الحرب في سوريا - صوررة أرشيفية

مستقبل الصراع السياسي و العسكري في المنطقة العربية و أفريقيا و أفغانستان (1من 5)

الكل يراقب و يترقب محاولا معرفة الاجابة عن سؤال: ما هو مستقبل الصراع السياسي و العسكري في المنطقة العربية و أفريقيا و أفغانستان؟..
و تأتي أهمية إجابة هذا السؤال من أن إجابته ستحدد مصائر ليس فقط  المنطقة و شعوبها و أفرادها فردا فردا بل و ستحدد مصير و شكل العالم و النظام الدولي كله.
لقد كتبنا سابقا هنا في ديسمبر 2014  عن “خريطة الصراع السياسي في المنطقة العربية الآن” و شرحنا أهداف أغلب القوى المتصارعة، و وعدنا بشرح أهداف بقية القوى في حلقة تالية و لكن قعد بنا ضيق الوقت عن الاكمال، كما أن بعض الأمور تغيرت بموت ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز و تولي الملك سليمان و فريقه للحكم بالمملكة، و إجراءه بعض التغيرات في تحالفات وسياسات المملكة، و موضوعنا اليوم ليس هو التكملة التي وعدنا بها و لكنه موضوع آخر و ان حمل في طياته – ضمن ما يحمل- التكملة.  
و ذكرنا في المقال السابق المذكور أن هناك احتدام للصراع بين عدة مشاريع للسيطرة بالمنطقة هي:
 
-المشروع التركي بقيادة أردوغان.
 
-المشروع الإيراني.
 
-المشروع الأمريكي.
 
-حلفاء المشروع الأمريكي و هم مصر و الأردن و دول الخليج العربي.
 
-مشروع شبكة القاعدة و التي تغيرت أسماء منظماتها الى جبهة النصرة في سوريا و أنصار الشريعة باليمن و ليبيا و تونس.
 
-مشروع داعش في المنطقة خاصة في سوريا و العراق.
 
-مشروع الاخوان المسلمون في مصر و تونس و اليمن و سوريا.
 
-مشاريع جهادية إسلامية محلية في سوريا (كأحرار الشام كمثال) و ليبيا (كفجر ليبيا و نحوها كمثال) و في أفغانستان حركة طالبان كمثال .

 
و لكن طرأ تغير الآن حيث بلور الملك سلمان و فريقه مشروعا سعوديا في المنطقة بالتحالف مع عدد من الحلفاء أبرزهم دول الخليج (عدا عُمان و الامارات) بالإضافة للمغرب و السودان و غيرهما.  
و كي نفهم مستقبل هذا الصراع لابد أن نعيد توصيف هذه القوى و أهدافها لنعبر عنها بجوهر وصفها بدلا من الوقوف عند حد توصيفها بأسمائها فقط و حينئذ سنجد هذه القوى هي:
 
-المشروع التركي بقيادة أردوغان
 
 و جوهره الارتقاء بتركيا لتصير قوة عظمى دوليا (هي الآن قوة عظمى اقليمية فقط) بجانب معارضة و افشال أو على الأقل حصار المشروعين الايراني و الاسرائيلي، و يتوسل لذلك بعدة وسائل هي:
-تنمية تركيا اقتصاديا لأقصى حد يمكنه تحقيقه و ذلك لحيازة القوة الشاملة كدولة و للحصول على تأييد الشعب التركي داخليا لحزب أردوغان بما يتيح له اطلاق يده في العمل السياسي و الاقتصادي داخليا و خارجيا.
-اكتساب التأييد الأمريكي و الأوروبي لخطواته الاقليمية و الدولية و يتوسل لهذا بحيل شتى آخرها محاربة ارهاب داعش.
-اقامة شراكات و تحالفات اقليمية مهمة تساعده على تحقيق سياسته الاقليمية و الدولية مثل تحالفه مع قطر و حماس و أكراد العراق و اخيرا السعودية.
-الحفاظ على شعرة معاوية مع أغلب غرمائه مثل علاقاته مع إيران و علاقته السرية مع إسرائيل و هدنته لسنتين متصلتين مع تنظيم العمال الكردي.
و يوثق أردوغان علاقاته بالقوى التي تناهض المشروعين الأمريكي و الإيراني بالمنطقة و يساندها لكنه يلعب في الملعب المأمون له فقط (بحسب ما استخلصته من المعلومات المعلنة) فيصعب أن يجازف بما يثبت علاقة له أو مساندة لقوى مصنفة أنها إرهابية بشكل قاطع لدى أميركا و أوروبا (باستثناء مساندته القوية العلنية و الخفية لحماس) و لكنه قوي و أداءه السياسي قوي فربما يغض الطرف عن دعم لهذا أو ذاك بشكل يصعب على خصومه إثباته عليه.
 
-المشروع الجهادي العالمي
 
تيار الجهاد العالمي متمثل في منظمة القاعدة و فروعها ، و قد مر بثلاثة أطوار و آخرها هو طور رأت فيه الفروع المحلية لشبكة القاعدة أن ضغوط الواقع و مقتضياته (من حيث زيادة أعداد أعضائها في بقاع جغرافية محددة و حاجة هذا العدد لحيز جغرافي يأمن فيه على نفسه و أسرته و يخزن فيه معداته و يستقبل فيه الوافدين و المتعاطفين الجدد و لا يمكن أن يتأتى له ذلك في بيت أو مزرعة فقط كما كان الحال سابقا) تجعله محتاجا الى التحيز جغرافيا لبقعة من الأرض يحميها و يتحصن بها و تكون معروفة ليلوذ بها داعموه و من هنا نشأت امارات تابعة للقاعدة بعضها معلن و بعضها غير معلن مثلما حدث في العراق أيام أبو أيوب المصري و أبو حمزة المهاجر و في اليمن و الصومال و مالي و غيرها.
و من هنا تظهر استراتيجية التنظيمات التابعة للقاعدة في الصراع الحالي
و هو سعيها لتكوين دولة اسلامية في مكان ما في المنطقة العربية أو أفريقيا كي تتمكن أن تأمن على نفسها فيها و تحقق النموذج الاسلامي في الحكم الذي طال انتظاره منذ بداية حربهم مع أمريكا (بداية من الصومال في بداية التسعينات من القرن العشرين و حتى الآن) ، و رغم أن مثل هذه الدولة قد تكون قاعدة و منطلقا لمواصلة الحرب ضد الولايات المتحدة الا أنها قد تلين موقفها من الولايات المتحدة كما فعلت النصرة مؤخرا أو قد تهدئ من اطلاق الهجمات كما هو الحال في الصحراء الأفريقية و الصومال و اليمن مؤخرا و غيرها.
و هكذا بات الهدف العملي و الأقرب للتطبيق في الصراع الدائر بالمنطقة بالنسبة لفروع القاعدة هو إقامة الدولة الاسلامية في بقعة جغرافية ما كلما أمكن و سوف يستمرون في الحرب حتى يتحقق لهم ذلك.
 
-مشروع تنظيم الدولة
 
نشأ تنظيم الدولة عبر الاستقلال عن القاعدة و هذا الاستقلال و ما واكبه من تغير فكري له أسبابه و طبيعته و ليس هنا مناسبة تفصيله و لكن على كل حال فتنظيم الدولة خرج من عباءة القاعدة بعد طورها الأخير و هو طور اقامة الدولة لكن تنظيم الدولة أخذ يعطي اقامة الدولة زخما إعلاميا كبيرا كي يلعب على وتر المشاعر الجياشة للمسلمين الذين يعانون من الظلم و الاستضعاف أو الاغتراب و يتشوقون لدولة تجسد مبادئهم يعيشون في ظلها آمنين، و من هنا فتنظيم الدولة قاتل و يقاتل للحفاظ على صورته كدولة لأنه جعلها مبرر وجوده و مصدر شرعيته و أعلن أن أمير التنظيم هو خليفة المسلمين.
 
-المشروع الجهادي المحلي
 
هو تيار اسلامي جهادي رأى أن من الصعب الدخول في حرب مع النظامين الاقليمي و الدولي بجانب حربه مع النظام المحلي الحاكم و لذلك فهو لا يعلن مشروعا أو أهدافا لا اقليمية و لا دولية و إنما يركز على أهداف و مشروع محلي قائم على اقامة حكم إسلامي محلي داخل دولته مستخدما الجهاد المسلح لتحقيق مشروعه و قد رأينا تبلور هذا الاتجاه في عدد من المنظمات المهمة بكل من سوريا و ليبيا و أفغانستان و غيرها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و نواصل التحليل في الحلقة التالية غدا إن شاء الله.

إقرأ الحلقة الثانية هنا

و إقرأ الحلقة الثالثة هنا

و إقرأ الحلقة الرابعة هنا

و إقرأ الحلقة الخامسة و الأخيرة هنا

تطبيق الشريعة الاسلامية

تحكيم الشريعة الإسلامية في مصر… رد على ماجد عطية

وصلنا من الأستاذ ماجد عطية (رئيس تحرير جريدة وطني سابقا) تعليقا على موضوع “63% من المسيحيين يؤيدون تطبيق الشريعة الاسلامية”، فوجدنا أنه من حق القارئ علينا أن نعلق على التعليق في نقاط حتى تزداد الأفكار وضوحا على النحو التالي:

أولاً: ركز الأستاذ ماجد في تعليقه على أن استطلاع الرأى الذي ذكرناه في الموضوع قديم جدا و يرجع لعصر الرئيس السادات و يرتكز على أهوائه في اظهار الدولة على أنها اسلامية، و الحقيقة أن استطلاع الرأي لم يبدأ العمل في اعداده أيام السادات بل بدأ تحديدا عام 1982م و تم الانتهاء منه عام 1984م ثم جرى نشره عام 1985م، فهو ليس بالقدم الذى ذكره أ/ ماجد، كما أنه في عصر الرئيس مبارك، وقد سقط سهوا تاريخ الاصدار (1985م) أثناء تحرير الموضوع، و لم نعتمد على هذا الاستطلاع وحده بل اعتمدنا على استطلاع حديث جدا أجراه معهد جالوب الأمريكي وهو قد أجرى فى صيف 2007 وأعلن عنه هذا الصيف 2008م في كثير من وسائل الاعلام فلو أن علة الرفض عند أ/ ماجد القدم فها هو الحديث يؤيد القديم.

ثانياً: من مرتكزات ماجد عطية في الطعن على تقرير المركز القومي للبحوث كون الذى أشرف على البحث «صلاح عبد المتعال» و هو من الاخوان المسلمين حسب قوله، لكن حقيقة الأمر أن الذي أشرف على البحث الدكتور “أحمد المجدوب” و ليس “صلاح عبد المتعال” و يمكن للأستاذ ماجد أن يرجع لسجلات المركز ليطمئن قلبه. ثالثا: استدل ماجد عطية على صحة طعنه في البحث أن جريدة الدعوة الناطقة بلسان الاخوان قد احتفت بالبحث، و رغم أن هذا خطأ واضح في الاستدلال، إلا أنه فاته أن جريدة الدعوة كان قد صادرها الرئيس السادات في 5 سبتمبر 1981م أي قبل صدور البحث بأكثر من أربع سنوات، فكيف تحتفي بالبحث و هي موقوفة؟!

ثالثا: إذا كان الأستاذ قد ذكرنا مشكورا بأصول العلمية والمهنية فقد كان عليه أن يرفق برده صورة من غلاف وصفحة مجلة الدعوة التى قال أنها رحبت بالتقرير (رغم تأكيدنا الجازم أن هذا العدد غير موجود أصلا) فضلاً عن أن ترحيب أى وسيلة إعلام بخبر ما لا يعنى نفيه أو تكذيبه بل العبرة بالواقع الحقيقى وليس بمن أيد أو رفض.

رابعاً: ألمح أ/ ماجد بما يشبه التصريح فى رابعاً إلى فبركة الاستطلاع ولم يذكر لنا دليلاً واحداً على ذلك.

وطبعاً ليس من المفيد أن ننفى بغير دليل واقعة ثابتة فالاستطلاع صدر باسم المركز وطبعه ووزعه المركز فلابد لمن يريد أن يطعن فيه أن يأتى بدلائل تفوق ذلك قوة مثل استطلاع آخر أجراه مركز أخر بنفس قيمة وموضوعية مركز البحوث و تكون نتيجته مختلفة.

خامساً: تطرق أ/ ماجد لما أسماه بعربدة التطرف فى طول البلاد وعرضها، ورغم خلافنا مع ما طرحه من كون سلاح المتطرفين قد وجه فقط للمسيحيين بينما الحقيقة أن أغلب من تم قتلهم هم من المسلمين سواء الشرطة أو الإداريين أو أبناء الجماعات الاسلامية نفسها أو حتى المارة فى الشارع ولم يكن هذا السلاح يستهدف بالأساس المسيحيين بعكس ما قاله أ/ ماجد وبعيداً عن الدخول فى مناقشة هذه القضية فنحن نسأل أ/ ماجد ما علاقة ذلك باستطلاع رأى جميع الشعب (مسلمين و مسيحيين) عن تطبيق الشريعة و كلامنا لا علاقة له لا بتطرف ولا بفتنة طائفية نحن نتكلم عن رأى الشعب ولو كان رأى الشعب غير هذا لذكرناه فنحن لم نوجه الشعب لرأى بل ذكرنا رأيه بكل تجرد.

سادساً: وهذا يدفعنا لأن نوجه لـ أ/ ماجد سؤالاً مشروعاً مشوباً بريبة مشروعة أيضاً وهو أننا اعتمدنا فى ذكر رأى الشعب على تقريرين الأول للمركز القومى للبحوث الاجتماعية «وهو مركز أكاديمى تابع للحكومة المصرية» والثانى تقرير مركز جالوب الأمريكى ذى الشهرة والثقة العالمية الواسعة فلماذا ركز فى رده على المصرى ولم يرد بكلمة على تقرير مركز جالوب الذى أتى بنفس النتائج هل لأن مركز جالوب أمريكانى ولا يمكن همزه ولمزه بالولاء للإخوان المسلمين أو غيرهم؟!

على العموم نحن نعتبر أن عدم رده على تقرير جالوب يعني أنه موافق عليه وهذا التقرير رأى أن 91% من المصريين يؤيدون تطبيق الشريعة واعتبر 85% من المؤيدين هؤلاء أن الشريعة تحمى حقوق الأقليات ورأى 97% منهم أنها تحمى حقوق الإنسان، فهل معهد جالوب أيضاً يشرف عليه واحد من الإخوان المسلمين يا أستاذ ماجد؟!!

سابعاً: أما واقعة الحوارات التى أجراها مع المستشار مأمون الهضيبى رحمه الله وممثلى الإخوان المسلمين فهذه رغم أهميتها التاريخية ليست لها علاقة بما نشرناه عن رأى الشعب وتوجهاته إزاء تطبيق الشريعة فكون الإخوان استشهدوا بتقرير فهو أمر لا يقدح فيه كما أنه لا دخل له بما نشرناه لأن هذا الحوار كله يرجع تاريخه لما بعد التقرير ربما بعشر سنوات كما أن حوار فريق من الإخوان مع فريق من الأقباط لا يقدح فى تقرير شبه رسمى وتقرير أخر دولى عن اتجاهات عامة الشعب وهذا أشرنا له فى الثلث الأخير من موضوعنا إذ قلنا أن النخبة من الإسلاميين والعلمانيين يتحاورون ويتجادلون فكرياً حول تطبيق الشريعة الإسلامية دون أن يلتفتوا أو يضعوا فى حسبانهم رأى الشعب واتجاهاته ورأى الشعب هو صميم الديمقراطية.

ومع ذلك وقع أ/ ماجد فى نفس الخطأ عندما حاول أن يجرنا لجدالات فكرية بين أقباط وإخوان مسلمون، و هؤلاء مهما كانت مكانتهم فهم جميعاً يمثلون نخبة فكرية من الأقباط والإسلاميين ولا يجوز لأي نخبة (مسلمة أو قبطية) أن تحجر على رأى أغلبية الشعب مسلمين وأقباط واتجاهات هذه الأغلبية المسلمة والمسيحية على حد سواء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

كتبته فى الأصل للعدد الأسبوعى من جريدة الدستور المصرية ونشر بها كما نشرته في مدونتى القديمة.