحدة إنها الهيمنة الأوروبية المسيحية على دول العالم الإسلامى.
التحليل السياسى الماركسى أطلق علي هذه الهيمنة اسم الإستعمار الجديد أو الامبريالية أو الإستعمار الإقتصادى، وهناك تحليلات لعلماء اجتماع واقتصاد غير ماركسيين سموها التبعية، وأخذوا يسوقون النظريات لما أطلق عليه “نظريات الاستقلال والتبعية”.
ومن هنا فأى حدث يجرى فى الدول الإسلامية لابد أن يفهم فى هذا الإطار، وما لم نفهم هذا الإطار جيدا فلن يمكننا فهم ما يجرى من أحداث فهما صحيحا، ولن يمكننا فهم مفردات الواقع والتعامل معها بشكل وأسلوب صحيح.

تضمن الولايات المتحدة استقرار واستمرار حكومات علمانية فى العالم الاسلامي

وفى هذا الإطار لا تتعجب من مبدأ الرئيس الأمريكى ريجان عن وجوب أن تضمن الولايات المتحدة استقرار واستمرار حكومات علمانية فى المنطقة من باكستان وحتى المغرب، ولاتستغرب من تصريحات كل ساسة أوروبا والولايات المتحدة عن وجوب أن يكون نظام الحكم القادم فى سوريا حكما علمانيا (إذا انتصرت الثورة)، فالمنطقة الإسلامية تابعة لهم وهم من يحددون نظمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية وأنساقها الثقافية والأخلاقية، وعلى الجميع الانبطاح لهذه الهيمنة، وإلا فهو سيواجه نظام الهيمنة الدولية (المسمى بالنظام الدولى وما يتبعه من قانون يسمى بالدولى) مواجهة ساخنة أو باردة، سواء كان معارض الهيمنة هذا عقلانيا أو متهورا أو مُتَلَكَّأ أو متسرعا.

حلب

أربعة دروس من حلب الجريحة وسوريا الحبيبة

كتب- عبد المنعم منيب

بعد مأساة حلب الأخيرة فرح أكابر المجرمين واستكبروا بينما حزن المؤمنون بل حزن كل محب للحق والحرية والعدالة مهما كانت عقيدته، وكتب عدد من كبار الكتاب الأوروبيين والأمريكيين عن ما اعتبروه “درس من حلب”، وكان أبرز ما قرأته درس كتبه أمريكى وآخر كتبه فرنسى (على ما أذكر) بالإضافة لدرس ثالث كتب عنه كل من كتب من الأخوة المسلمين عن حلب الجريحة الحبيبة، وقد كان لى رأى مختلف بشأن هذه الدروس الثلاثة حيث خالفت وجادلت فيهم كما أضفت درسا رابعا لتكون دروس حلب الحبيبة الجريحة بل دروس سوريا الحبيبة لنا نحن المسلمون هى أربعة دروس كالتالى:

الدرس الأول: هل نجح القمع وفاز الديكتاتور؟

 قالوا أثبت سقوط حلب أن الديكتاتور إذا قمع بشدة سينجح فى دفن الثورة والاستمرار فى الحكم .. وهذا ليس درسا جديدا فهو مقرر محفوظ لدى العرب والمسلمين، فالكل يعلم هذا وظل هذا متبعا بالمنطقة منذ ناصر ومنذ قالت cia لناصر اقمع المعارضة بشدة مهما تصاعدت وشعرت أنها ستنتصر وإياك أن تتفاوض معها أو تقدم أى تنازل (راجع الدراسة التى قدمتها CIA لناصر ليسير وفقها فى الحكم فى مقدمة كتاب لعبة الأمم لمايلز كوبلاند).. وذكرنا بنفس النهج الغربى هذا مؤلف كتاب “الأصولية الاسلامية فى العالم العربى” الصادر بأميركا عام ١٩٨٢ (حيث مدح طريقة ناصر فى التعامل مع الحركة الاسلامية كما مدح حافظ الأسد والقذافى لأنهما الوحيدان السائران على طريقة ناصر فى مواجهة الحركات الإسلامية، ونلاحظ أن هذا جاء رغم المعاداة الظاهرية لأميركا للأنظمة الثلاثة لكن الأهم عندهم هو ضرب الاسلاميين طبعا) وهذا الكتاب كان أصلا تقريرا أعده مؤلفه بطلب من الخارجية الامريكية إثر اغتيال السادات وقدم لها فى ديسمبر ١٩٨١ ليوضح لها السياسات التى ينبغى أن تسلكها لمواجهة الحركات الاسلامية فى العالم العربى.
 إذن فأمر القمع الشديد لآخر مدى فى مواجهة المعارضة معروف للشعوب وللاسلاميين لكنهم مع الربيع العربى لاحت لهم فكرة ظنوا انها ناجعة وهى الانتفاض الشعبى بسبب سيادة عصر الجماهير بالعالم فانتفضوا وغرتهم إزاحة بن على فى تونس ومبارك بمصر وتدخل الناتو فأزاح القذافى فى ليبيا .. لكن إيران أولا ثم روسيا تاليا ساندت نظام بشار ضد ثورة الشعب السورى كما ساندته أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل عبر منع السلاح عن الثورة .. ومن هنا فالدرس ليس انتصار الديكتاتور بالقمع ولا نجاح قمعه بسبب استعانته بقوى إقليمية ودولية ولكن الدرس هو أنه لابد من تكتيكات واستراتيجيات مبدعة فى مواجهة هذا النمط من القمع، استراتيجيات وتكتيكات سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية لا تقتصر على ما فعلته فعلا الثورة السورية حتى الآن بل تتعداه وتزيد عليه لتفعل كيسا وتنجح.
 إذ يجب أن تتعداه الى أشياء جديدة تستوحى وتستنبط وتطور (ولا تستنسخ) من تجارب اخرى متعددة حول العالم.

الدرس الثانى: هل ثبت أن القوى الدولية والأمم المتحدة لا يحمون الحرية والعدالة؟
 
قالوا ايضا إن من دروس سقوط شرق حلب إن النظام الدولى بما فيه الغرب والأمم المتحدة (فضلا عن ديكتاتورية الشرق الممثلة فى روسيا والصين) كل هؤلاء لا يقيمون وزنا لحماية أمن الشعوب وسلامتها والدفاع عن حقوق الانسان وأنهم سقطوا أخلاقيا ..الخ وفى الواقع فإن هذا أيضا ليس جديدا على العرب والمسلمين فسبق ان جرت مذابح لشعوب مسلمة وعربية عديدة ليس فقط بتجاهل أو تواطؤ دولى بل بأيدى الشرق تارة والغرب تارة أخرى .. وليس مجهولا ما حدث فى كل من فلسطين وأفغانستان والعراق والبوسنة وكوسوفو وتتار القرم ومسلمى الصين وبورما وأسام وكشمير الهندية وعشرية الجزائر وحقبة ناصر ومبارك بمصر والقذافى بليبيا وحماة أيام حافظ الأسد وعراق صدام وما يجرى لعرب وسنة إيران حتى الآن.. الخ 
 فكل هذا معلوم ومحفوظ لكن هناك اتجاهات إسلامية وعربية متميعة عقيديا ومغفلة سياسيا ظنت أنها يمكن أن تقنع النظام الدولى بأن يسمح للشعوب العربية والإسلامية السنية بالتحرر ولكن درس حلب الحقيقى (وسوريا) الآن جاء جليا ليسقط كل هؤلاء المغفلين سياسيا والمتميعين عقيديا ويقول لكل مسلم وعربى:
” لن تنالوا حريتكم بالتوسل والتسول وانما بالقدرة المادية والمعنوية، فافهموا جوهر هذه القدرة بكل تفاصيلها واحصلوا عليها بكل وسيلة وكل حيلة حتى تنتزعوا بها حريتكم وكرامتكم”.

الدرس الثالث: هل خلافات الجماعات السورية هى من هزمت حلب؟

كل المتكلمين والكتاب العرب والمسلمين ذكروا أن الخلافات بين القادة والزعامات وكثرة التحزبات وتفرق الجماعات هو السبب فى الهزائم فى حلب خاصة وفى سوريا عامة، وهذا توصيف خاطئ للمشكلة لأن التحزبات وخلافات الزعامات تزول أو تؤجل عندما يداهم الخظر مصالح الجميع ولكن حقيقة ما حدث هو عقد القيادة والسيادة لبعض التافهين الأغرار الذين تم تقديمهم لمناصب قيادة الأحزاب والجماعات فى الثورة السورية إما لتهورهم وحمقهم وارتفاع صوتهم ورفعهم شعارات أسخن من شعارات غيرهم وإما لإجادتهم التلبيس والدجل على جماهير أتباعهم، لأن العقلية التى تؤثر الزعامة على بقاء أمة من المسلمين وعلى بقاء أجزاء حررتها دماء ذكية من أيدى الطاغوت هى عقليات صبية يعبثون وليست عقليات زعماء وقادة يتصارعون فأى قائد أو زعيم مولع بالزعامة والرياسة ويتصارع عليها بالدم والمال لو دهمه الخطر سيؤجل طموحاته فى الرياسة لحين دفع الخطر خاصة إذا كان خطرا وجوديا كما هو الحال فى سوريا (والعراق بل والعالم العربى والاسلامى الآن عامة)، وسأسمع الأصوات تنتقد نعتى لهم بأنهم مجرد صبية عابثون جلسوا على أرائك القيادة ولكنى أرد مقدما وأصر على هذا الوصف بل وأقول إنهم إن لم تكن عقولهم عقول صبية يعبثون وإذا ثبت أن عقولهم عقول طبيعية بالغة الرشد فهم إذا مجرمون أفاقون تسلموا القيادة ليوقعوا بالأمة فى الهلاك.   

الدرس الرابع: لماذا لم تجد شجاعة الشجعان من الثوار فى حلب وسوريا؟

ومن دروس حلب أيضا المهمة أن هناك شجعان متحمسون قاتلوا فى حلب تحت الحصار حتى آخر رمق فمنهم من قتل ومنهم من أحيط به ولم يجد سبيلا سوى الانسحاب مع المنسحبين بعدما مسهم الضر الشديد، والدرس هنا هو أنه يجب أن نتعلم أن الحماس والشجاعة وحدهما لا يحسمان معركة فضلا عن حرب فهدى النبى صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه الراشدين هو الأخذ بالأسباب المادية فى شئون الحرب والسياسة ومقولة أننا “لا نجاهد بعدد ولا عدة وإنما نجاهد بهذا الدين” مقولة يخصصها ويشرحها بل ويعارضها مئات الأدلة من سنة النبى صلى الله عليه وآله وسلم وسنة خلفائه الراشدين فمراعاة العدد والعدة والاهتمام بالعدد والعدة فى كل معارك النبى صلى الله عليه وآله وسلم تكاد تكون متواترة تواترا معنويا إذا لو لم يكن النبى مهتما ومراعيا للعدد والعدة فلما حفر الخندق حول المدينة؟؟ (وهذا مجرد مثال والأدلة كثيرة)، وحتى فى المعارك التى قل فيها عدد المسلمين وعدتهم عن عدوهم (وهى كثيرة جدا طبعا) تم تعويض هذا النقص بحيل عسكرية معتبرة عبر خطط عسكرية مبدعة سواء خطط الهجوم أو الدفاع أو الانسحاب أو الكر والفر أو توقيت ومكان الهجوم المفاجئ أو تكتيك القتال المبدع أو المفاجئ أو اختيار مسرح عمليات غير مناسب للعدو وفيه ميزة للمسلمين، فانتصارات المسلمين الكثيرة عبر التاريخ فى معارك قل فيها عددهم وعدتهم لم تكن بسبب الحماس وارتفاع المعنويات (الناتج عن العقيدة الاسلامية) فقط بل صحب هذا شئ مما ذكرناه آنفا من الأسباب المادية العسكرية عبر ابداع عسكرى، وإنما حصر الاخباريون والمؤرخون والخطباء الحماسيون أسباب الانتصارات فى الحماس وروح التضحية وحب الاستشهاد لأسباب خاصة متعددة فتارة يكون السبب هو مواجهة موقف معين فاقتضى الحال التركيز على هذا الجانب وتارة لأن المتحدث ليس متخصصا فى الشأن العسكرى فلايدرك ولا يدرس ولا ينقل ويشرح الأمور المتعلقة بهذا الشان العسكرى وتارة لأن التعابير الخطابية تتطلب التركيز على الجوانب الحماسية والمعنوية فهى التى تسخن الخطاب فيكون له نغمة جذابة تطرب آذان السامعين فضلا عن أن ركون الناس للدنيا وتعلق قلوبهم بها صار لا حل لمواجهته غير بهذا الخطاب الحماسى ولكن عند التخطيط الإستراتيجيى للمعارك والصراعات والحروب فإن هذا وحده لا يكفى وهذا ما أثبتته “دروس شرق حلب” بل وسوريا كلها، فالحماس والتضحية والدم العربى المسلم السنى الذى نزف فى سوريا حتى الآن لم يكف لتحقيق النصر فالحماس والتضحية وحدهما لا يكفيان لحسم صراع المسلمين مع أعدائهم بل لابد من الأخذ بهدى النبى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه الراشدين رضى الله عنهم فى الأخذ بالأسباب وحيازة القدرة والقوة، ولعلها ليست مصادفة أن أعظم ملاحم الإسلام وأول معركة كبرى فيه وهى “غزوة بدر الكبرى” إنما كان سببها هو خروج النبى صلى الله عليه وآله وسلم لاستهداف عير قريش التى كانت تحمل ثروة ضخمة، ومع هذا قدر الله بدلا منها ذات الشوكة وهى الاصطدام بجيش قريش المجهز بعدد وعدة، وفى الأمرين “استهداف العير والاصطدام بجيش قريش المجهز الضخم” دلالة واضحة عن أهمية حيازة القدرة وأهمية الجهاد وكسر شوكة العدو بصرامة وحسم.
ومن هنا فهذا الدرس يقضى بأن يعيد الصادقون المتحمسون حساباتهم المادية ويهتموا بالقدرة ومن ذلك تعويض نقص القدرة بالخدعة والفكر العسكرى والأمنى والسياسى الابداعى والمكر والدهاء والحيل المختلفة مع استيعاب دروس التاريخ والاستراتيجية قديما وحديثا، فالحماس والتضحية وحدهما لا يكفيان أبدا.

ثوار سوريا فى حلب - صورة أرشيفية

ما سبب اختلاف وتعدد الحركات الاسلامية فى مصر وسوريا؟؟

رغم أنى أحلل و أكتب عن الحركات الإسلامية منذ ١٩٩٠ حتى الآن وأتابعها واراقبها منذ ١٩٧٩ وصدر لى عنها خمسة كتب حتى الآن، إلا إننى حتى الآن لا احفظ ولا افهم خريطة الحركة الاسلامية فى ثورة سوريا، ولا افهم لماذا تعددوا لهذا العدد الكبير جدا الذي يستعصى على عقلى حفظه أو فهمه خاصة فى ضوء أحداث ومجازر النظام ضدهم خاصة فى حلب.
من واقع وخبرة تاريخ وتطورات الحركات الاسلامية فى مصر وخلافاتها نجد انها اختلفت فى أحد الحالات التالية:
-الخلاف حول استرتيجية التغيير قسمها الى إخوان مسلمون وجهاد وجمعيات وسلفية وقطبيين.
-الخلاف الشخصى بين القادة قسم الجهاديين الى جماعة الجهاد والجماعة الاسلامية ثم تعمق الانقسام بتمايز وتباين تكتيكات وأساليب كل من الجماعتين عن بعضهما البعض بمرور الوقت.
-الخلاف العقيدى صنع جماعة المسلمين بقيادة شكرى مصطفى منفصلة عن بقية الجماعات كما صنع جماعات ومجموعات أخرى أصغر تاليا مثل الشوقيين والناجون من النار وغيرها.
-اليد الأمنية صنعت بعض الجماعات أو المجموعات واخترقت جماعات قائمة ووجهتها كما تشاء لخدمة أهداف أجهزة الحكومة.. وبالطبع فقد اختلفت هذه الجماعات والمجموعات مع الباقين وأثارت خلافات وجدالات كثيرة بالساحة.
-الخلافات فى الأساليب والتكتيكات أزكت الخلافات المذكورة فى المحاور السابقة لكنى لم الحظ لها تأثير بخلق خلاف أساسى او تقسيم الجماعات حسبما أذكر الآن، بل بالعكس لاحظنا تسامح بين الحركات المختلفة حول هذا النوع من الاختلاف خاصة بعد ثورة يناير فى مصر وربما حتى الان وذلك بدرجة او بأخرى..
ومن هنا فأنا أتساءل أنا وغيرى كثير عن مبررات ومسوغات تعدد الفصائل والجماعات فى الثورة السورية للدرجة التى تجعل من الصعب حفظ كل هذه الأسماء والرايات التى تمثل عشرات الفصائل والكتائب والفيالق والجماعات والجيوش رغم انهم كلهم ضد بشار ويحملون ضده السلاح وكل الثوار لا يكفرون بعضهم بعضا فهم لا تفرقهم العقيدة (باستثناء داعش التى تكفر الكثيرين ممن خالفها).. فلما كل هذا الاختلاف يا قوم؟؟.
وأخشى أن يذكرنا هذا بعصر ملوك الطوائف بالأندلس عندما قال الشاعر:
مما يزهدنى فى أرض أندلس..
*****أسماء مقتدر فيها ومعتضد
ألقاب مملكة فى غير موضعها..
*****كالهر يحكى انتفاخا صولة الأسد
وأرجو من اخواننا بالثورة الشامية ألا يضيق صدرهم من تساؤلاتنا وتعليقاتنا لأن ثورتهم تهم كل الشعب العربى والأمة الإسلامية لأنها حلقة من حلقات التحرر الإسلامى والعربى وأيا كانت نتائجها فهى تجربة عربية إسلامية ينبغى أن ندرسها جيدا ونتعلم من ايجابياتها وسلبياتها.

وسائل الاعلام - صورة أرشيفية

موقف بعض الإسلاميين من وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية

مقولة (أنت تأخذ معلوماتك من وسائل إعلام الكفار)، التى يرفعها بعض الإسلاميين فى وجه كل تحليل نقدى لسلوكهم السياسى أو الاستراتيجى هى مقولة باطلة، وإن كانت توجد بها جزئية صغيرة صادقة فهى جزئية مبالغ فيها، لأن وسائل الإعلام الأوربية والأمريكية هى موجهة بالأساس لمواطنيها كأبرز مصدر للأخبار والمعلومات، فلابد أن تصدق بدرجة كبيرة، وإلا نبذوها، كما أن تنافس وسائل الإعلام هذه لأسباب تجارية أو سياسية أو أيديولوجية تجعل عملية إخفاء المعلومات صعبة ولو حدثت أحيانا فإنها لا تدوم وبالجملة فلا يمكن أن يخفوا المعلومات الجوهرية طوال الوقت، لاسيما فى عصر تويتر والفيس بوك والمدونات، حيث يمكن لأى محرر أن يعلن ما منعوا نشره، فضلا عن استقباحهم للكذب والفبركة فى هذا المجال كقيمة عليا لديهم بعكس الإعلام الدجال فى العالم الثالث، هذا عن واقع الأمر، أما عن الحكم الشرعى فقد ذكر علماء كبار من السلف الصالح كالسيوطى وغيره أنه يمكن الاعتماد على ما ينقله كافرون مادام كذبهم فى هذا النقل مستبعد وضربوا مثالا باعتماد علماء الإسلام جميعا على قبول ما نقله الوثنيون من العرب من أشعار العرب من مرحلة ما قبل الإسلام وحتى بعيد ظهور الإسلام، واعتماد علماء اللغة وأصول الفقه والتفسير والفقه على هذه الأشعار فى الاستدلال، رغم أنها هى المنقولة عبر كفار، وأورد السيوطى هذا الكلام فى مرجعه الشهير والمهم فى مجال علم مصطلح الحديث “تدريب الرواى فى شرح تقريب النواوي”، كما أنه موجود فى مراجع مهمة أخرى عديدة.

وسائل الاعلام الموجهة من حكومات

يبقى أن نشير إلى عدة أمور على النحو التالى:
أول أمر وهو مهم كى يكون الكلام دقيقا وهو أن مواقع الويب أو الفضائيات الخاصة بمؤسسات إعلامية غربية (خاصة الممول منها من وزارات خارجية بلادها كالحرة والبى بى سي BBC ) الموجهة للعرب باللغة العربية غير معنية بكلامنا عن الصدق النسبى لدى وسائل الإعلام الغربية لأن تتبع هذه الجهات يثبت عدم حيادها فى كثير أو قليل من الأحيان، وعلى سبيل المثال فذات مرة رأيت تقريرا عن الاعتقال والاختفاء القسرى بمصر منشورا على BBC الإنجليزية بصفحة الموقع الرئيسية، وظل منشورا عليها، بينما لم يظهر أبدًا على مثيلتها BBC باللغة العربية.. وهذا مجرد مثال.

ولكن على سبيل المثال أيضًا أظن أن مواقع فرانس 24 ومونت كارلو باللغة العربية أكثر حرية رغم أنى لم أتابعهما باللغة الفرنسية لأنى لا أعرفها.

الأمر الثانى – كلامى بشكل عام منصب على المعلومات وليس التحليل ولا الرأي، لأن التحليل رهين منهاجية المحلل وشخصيته، وكذلك مقالات الرأى رهينة بتوجه ورأى صاحبها.

الأمر الثالث- أن كلامى لا يعنى التسليم بأى كلام يرد فى أى من هذه الوسائل، ولكنه يعتبر ويقارن بغيره للتأكد من صحته ومن ضمن ما يقارن به منطق الأحداث ومنطق التاريخ ومنطق الواقع الاجتماعي.. وهذا طبيعى ففى علم الحديث، إنما علمنا صدق الراوى الصادق وكذب الكاذب بالمقارنة.
الأمر الرابع- قد يرى البعض بعد قراءة كل هذا التفصيل أن الأمر يحتاج جهدا وخطوات مركبة ومعقدة، وهذا طبيعى لأنه من غير المعقول أن يتصدر شخص للكلام فى الأمور العامة وإصدار الأحكام، التى تحدد مسارًا للأمة دون عناء وجهد وقراءة ومقارنة وتفكر.

أجهزة الاستخبارات الكبرى في العالم

ومن ناحية أخرى يجب أن نفهم أن طريقة عمل أجهزة الاستخبارات الكبرى في العالم، التى تهتم بمتابعة المعلومات وتحليلها يشمل متابعة ما تبثه وسائل الاعلام، فمن المعروف أن جهاز المعلومات بداخل كل أجهزة الاستخبارات الكبرى في العالم ينقسم إلى عدة أقسام:
القسم الأول- يستقى المعلومات عبر متابعة ما يسمونه بالمصادر العلنية، ويقوم هذا القسم على متابعة كافة وسائل الإعلام من فضائيات ووكالات الأنباء وصحف ومجلات ومواقع الويب، ويقوم بتجميع المعلومات منها وتصنيفها وتحليلها وتقديم تقارير بها مرتبة ومصنفة إلى ذوى الشأن.
القسم الثاني- وهو مختص بالمصادر السرية، وهذا يعتمد على فرعين آخرين:
فرع التجسس الإلكترونى والقائم على تجميع المعلومات عبر التجسس على الاتصالات واعتراضها سواء تليفونات أو ويب أو التصوير عبر الأقمار الصناعية وطائرات التجسس والتنصت.
والفرع الثاني- يقوم على زرع أشخاص عملاء كجواسيس فى قلب الهدف بجانب العلاقات مع زعماء وقادة مطلعين ويقبلون تقديم المعلومات لهذه الجهة.
ومن هنا فالمصادر العلنية التى يستخف بها أكثر أبناء الحركات الاسلامية ويقلل بعضهم من شأنها هي مصادر معتبرة كأحد مصادر المعلومات بدرجة ليست قليلة فى كافة أجهزة الاستخبارات الكبرى لجمع المعلومات، تلك المعلومات التي تستخدم في اعداد التقارير وتقدير الموقف الذي يُقدم عادة لقادة الدول الكبرى والمتوسطة ويساهم في صنع قراراتهم.

الاستخبارات مفتوحة المصدر وشبكة الانترنت

واشتهر اليوم مصطلح “الاستخبارات مفتوحة المصدر” وصار يستخدمه كثير من الصحفيين والاعلاميين بتشدق أو تفاخر كأنه شيء غريب وجديد وصعب، بينما هو نفسه أسلوب استخدام المصادر العلنية لجمع المعلومات وتنصنيفها ثم تحليلها، لكنه صار أسهل وأغزر مادة بسبب وجود شبكة الانترنت، حيث صارت وكالات الانباء والصحف والمجلات والقنوات التليفزيونية كلها متاحة بكبسة زر، بل زاد عليها وسائل الإعلام الجديد مثل السوشيال ميديا والمدونات والمنتديات وتطبيقات التواصل الاجتماعي والانساني الكثيرة، وبجانب ذلك صارت توجد برمجيات وتطبيقات يمكنها البحث عن الأشخاص او المعلومات، وجمع المعلومات اللازمة من أجل تحليل سلوك ومواقف الأشخاص في كافة المجالات، فضلا عن تتبع أرقام موبايلاتهم وتحديد أماكن وجودهم بالتوقيت الدقيق، سواء عبر الموبايل الذي يستخدمونه أو عبر استخدامهم شبكة الاتصال بالانترنت، أو أماكن وتوقيتات استخدام كارت البنك في الدفع أو نحوه سواء في سوق أو ماكينة ATM أو شيء متصل بالانترنت او الموبايل، ناهيك عن اختراق شبكات كاميرات المراقبة العامة أو الخاصة لتحديد وجود شخص ما أو شيء ما في مكان و زمان ما.

ومن هنا فالدعوة لإهمال أي من المصادر العلنية للمعلومات أيا كان مصدره بذريعة أي شعار عاطفي أو حماسي فهو درب من دروب السذاجة والبلاهة والدجل.

 

تنظيم الدولة يضرب السعودية أثناء حربها مع الحوثيين

لماذا يضرب تنظيم الدولة في قلب السعودية أثناء حربها مع الحوثيين؟

كتبت هنا منذ فترة عن محاولات تنظيم الدولة لإثارة الأوضاع و خلط الأوراق داخل المملكة السعودية و ألمحت إلى أن هذا نوع من العمى السياسي و الإستراتيجي لدى التنظيم و قلت أن هذا يكون رأينا إذا أحسنا الظن بتنظيم الدولة، أما إذا أسأنا به الظن فسوف نقول أن التنظيم له قيادة مخترقة بحيث تعمل ما يخدم مصالح إيران و حلفها و إسرائيل و حلفها من حين لآخر .. و كالمعتاد احمرت أنوف البعض و علق أخوة أفاضل بخشونة و اتهموني بأني لا أدقق في معلوماتي.. و لكن كالعادة أيضا يصدق تحليلي و يظهر صوابه بتحققه بعد فترة من إعلاني له..

فأمس و للجمعة الثانية يستهدف تنظيم الدولة مسجدا شيعيا في المنطقة الشرقية للمملكة السعودية.. فهل معلوماتي مازالت خاطئة..

أنا أريد أن أفهم.. من الذكي الذي يظن أنه لو اشتعلت فتنة بين السنة و الشيعة في السعودية سيستفيد منها أهل السنة ؟؟ ألا يفهم أي ذكي أن المستفيد الوحيد من فتنة كهذه هو إيران لأنها لن تترك و لا يمكنها أن تترك شيعة السعودية يذبحون بسيف الدولة السعودية .. أم أن أذكياء تنظيم الدولة يظنون أن السعودية كالبحرين يمكن لإيران أن تسكت على قمع الشيعة فيها؟

إن أقوى قوتين منظمتين في المنطقة الآن هي إيران و إسرائيل و كلتاهما حلفاء للولايات المتحدة و أي تفكك و فراغات ستحدث في المنطقة ستستفيد منها إيران و إسرائيل بدعم أو غض طرف أمريكي ، و لو حدثت حرب أهلية داخل السعودية بين السنة و الشيعة كما يهدف أذكياء تنظيم الدولة فإن إيران ستغذي الشيعة بالسلاح و الأفراد إلى أن تحتل المنطقة الشرقية السعودية الغنية بالنفط و بالشيعة ، ولن يستفيد من هذه الحرب تنظيم الدولة الذكي الذي يحارب في العراق منذ 2004 و لم يمكنه حتى الساعة تحرير و لا حتى نصف العراق، و بينما لم يتمكن من تحرير العراق فإذا به يقفز في سوريا و بينما هو منغمس في معارك سوريا و العراق ينتصر مرة و ينهزم أخرى فإذا به يقفز في السعودية ليفتح معارك جديدة .. فما هذا الذكاء.. أم إنه الهروب للأمام؟؟

قلنا سابقا و نكرر.. لصالح من يتم ضرب السعودية في ظهرها و هي في هذه الحالة؟ هل لصالح السنة أم لصالح إيران؟

و أثناء كتابة هذه السطور وردت الأخبار بأن تنظيم الدولة في سوريا احتل منطقة مهمة قطع بها إمدادات المجاهدين للمناطق المحررة حديثا في سوريا ، فهل لنا أن نسأل لماذا يتحرك تنظيم الدولة عند نجاح المجاهدين السوريين في دحر النظام فيقطع الإمدادات عنهم فلمصلحة من يعمل هذا التنظيم؟

ثم ورد خبر آخر منذ ساعات أيضا أن قوات تنظيم الدولة تهاجم قوات النصرة ، و يأتي هذا الهجوم بعد يومين من إذاعة الجزيرة للمقابلة مع زعيم النصرة و التي قال فيها إن المعركة تتجه لدمشق ، فهل هجوم تنظيم الدولة على النصرة الآن هو جزاء لها لإعلان زعيمها التوجه نحو دمشق؟ و إن لم يكن هكذا فلماذا الهجوم على النصرة الآن؟؟ يا أخي ما دام لديك قوة تهاجم بها فلماذا لا تهاجم أنت النظام.. فقط النظام .. و تدع كل من يضرب في النظام في حاله؟؟

إدراك حقيقة المصالح و المفاسد و أيهما أولى بالتقديم في كل حالة من الحالات هي لب العمل السياسي و الاستراتيجي الإسلامي و يحتاج لفقه عميق لا يتوفر لمن قل علمه بالشرع الحنيف أو بالواقع و لذلك ساوى السلف بين مداد العلماء و دماء الشهداء لأنه دون علم فالمرء مهدد بأن يصبح ممن قال الله تعالى عنهم “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” الكهف آية 103-104.

أوباما رئيس الولايات المتحدة - محمد مرسي رئيس مصر السابق

كيف ولماذا طلب الإخوان المسلمون العون من أوباما ضد السيسي؟

في أيام حكم د. محمد مرسي .. لما ذهب عصام الحداد لأمريكا و قابل أوباما و جلس معه 45 دقيقة منفردا طلب منه نصائح و معلومات لكيفية السيطرة على الجيش ديمقراطيا فقال له أوباما لما ترجع مصر سأرسل لك فايل عن هذا الأمر عبر البنتاجون و لما رجع الحداد مصر فوجئ باحد أعضاء المجلس العسكري يقول له “بقى أنت رايح لحد أمريكا وأوباما علشان تقوله عاوز نصيحة في التحكم في القوات المسلحة… السيسى عرف بالموضوع، يا راجل عيب كده”.

هذه رواية محمد فهمي مراسل الجزيرة نقلا عن حوار دار بينه وبين عصام الحداد لما تقابل معه في السجن.. والعهدة على الراوي.

***

لو كانت هذه الواقعة صحيحة فأظن أن عصام الحداد لم يكن مقصده أخذ مشورة أوباما انما كان مقصده حض اوباما على دعم حكم الاخوان و الرئيس مرسي ضد العسكر و لكنه طلب هذا الدعم بصيغة المشورة حول الطرق الديمقرطية للسيطرة عليهم .. الخ .

وقد قرأت في مكان ما (لا أذكر الآن أين) أن رجب طيب أردوغان أرسل لمحمد مرسي رئيس المخابرات التركية قبل عزل مرسي بفترة وجيزة ليحذره من انقلاب وشيك، كما أن العديد من قادة الاسلاميين المصريين ذوي الرأي و الخبرة حذروا الاخوان مرارا منذ بداية حكم مرسي من انقلاب عسكري.. و الشائع بين شباب الاسلاميين في مصر أن حازم أبو اسماعيل هو من انفرد بادراك هذا الخطر العسكري و التحذير منه، لكن هذا مخالف للحقيقة فأكثر ذوي الرأي و الخبرة من الاسلاميين حذروا الاخوان من هذا الخطر، لكن الفارق أن حازم كانت أضواء الاعلام مسلطة عليه فشاع رأيه، بينما الآراء المماثلة من غيره من القادة كانت تقال في غرف مغلقة موجهة لكافة قادة الاخوان، و ممن وصلت له رسالة الاسلاميين واضحة في هذا المر كل من د. بديع و مهندس خيرت الشاطر و د. محمد مرسي نفسه في قصر الرئاسة ..

ثم ان معرفة محمد مرسي بنتيجة لجنة تقصي الحقائق و ان الاستخبارات بقيادة السيسي هي المسئولة عن قتلى التحرير وقت الثورة أو المتسترة على القناصة ألم تكن هذه كافية لتحذير مرسي و الاخوان بالخطر المحدق بوجودهم في الحكم؟؟!! ..

و هذا كله يوضح أن المشكلة ليست في عدم ادراك الخطر فكل القادة (اخوان و غير اخوان) كانوا يعرفونه جيدا و لكن المشكلة في منهج التعامل مع هذا الخطر، فالاخوان منهجهم املى عليهم اللعب بثلاث ورقات لا ثالث لهم و هم:

(1)محاولة اقناع امريكا بتأيدهم و مساندتهم ضد العسكر بتقديم أنفسهم على أنهم الاسلام المعتدل الذي سيفيد أميركا لأنه أكبر ضمانة لمكافحة المتطرفين (يقصد بهم الجهاديين كافة). 

(2)مهادنة أجهزة الدولة العميقة أمن و مخابرات و جيش و بيروقراطية فاسدة و اعلام متحالف مع كل هذه الأجهزة باقرارهم على اوضاعهم وامتيازاتهم على أمل أن يقبلوا بحكم الاخوان و لا يناهضوه.

(3)التلويح بورقة السيطرة على الشارع و القدرة على حشد مئات الألوف في مظاهرات و اعتصامات. 

و رغم أن هذه الورقات الثلاث فشلت فشلا ذريعا في تثبيت حكم الاخوان فمازال الاخوان يعتمدون عليها وحدها بهدف اسقاط حكم السيسي و اعادة د. مرسي و الاخوان الى الحكم.

***

و يرتبط بهذه الطريقة في التفكير السياسي لدى الاخوان المسلمون في مصر ما فعله اخوان اليمن مؤخرا عندما توسع الحوثيون عسكريا حتى سيطروا على معظم اراضي اليمن..

فالكثيرون يتعجبون من موقف اخوان اليمن حيث رفضوا مقاومة الحوثي بالسلاح في اليمن عندما توحش و هاجم صنعاء و مقار الاصلاح و جامعة الايمان و بيوت قادته ثم عاد الاخوان عند اندلاع عاصفة الحزم ليتخذوا موقفا مختلفا بتأييد العاصفة علنا….

و اعتبر البعض أن هذا موقف متناقض اذ لو انك تقول سلمية أو منهج اصلاحي فاستمر عليه فما هذا التناقض؟؟

يوجد أمر .. لا يلاحظه أكثرنا.. و هو أن السلمية أو ما يصطلح عليه بالمنهج الاصلاحي ليس هو ثابت الاخوان المسلمون الأساسي، لكن لديهم ثوابت أهم من ذلك و هو أن ترضى عنهم أمريكا و ما تمثله من نظام دولي فلا يتهمهم النظام الدولي بأنهم ارهابييون أو متطرفون، و من هنا حرصهم على عدم حمل السلاح هنا او هناك..

البعض يفهمهم خطأ فيتهمهم بالجبن و آخرون يتهمونهم بأنهم يحافظون على مصالحهم الاقتصادية، و كل هذا غير صحيح فالاخوان ليسوا جبناء و لا يضنون بانفسهم و أموالهم في سبيل مبادئهم و لكنهم مهتمون و مصممون على ان يرضى عنهم النظام الدولي، و يعتبرهم البديل المعتدل عن الحركات الاسلامية الأخرى، و مصممون أن ينفذوا أهدافهم عبر التفاهم مع النظام الدولي، و دون الاصطدام به و لذلك رفضوا حمل السلاح ضد الحوثي اولا، و لكن عندما أعطى النظام الدولي الضوء الأخضر للسعودية للحرب في اليمن فحينها أيد الاخوان المسلمون ما أيده النظام الدولي.

 
 

أوباما و نتنياهو

اللعبة الجديدة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط

في أي سياق يأتي الاتفاق النووي الإيراني مع أوروبا و الولايات المتحدة ؟؟ إنه يأتي في سياق الإستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة بالشرق الأوسط.

و أتوقع أن جوهر الإستراتيجية الجديدة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية أوباما في منطقة الشرق الأوسط قائمة على ترك القوى الكبرى فيها تتصارع و من يأخذ شيئا (أرض أو نفوذ) يأخذه إلى أن تتوازن هذه القوى و تتفاهم وفقا للتوازن الجديد.
و القوى التي يتوقع لها أن تخوض الصراع حتى يتشكل النظام الإقليمي الجديد و يستقر هي:
-حلف الاعتدال العربي (التابع لأمريكا تقليديا و تاريخيا) و تتزعمه السعودية و يضم الخليج و مصر و الأردن و معه المغرب و باكستان رغم بعدهما نسبيا عن إقليم الشرق الأوسط و تساندهم إسرائيل.
-المحور الشيعي بقيادة إيران و معها أتباعها “العراق و حزب الله بلبنان و الأسد بسوريا و الحوثيون في اليمن و الأقليات الشيعية في كل من الخليج و الجزيرة العربية و تركيا و مصر”.
-المحور التركي القطري و معهما الإخوان المسلمون و يتوقع لهذا المحور التحالف مع المحور الأول بزعامة السعودية أحيانا.
-المحور الجهادي و يضم داعش و المنظمات التابعة للقاعدة و قوى الجهاد المحلي.
و لكن …………
………………
أمريكا ستدعم القوى الثلاث الأولى في سبيل إضعاف و هزيمة المحور الجهادي كما لن تترك إسرائيل وحدها في مواجهة أي محور يحاول إضعافها.. و في نفس الوقت فإن الولايات المتحدة ستدعم بدرجات مختلفة حفظ التوازن بين القوى الثلاث الأولى أي لن تسمح بهزيمة و زوال السعودية في مواجهة إيران و هكذا العكس بالعكس سواء بالنسبة لإيران و السعودية أو أي من القوي الأخرى باستثناء الجهاديين فمطلوب سحقهم أمريكيا.
و بالنسبة لإسرائيل فلا يسمح أمريكيا بإضعافها أو السيطرة عليها و دفعها للإذعان لأي من المحاور الأخرى.
و الله أعلم..

تنظيم الدولة الاسلامية صورة ارشيفية

تنظيم الدولة الإسلامية و خلافة البغدادي .. مناقشات و ردود

انتقد أحد الأخوة مقالي عن تنظيم الدولة الإسلامية فكان أهم ما قاله أنه: “مقال غير موفق وقد بني كاتبه انتقاداته علي معلومات أكثرها مغلوط والحكم علي الشيء فرع عن تصوره وكان الأجدى والأجدر قليل من البحث” فرددت عليه الرد التالي :

أنا عندما أكتب تحليلا لا أرتكز فقط على المعلومات المنشورة خاصة إذا كان التحليل خاص بالحركة الإسلامية..بل أستخدم (بفضل الله)معلومات مباشرة من مصادر موثوقة.. و هذا أيضا أعتمد عليه بشكل أساسي في تكوين معرفتي عن الواقع دائما فأنا أقدر المعلومة و أعرف قيمتها و درجتها لا سيما و أنا دراستي الأولى كانت لعلوم الحديث و ما تشمله من دراسة الأسانيد ثم تلتها دراستي للتاريخ و هي تشمل دراسة مناهج البحث و التوثيق و خاصة في مرحلة الماجستير.. فبالتالي من غير المقبول الادعاء بأني ارتكزت في التحليل على معلومات تتسم بالكذب و البهتان و هو اتهام ليس عليه أي بينة.. كما أن إنكار أن البغدادي قتل و قاتل أحرار الشام و النصرة و الجيش الحر في سوريا أمر يتساوى مع إنكار وجود الشمس..

أخ آخر كتب أن تنظيم الدولة لم يبايع القاعدة أصلا و أن تنظيم القاعدة في العراق بايع تنظيم الدولة و أن الجولاني أمير النصرة هو منشق أصلا عن تنظيم الدولة و أن مادام تنظيم الدولة أعلن الدولة الإسلامية أولا فعلى القاعدة و النصرة و غيرهم مبايعته و الدخول في طاعته..

و ردي عليه : أنت هكذا لم تفهم ما كتبته فما كتبته يقدم هدي سادة الأمة الذين بنوا عزها و نصرها و مجدها الذي نتغنى به حتى الآن هدي سيدنا محمد صلى الله عليه و آله و سلم و فاروق الأمة عمر و سيدها الحسن بن علي و أمامها على بن أبي طالب و أمينها أبو عبيدة بن الجراح و عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرين بالجنة و سيفها المسلول خالد بن الوليد فهدي هؤلاء السادة يجعل النقاش و الجدال و الكفاح و الاجتهاد ينصب على شيئين بشكل أساسي و أولي هما :

1-لم شمل الأمة و جمع كلمتها و عدم النزاع أو الاقتتال بينها و التنازل و الزهد في الإمارة في سبيل ذلك.

2-جعل جهدهم و همهم الجهادي و بأسهم كله ضد الكفار أعداء الأمة و ليس ضد مسلمين مخالفين في الرأي أو البيعة.

لكن المتأمل في كلام هذا الأخ يدرك كم ابتعد بعد المشرقين عن هدي هؤلاء السادة فهو يناقش و يجد و يكد لإثبات إمارة البغدادي و دولته  و كيف أن إمارة الجولاني غير سليمة و كيف أن على النصرة و القاعدة الدخول في طاعة البغدادي..الخ فالجهد كله للاستحواذ على الإمارة لشخص البغدادي و الطاعة له و للدولة بدلا من أن يكون الجهد كله منصب على لم شمل المسلمين و جمع كلمتهم و توحيد صفوفهم و الزهد في الامارة و الرئاسة كخلق عام و كوسيلة لتحقيق وحدة الصف بشكل خاص. 

ملاحظة هامة أخرى كتبها أحد الأخوة و هي أن التليفونات لا تقوى على متابعة الروابط ، و هو كتب هذا لأني نشرت الرابط فقط على الفيس بينما المقال هو على مدونتي و قد رددت عليه بقولي: ماذا أفعل فالمقال قوامه 2000 كلمة فكيف أنشره في بوست على الفيس؟؟