الحرب بين الهند وباكستان

الحرب بين الهند و باكستان .. مع من يجب أن نقف ؟

يبدو الآن أن ما أعلنته باكستان من اسقاط 5 طائرات حربية هندية بالاضافة لمسيرة حربية هندية هو خبر صحيح، وهي 3 طائرات رافال وواحدة ميج 29 وثانية سو 30 بالاضافة الى مسيرة حربية هندية.
الرافال من أقوى الطائرات الحربية متعددة المهام في العالم، ولا يكاد يتفوق عليها سوى اف35 واف22 فقط، ولكن يبدو أن هناك صاروخا صينيا متفوق للغاية استعملوه لاسقاطها، خاصة انهم ضربوا هذه الطائرات من داخل باكستان وهي تحلق في سماء الهند لم تخرج من الحدود الهندية، فكانت مباغتة رائعة طبعا، والأمر لم يتوقف على الرافال بل اسقطت باكستان طائرة ميج 29 وثانية سو 30، وكلاهما أحدث ما تملكه ترسانة روسيا من الطائرات الحربية.
طبعا بسطاء المسلمين (و ربما بتوجيه مباشر او غير مباشر من ذباب أجهزة اسرائيل والهند والامارات والممالك اياها) بدأوا الحملة التي تخدم أهداف الهند وتخصم من قوة باكستان وهي:
((يا أخوة لا تنخدعوا بهذه الحرب فهي ليست بين الإسلام والكفر بل الحكم الباكستاني مرتد وهو علماني وملتزم بالنظام الدولي والقانون الدولي والمجاهدون في باكستان يجاهدون هناك لاسقاط النظام الباكستاني فلا تغتروا بما يجري..الخ))..انتهى.
وهؤلاء فوق كونهم موجهين او غير موجهين من الأجهزة إياها، فهم لو افترضنا صدقهم فهم في أحسن الأحوال عقلهم وطريقة تفكيرهم ومستوى فهمهم لتعاليم الاسلام وشرعته في نفس مستوى ذي الخويصرة، ذلك الرجل التميمي الذي قال لسيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وآله سلم: “اتقي الله يا محمد واعدل فإنك لا تعطينا من مال أمك وابيك”، وفي رواية زيادة بلفظ “إن هذه القسمة لم يُرد بها وجه الله”..، وهم أيضا مثل الآلاف الذين كفروا سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومن معه من آلاف من كبار صحابة النبي محمد صلى الله عليه وآله سلم تحت شعار (يُحًكّم الرجال.. لا حكم الا لله).
هؤلاء لو كانوا مخلصين لله تعالى فعليهم أن يعرفوا أن مستوى فقههم الشرعي والسياسي أضعف من أن يتكلموا ويعلموا ويجهوا الجمهور، بل وبعضهم مهما تعلموا فلن يعي عقلهم مشكلات السياسة المعاصرة المعقدة، لا سيما من منظور فقه السياسة الشرعية المعاصرة، فليلزموا العبادات والتقرب إلى الله بالذكر والدعاء والصيام والقيام ويقلعوا عن السعي لتنصيب أنفسهم موجهين فكريين وسياسيين، لأنهم يضرون أنفسهم ويفسدون آخرتهم بهذا السعي الخاطيء.
ولقد كتبت لأحدهم:
“يا اخي ألا تفقه قوله تعالى ((غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5))) يا اخي تفقه أولا في دلالات هذه الآيات السياسية.. سبحان الله يا اخي تعلم قبل أن تتكلم”.
فرد بالكلام المعهود: “التمسك بالعقيدة وكذا..الخ”.
فرددت عليه:
“هل أنت تمسكك بالعقيدة أقوى وأصلب من عقيدة صحابة المرحلة المكية عندما تمنوا انتصار الروم عبدة الصليب على الفرس، وأيد الله من فوق سبع سموات هذه الأمنية وبشرهم بتحقيقها وموعد تحققها؟؟!! أمرك عجيب جدا.. يا اخي اهدأ وتفقه في الإسلام أولا وتذكر قوله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) سورة ق آية 18.”
على العموم فحالنا هو فوضى فكرية وعلمية ساعد عليها الفراغ الشامل وعززها الامكانات والموارد المجانية والسهلة التي تتيحها السوشيال ميديا والانترنت ولله در الشاعر عندما قال:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
*******ولا سراة إذا جهالهم سادوا
إذا تولى سراة الناس أمرهم
*******نما على ذاك أمر القوم وازدادوا
اللهم بلغت اللهم فاشهد.
زيارة ميسي إلى مصر والفقر المنتشر

خاطرة غريبة حول زيارة ميسى إلى مصر

كتب- عبد المنعم منيب

أمس كنت فى العمل ليلا فرأيت على الشاشات حفلة ميسى ورأيت لقطات الابتسامات والسعادة البالغة على وجوه الوزراء الحاضرين ورأيت ما بالحفل من بزخ معروف ان هدفه جذب السياحة لمصر.. ولكن .. لسبب لا أعلمه قفز لذهنى فى هذه اللحظة شاه إيران الأخير محمد رضا بهلوى وما كان يقيمه من حفلات اتسمت بالبذخ بينما كان مواطنوه فى العاصمة طهران يعيشون مع مياه الصرف (المجارى) وربما شرب بعضهم منها أو استعملها ببعض حاجاته..
تقرير منظمة حقوقية مصرية
ويأتى هذا الحفل بنفس اليوم الذى صدر به تقرير لمنظمة حقوقية مصرية معتمدا على بيانات وارقام حكومية وأكد ان ١٠٪ من اغنى المصريين ينفقون ١٠٠ ضعف من ما ينفقه افقر ١٠ ٪ من المصريين فى الحضر بينما فى الريف ينفق الاغنى ٧٠ ضعف الأفقر.. ونشرت رويترز عرضا للتقرير، وربما هذا ما ضغط على ذهنى.
على العموم مش عارف إيه فكرنى بالمجحوم رضا بهلوى فى ظل فرحة المصريين بميسى وفرحة زملائى وتغزل بعضهم بالبنات العريانة اللى غنت فى الحفل بينما نعت آخرون هذه البنات بألفاظ ما اقدرش اكتبها.

ترامب

هل حكم دونالد ترامب لأمريكا الآن سيجلب النصر للمسلمين؟؟.. آراء وردود

كتب- عبد المنعم منيب

يفرح كثير من الأخوة بحكم دونالد ترامب الآن فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكتب بعضهم منوها بما سيأتى من نصر للمسلمين بسببه، وكتب أحد الأفاضل مؤيدا لهذا الرأى وقال: ” وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
الرجل يحارب معقل النظام العالمي الجديد نيابة عنا ههههه
من مسقط الرأس والنَّاس متشائمة ههههه”.
فعلقت عليه وقلت: “نعم لكن هو يريد أن يحل محله نظاما عالميا آخر على هواه هو ومن معه”.
فهو ضدنا أيضا لكن بطريقة أخرى.
فرد على شارحا رأيه وقال: “أقصد أن الفائدة ستحصل لنا قبل أن ينجح في فرض نظامه الجديد، أو قد ينجحون هم في مواجهته و تثبيت نظامهم العالمي الحالي، فهذا الصدام سيأخذ جهد و خسائر مالية هامة، وعلينا نحن المسلمين استغلال الظرف أفضل استغلال والا لن تتاح لنا فرصة كهذه أبدا”.
فرددت عليه متسائلا تساؤلا استنكاريا، وقلت: “كيف نستفيد ونحن لسنا عندنا لا موارد ولا أدوات، وأهم الموارد والأدوات هي الفكر الاستراتيجى السليم الموضوعى المبدع، والقيادة الاستراتيجية الذكية المبدعة ووحدة الصف؟؟؟!!!!”
فأجابنى مقترحا الحل من وجهة نظره: “هذا ما يجب العمل عليه، بجمع العلماء و المفكرين و المثقفين الشرفاء المؤمنين، و تكوين إطار سياسي يجمعهم و يبدأ في وضع خريطة لاسترداد أوطاننا، ويجب ان ننظر الى مصر و ليبيا و تونس كقطر واحد و نعمل على ذلك الأساس”.انتهى رده علي.
وفى واقع الأمر فالحل بالتوافق وتوحيد النخب الموجودة فعلا هو أمر حاوله كثيرون، فى مصر وفى بقاع شتى من العالم، منذ بدايات القرن العشرين الميلادى وحتى اليوم، ولم يجنوا سوى الفشل لسبب بسيط جدا، وواضح جدا، وهو أن هذه النخب المراد توحيدها هى هى التى صنعت هذا التشرذم، لأهواء بعضها، ولجهالة بعضها الآخر، فكيف سيخرجون من جلدهم الأصلى (أى الأهواء والجهالات) ويمحون واقعا هم صانعوه وهم حراسه؟؟!!
لذلك كله رددت على صديقنا ذى الظن الحسن وقلت له: “لافائدة ولا أمل فى النخب الحالية فى العالم الاسلامى، فلو فيها أى فائدة لما وصل الواقع لما نحن عليه الآن، وإنما الأمل فى نشوء نخب جديدة، ترتقي إلى مستوى التحديات علميا ودينيا، رغم أنه أمل ضعيف بسبب ما نراه من تمرد كثير من الشباب على خبرات التاريخ، وإعراضهم عن التحصيل العلمى المتخصص.. لكن ان كان هناك أمل فهو فى تكون نخب علمية وحركية جديدة”… والله الموفق والمستعان.

منطق عصرنا

مات الجن الأزرق.. فمتى نعيش منطق عصرنا؟؟

الآن إذا مات الجن الأزرق.. ايه بيحصل؟؟ بيحصل انه بيكثر البحث عن معلومات عنه على الانترنت وتكثر الصحف ورقية او الكترونية من الكتابة عنه، أى تروج أى كتابة عنه.

وأنا رغم أنى باحث أصلا لكنى أيضا صحفى ودماغى شغالة صحافة وإعلام وأحاول أطور نفسى إعلاميا، وألاحظ أننى عندما أكتب عن مسألة متداولة ومعاشة يقبل عليها القراء أكثر من إقبالهم على موضوع نظرى، فأجد الجن الأزرق مات فأستغل حالة (السوق الإعلامى) وأكتب أفكارا “أراها مفيدة” فى إطار الكلام عن الجن الأزرق الذى مات.

أسلوب صحفي عادى ومعروف

وهذا أسلوب صحفي عادى ومعروف فأنت تغلف دواء غير مستساغ (وهو هنا صعوبة الأفكار النظرية على الفهم لميل النفس للراحة وعدم إعمال الفكر) بحلوى محبوبة (وهى هنا قضية رائجة)، وفجأة تجد قراء يغفلون هذا كله ويناقشون كيف تتكلم عن الجن الأزرق وهو سليل إبليس وهو كافر .. الخ ويخرجونا عن الأفكار التى نريد لفت الانتباه لها..
وهذا حدث عندما كتبنا عن هاشمي رفسنجانى ومما قاله أحد الأخوة لماذا تمجده الآن بعدما مات رغم أن الواجب هو الشماتة فيه..

رغم أنى أولا لم أمجده وثانيا سبق وكتبت عدة مرات (خلال الـ ١٠ سنوات الأخيرة) منبها على أهمية الاستفادة من تجربة إيران فى نجاحاتها وسلبياتها كأى تجربة فى العالم.

كيسنجر أحد أبرز علماء السياسة

عندنا الآن كيسنجر أحد أبرز علماء السياسة والدبلوماسية فى العصر الحديث وعمره فاق ٩٠ عاما الآن وسيموت غدا.. وساكتب عن فوائد فى علمه وأفكاره حينئذ.. وأؤكد لكم من الآن أنه عندما أكتب هذا سيعلق بعض الأخوة : (الا تعلم أنه يهودى كافر .. ألا تحذر الأخوة من سمومه وتشمت بهلاكه).. وسيعلق آخر (ألم تقرأ كتاب كذا ومذكرات كذا وتعلم أنه دعم إسرائيل ضد العرب سنة كذا وكذا)… يا أخ أنت وهو أنا قرأت لكنى أتكلم عن موضوع آخر .. فأرجوكم ركزوا معى شوية وركزوا فى الموضوع.

طبعا هناك مخاوف من أن يقرأ الموضوع عن رفسنجانى شخص غير مؤهل عقيديا فيميل للتشيع او يقرأ عن كيسنجر فيميل لليهودية، لكن هذه المخاوف تشبه الوصف الملغى فى أحكام القياس بعلم أصول الفقه لأن تقاليد العلم عند المسلمين لم تمنع الكتابة عن علم نافع لمثل هذا السبب، وكان أجدر بالمعلقين المتخوفين ان يقولوا خذوا بالكم المقصود الانتفاع بكذا واحذروا من كذا  بدلا من أن يخروجوا بنا عن مرامى وفوائد الموضوع..
وفى النهاية لا أصادر رأيكم ولكن أضع نقطة نظام لمن شاء… وتقبلوا احترامى لكم جميعا.

العمالة الوافدة فى الكويت والسعودية صورة ارشيفية

لماذا تعلق الكويت والسعودية مشكلاتها الاقتصادية على العمالة الوافدة؟

يبدو أن هناك محاولة فى السعودية والكويت لتصوير أن أى خلل اقتصادى يعانيه الشعب سببه العمالة الاجنبية، وأريد أن أذكرهم بمن أسس البنية التحتية كلها بالخليج أصلا منذ نشأة دول الخليج.
البنية التحتية بالخليج كله أقصد من أسسها من مهندسين وأطباء ومدرسين من أول مدرسى ابتدائى، حتى المدرسىين لدرجة الدكتوراه بالجامعة بل ومؤلفى مناهج الدراسة بكل المراحل، ناهيك عن العمال والفنيين بكل تخصص، نعم أخذوا أجرا ولكن لم يصنعوا للخليج مشكلة، وإنما صنعوا له بنيته الحضارية الحالية بالبناء والصحة والتعليم.
ويجب أن يلاحظ شعب الخليج أن ألمانيا استعانت بالعمالة التركية بعد الحرب العالمية الثانية لتعيد بناء نفسها، لكنها لم تطردهم ولم توبخهم بعدما صارت ثانى اقتصاد بالعالم كله بعد أمريكا، بل إن ألمانيا أعطت العمال الذين بنوها بعد الحرب العالمية الثانية الجنسية، رغم أن أغلبهم مسلمون اتراك ومغاربة.

وأنا لا اطلب من الخليج ان يعطوا الجنسية للعمالة المسلمة، ولا حتى أن يبقوا عليها فمن حقهم أن ينظموها أو يمنعوها متى شاءوا، ولكن لاداعى لتعليق فشل حكامهم على العمالة المسكينة، وهذه العمالة هي التى بنت لهم دولهم فى وقت لم يكن يمكنهم بناءها بدون هذه العمالة.

حلب

أربعة دروس من حلب الجريحة وسوريا الحبيبة

كتب- عبد المنعم منيب

بعد مأساة حلب الأخيرة فرح أكابر المجرمين واستكبروا بينما حزن المؤمنون بل حزن كل محب للحق والحرية والعدالة مهما كانت عقيدته، وكتب عدد من كبار الكتاب الأوروبيين والأمريكيين عن ما اعتبروه “درس من حلب”، وكان أبرز ما قرأته درس كتبه أمريكى وآخر كتبه فرنسى (على ما أذكر) بالإضافة لدرس ثالث كتب عنه كل من كتب من الأخوة المسلمين عن حلب الجريحة الحبيبة، وقد كان لى رأى مختلف بشأن هذه الدروس الثلاثة حيث خالفت وجادلت فيهم كما أضفت درسا رابعا لتكون دروس حلب الحبيبة الجريحة بل دروس سوريا الحبيبة لنا نحن المسلمون هى أربعة دروس كالتالى:

الدرس الأول: هل نجح القمع وفاز الديكتاتور؟

 قالوا أثبت سقوط حلب أن الديكتاتور إذا قمع بشدة سينجح فى دفن الثورة والاستمرار فى الحكم .. وهذا ليس درسا جديدا فهو مقرر محفوظ لدى العرب والمسلمين، فالكل يعلم هذا وظل هذا متبعا بالمنطقة منذ ناصر ومنذ قالت cia لناصر اقمع المعارضة بشدة مهما تصاعدت وشعرت أنها ستنتصر وإياك أن تتفاوض معها أو تقدم أى تنازل (راجع الدراسة التى قدمتها CIA لناصر ليسير وفقها فى الحكم فى مقدمة كتاب لعبة الأمم لمايلز كوبلاند).. وذكرنا بنفس النهج الغربى هذا مؤلف كتاب “الأصولية الاسلامية فى العالم العربى” الصادر بأميركا عام ١٩٨٢ (حيث مدح طريقة ناصر فى التعامل مع الحركة الاسلامية كما مدح حافظ الأسد والقذافى لأنهما الوحيدان السائران على طريقة ناصر فى مواجهة الحركات الإسلامية، ونلاحظ أن هذا جاء رغم المعاداة الظاهرية لأميركا للأنظمة الثلاثة لكن الأهم عندهم هو ضرب الاسلاميين طبعا) وهذا الكتاب كان أصلا تقريرا أعده مؤلفه بطلب من الخارجية الامريكية إثر اغتيال السادات وقدم لها فى ديسمبر ١٩٨١ ليوضح لها السياسات التى ينبغى أن تسلكها لمواجهة الحركات الاسلامية فى العالم العربى.
 إذن فأمر القمع الشديد لآخر مدى فى مواجهة المعارضة معروف للشعوب وللاسلاميين لكنهم مع الربيع العربى لاحت لهم فكرة ظنوا انها ناجعة وهى الانتفاض الشعبى بسبب سيادة عصر الجماهير بالعالم فانتفضوا وغرتهم إزاحة بن على فى تونس ومبارك بمصر وتدخل الناتو فأزاح القذافى فى ليبيا .. لكن إيران أولا ثم روسيا تاليا ساندت نظام بشار ضد ثورة الشعب السورى كما ساندته أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل عبر منع السلاح عن الثورة .. ومن هنا فالدرس ليس انتصار الديكتاتور بالقمع ولا نجاح قمعه بسبب استعانته بقوى إقليمية ودولية ولكن الدرس هو أنه لابد من تكتيكات واستراتيجيات مبدعة فى مواجهة هذا النمط من القمع، استراتيجيات وتكتيكات سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية لا تقتصر على ما فعلته فعلا الثورة السورية حتى الآن بل تتعداه وتزيد عليه لتفعل كيسا وتنجح.
 إذ يجب أن تتعداه الى أشياء جديدة تستوحى وتستنبط وتطور (ولا تستنسخ) من تجارب اخرى متعددة حول العالم.

الدرس الثانى: هل ثبت أن القوى الدولية والأمم المتحدة لا يحمون الحرية والعدالة؟
 
قالوا ايضا إن من دروس سقوط شرق حلب إن النظام الدولى بما فيه الغرب والأمم المتحدة (فضلا عن ديكتاتورية الشرق الممثلة فى روسيا والصين) كل هؤلاء لا يقيمون وزنا لحماية أمن الشعوب وسلامتها والدفاع عن حقوق الانسان وأنهم سقطوا أخلاقيا ..الخ وفى الواقع فإن هذا أيضا ليس جديدا على العرب والمسلمين فسبق ان جرت مذابح لشعوب مسلمة وعربية عديدة ليس فقط بتجاهل أو تواطؤ دولى بل بأيدى الشرق تارة والغرب تارة أخرى .. وليس مجهولا ما حدث فى كل من فلسطين وأفغانستان والعراق والبوسنة وكوسوفو وتتار القرم ومسلمى الصين وبورما وأسام وكشمير الهندية وعشرية الجزائر وحقبة ناصر ومبارك بمصر والقذافى بليبيا وحماة أيام حافظ الأسد وعراق صدام وما يجرى لعرب وسنة إيران حتى الآن.. الخ 
 فكل هذا معلوم ومحفوظ لكن هناك اتجاهات إسلامية وعربية متميعة عقيديا ومغفلة سياسيا ظنت أنها يمكن أن تقنع النظام الدولى بأن يسمح للشعوب العربية والإسلامية السنية بالتحرر ولكن درس حلب الحقيقى (وسوريا) الآن جاء جليا ليسقط كل هؤلاء المغفلين سياسيا والمتميعين عقيديا ويقول لكل مسلم وعربى:
” لن تنالوا حريتكم بالتوسل والتسول وانما بالقدرة المادية والمعنوية، فافهموا جوهر هذه القدرة بكل تفاصيلها واحصلوا عليها بكل وسيلة وكل حيلة حتى تنتزعوا بها حريتكم وكرامتكم”.

الدرس الثالث: هل خلافات الجماعات السورية هى من هزمت حلب؟

كل المتكلمين والكتاب العرب والمسلمين ذكروا أن الخلافات بين القادة والزعامات وكثرة التحزبات وتفرق الجماعات هو السبب فى الهزائم فى حلب خاصة وفى سوريا عامة، وهذا توصيف خاطئ للمشكلة لأن التحزبات وخلافات الزعامات تزول أو تؤجل عندما يداهم الخظر مصالح الجميع ولكن حقيقة ما حدث هو عقد القيادة والسيادة لبعض التافهين الأغرار الذين تم تقديمهم لمناصب قيادة الأحزاب والجماعات فى الثورة السورية إما لتهورهم وحمقهم وارتفاع صوتهم ورفعهم شعارات أسخن من شعارات غيرهم وإما لإجادتهم التلبيس والدجل على جماهير أتباعهم، لأن العقلية التى تؤثر الزعامة على بقاء أمة من المسلمين وعلى بقاء أجزاء حررتها دماء ذكية من أيدى الطاغوت هى عقليات صبية يعبثون وليست عقليات زعماء وقادة يتصارعون فأى قائد أو زعيم مولع بالزعامة والرياسة ويتصارع عليها بالدم والمال لو دهمه الخطر سيؤجل طموحاته فى الرياسة لحين دفع الخطر خاصة إذا كان خطرا وجوديا كما هو الحال فى سوريا (والعراق بل والعالم العربى والاسلامى الآن عامة)، وسأسمع الأصوات تنتقد نعتى لهم بأنهم مجرد صبية عابثون جلسوا على أرائك القيادة ولكنى أرد مقدما وأصر على هذا الوصف بل وأقول إنهم إن لم تكن عقولهم عقول صبية يعبثون وإذا ثبت أن عقولهم عقول طبيعية بالغة الرشد فهم إذا مجرمون أفاقون تسلموا القيادة ليوقعوا بالأمة فى الهلاك.   

الدرس الرابع: لماذا لم تجد شجاعة الشجعان من الثوار فى حلب وسوريا؟

ومن دروس حلب أيضا المهمة أن هناك شجعان متحمسون قاتلوا فى حلب تحت الحصار حتى آخر رمق فمنهم من قتل ومنهم من أحيط به ولم يجد سبيلا سوى الانسحاب مع المنسحبين بعدما مسهم الضر الشديد، والدرس هنا هو أنه يجب أن نتعلم أن الحماس والشجاعة وحدهما لا يحسمان معركة فضلا عن حرب فهدى النبى صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه الراشدين هو الأخذ بالأسباب المادية فى شئون الحرب والسياسة ومقولة أننا “لا نجاهد بعدد ولا عدة وإنما نجاهد بهذا الدين” مقولة يخصصها ويشرحها بل ويعارضها مئات الأدلة من سنة النبى صلى الله عليه وآله وسلم وسنة خلفائه الراشدين فمراعاة العدد والعدة والاهتمام بالعدد والعدة فى كل معارك النبى صلى الله عليه وآله وسلم تكاد تكون متواترة تواترا معنويا إذا لو لم يكن النبى مهتما ومراعيا للعدد والعدة فلما حفر الخندق حول المدينة؟؟ (وهذا مجرد مثال والأدلة كثيرة)، وحتى فى المعارك التى قل فيها عدد المسلمين وعدتهم عن عدوهم (وهى كثيرة جدا طبعا) تم تعويض هذا النقص بحيل عسكرية معتبرة عبر خطط عسكرية مبدعة سواء خطط الهجوم أو الدفاع أو الانسحاب أو الكر والفر أو توقيت ومكان الهجوم المفاجئ أو تكتيك القتال المبدع أو المفاجئ أو اختيار مسرح عمليات غير مناسب للعدو وفيه ميزة للمسلمين، فانتصارات المسلمين الكثيرة عبر التاريخ فى معارك قل فيها عددهم وعدتهم لم تكن بسبب الحماس وارتفاع المعنويات (الناتج عن العقيدة الاسلامية) فقط بل صحب هذا شئ مما ذكرناه آنفا من الأسباب المادية العسكرية عبر ابداع عسكرى، وإنما حصر الاخباريون والمؤرخون والخطباء الحماسيون أسباب الانتصارات فى الحماس وروح التضحية وحب الاستشهاد لأسباب خاصة متعددة فتارة يكون السبب هو مواجهة موقف معين فاقتضى الحال التركيز على هذا الجانب وتارة لأن المتحدث ليس متخصصا فى الشأن العسكرى فلايدرك ولا يدرس ولا ينقل ويشرح الأمور المتعلقة بهذا الشان العسكرى وتارة لأن التعابير الخطابية تتطلب التركيز على الجوانب الحماسية والمعنوية فهى التى تسخن الخطاب فيكون له نغمة جذابة تطرب آذان السامعين فضلا عن أن ركون الناس للدنيا وتعلق قلوبهم بها صار لا حل لمواجهته غير بهذا الخطاب الحماسى ولكن عند التخطيط الإستراتيجيى للمعارك والصراعات والحروب فإن هذا وحده لا يكفى وهذا ما أثبتته “دروس شرق حلب” بل وسوريا كلها، فالحماس والتضحية والدم العربى المسلم السنى الذى نزف فى سوريا حتى الآن لم يكف لتحقيق النصر فالحماس والتضحية وحدهما لا يكفيان لحسم صراع المسلمين مع أعدائهم بل لابد من الأخذ بهدى النبى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه الراشدين رضى الله عنهم فى الأخذ بالأسباب وحيازة القدرة والقوة، ولعلها ليست مصادفة أن أعظم ملاحم الإسلام وأول معركة كبرى فيه وهى “غزوة بدر الكبرى” إنما كان سببها هو خروج النبى صلى الله عليه وآله وسلم لاستهداف عير قريش التى كانت تحمل ثروة ضخمة، ومع هذا قدر الله بدلا منها ذات الشوكة وهى الاصطدام بجيش قريش المجهز بعدد وعدة، وفى الأمرين “استهداف العير والاصطدام بجيش قريش المجهز الضخم” دلالة واضحة عن أهمية حيازة القدرة وأهمية الجهاد وكسر شوكة العدو بصرامة وحسم.
ومن هنا فهذا الدرس يقضى بأن يعيد الصادقون المتحمسون حساباتهم المادية ويهتموا بالقدرة ومن ذلك تعويض نقص القدرة بالخدعة والفكر العسكرى والأمنى والسياسى الابداعى والمكر والدهاء والحيل المختلفة مع استيعاب دروس التاريخ والاستراتيجية قديما وحديثا، فالحماس والتضحية وحدهما لا يكفيان أبدا.

ثوار سوريا فى حلب - صورة أرشيفية

ما سبب اختلاف وتعدد الحركات الاسلامية فى مصر وسوريا؟؟

رغم أنى أحلل و أكتب عن الحركات الإسلامية منذ ١٩٩٠ حتى الآن وأتابعها واراقبها منذ ١٩٧٩ وصدر لى عنها خمسة كتب حتى الآن، إلا إننى حتى الآن لا احفظ ولا افهم خريطة الحركة الاسلامية فى ثورة سوريا، ولا افهم لماذا تعددوا لهذا العدد الكبير جدا الذي يستعصى على عقلى حفظه أو فهمه خاصة فى ضوء أحداث ومجازر النظام ضدهم خاصة فى حلب.
من واقع وخبرة تاريخ وتطورات الحركات الاسلامية فى مصر وخلافاتها نجد انها اختلفت فى أحد الحالات التالية:
-الخلاف حول استرتيجية التغيير قسمها الى إخوان مسلمون وجهاد وجمعيات وسلفية وقطبيين.
-الخلاف الشخصى بين القادة قسم الجهاديين الى جماعة الجهاد والجماعة الاسلامية ثم تعمق الانقسام بتمايز وتباين تكتيكات وأساليب كل من الجماعتين عن بعضهما البعض بمرور الوقت.
-الخلاف العقيدى صنع جماعة المسلمين بقيادة شكرى مصطفى منفصلة عن بقية الجماعات كما صنع جماعات ومجموعات أخرى أصغر تاليا مثل الشوقيين والناجون من النار وغيرها.
-اليد الأمنية صنعت بعض الجماعات أو المجموعات واخترقت جماعات قائمة ووجهتها كما تشاء لخدمة أهداف أجهزة الحكومة.. وبالطبع فقد اختلفت هذه الجماعات والمجموعات مع الباقين وأثارت خلافات وجدالات كثيرة بالساحة.
-الخلافات فى الأساليب والتكتيكات أزكت الخلافات المذكورة فى المحاور السابقة لكنى لم الحظ لها تأثير بخلق خلاف أساسى او تقسيم الجماعات حسبما أذكر الآن، بل بالعكس لاحظنا تسامح بين الحركات المختلفة حول هذا النوع من الاختلاف خاصة بعد ثورة يناير فى مصر وربما حتى الان وذلك بدرجة او بأخرى..
ومن هنا فأنا أتساءل أنا وغيرى كثير عن مبررات ومسوغات تعدد الفصائل والجماعات فى الثورة السورية للدرجة التى تجعل من الصعب حفظ كل هذه الأسماء والرايات التى تمثل عشرات الفصائل والكتائب والفيالق والجماعات والجيوش رغم انهم كلهم ضد بشار ويحملون ضده السلاح وكل الثوار لا يكفرون بعضهم بعضا فهم لا تفرقهم العقيدة (باستثناء داعش التى تكفر الكثيرين ممن خالفها).. فلما كل هذا الاختلاف يا قوم؟؟.
وأخشى أن يذكرنا هذا بعصر ملوك الطوائف بالأندلس عندما قال الشاعر:
مما يزهدنى فى أرض أندلس..
*****أسماء مقتدر فيها ومعتضد
ألقاب مملكة فى غير موضعها..
*****كالهر يحكى انتفاخا صولة الأسد
وأرجو من اخواننا بالثورة الشامية ألا يضيق صدرهم من تساؤلاتنا وتعليقاتنا لأن ثورتهم تهم كل الشعب العربى والأمة الإسلامية لأنها حلقة من حلقات التحرر الإسلامى والعربى وأيا كانت نتائجها فهى تجربة عربية إسلامية ينبغى أن ندرسها جيدا ونتعلم من ايجابياتها وسلبياتها.

محرقة سوريا وحلب

حول محرقة سوريا وحلب .. حسبنا الله ونعم الوكيل

لماذا تسعى فرنسا لعقد مؤتمر دولى لبحث مذابح حلب كما تتحرك قوى كبرى لعقد اجتماع لذلك بمجلس الأمن الدولى رغم وجود الفيتو الروسى والصينى ورغم معرفة اوروبا وامريكا علم اليقين ان لا شيء سيوقف روسيا وايران سوى السماح لثوار سوريا بالتسلح الحقيقى؟؟
السبب هو ان المؤتمرات الدولية بالامم المتحدة وبغيرها من المنظمات الدولية والاقليمية الحكومية تستخدم اما للالهاء او اضفاء شرعية عل باطل وتكريسه و هى هنا بحالة سوريا هدفها الهاء الشعوب حتى تنتهى القوى الكبرى من انجاز ما تريد بالقوة على الارض فعليا.
اوضح هذا للقراء الأعزاء لانى سبق وان اوصيتهم بأن يفكروا بمنطق الفاعلين، وهذا هو منطق الفاعلين الدوليين والاقليميين كما شاهدته من افعالهم وسمعته من اقوالهم طوال الثلاثين عاما السابقة وقرأته عنهم طوال التاريخ الحديث.

***

نفسى اعرف اين المشايخ والحركيين الاشاوس اللى كانوا كل شوية يهللوا من اجل الرسوم الدنماركية ويطلقون دعوات المقاطعة الاقتصادية لها؟ 
اين هم الآن مما يحدث فى حلب وسوريا كلها؟؟ الا تستحق ايران والعراق وروسيا دعوات مقاطعة وتوقيعات مشايخ وبيانات اتحاد علماء المسلمين وغيره من منظمات؟؟ 
ام ان هؤلاء كانت لهم اغراض اخرى غير الغيرة على الدين وقت رسوم الدنمارك؟؟

***

لا حل للمحرقة فى سوريا وحلب إلا بالضغط المباشر والمستمر على روسيا وإيران، خاصة ان اقتصاد الدولتين ضعيف ويعانى ولا يحتمل أى ضغط.
وما سوى هذا فلن يجدى بل يضيع الوقت ويلهى عن المحرقة فقط.

ترامب

بعد فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية.. لا حل للمسلمين إلا بالاعتماد على أنفسهم

معادلة السياسة الدولية كل عناصرها تظل ارقامها ثابتة وتكاد تكون غير قابلة للتغيير عدا عنصرنا نحن فنحن الرقم الوحيد القابل للتغيير ولو تغير سيغير نتيجة المعادلة كلها.. لكننا نصر على عدم التغير رغم اننا نعيش سوءا منذ عدة قرون (وان شهدنا تطورا خفيفا يستمر ببطء منذ نحو ثلاثين عاما).
ونحن نقف موقف رفض التغيير هذا رغم النص القرآنى الواضح (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

وكما اننا كأمة مسلمة بحاجة لتغيير رقمنا بالمعادلة الدولية فنحن أيضا بحاجة لتغيير رقمنا بمعادلات فرعية مثل معادلة العلاقة بين الحكام والمحكومين فى بلاد المسلمين.. وكذا معادلة وجود الحركات الاسلامية والعلاقات بينها والوزن النسبى والوزن العام لكل منها.

وخلاصة كل هذه الخاطرة أنه لا حل سوى بتغيير رقمنا فى كافة المعادلات.. وهذا فعلا ممكن اذا اصبنا توفيقا من الله تعالى.

الشعب كغنم تركها الراعى نهبا للذئب.. فهل نلوم الغنم ام نلوم الراعى أم نلوم الذئب؟؟ والراعى هو القيادة الإسلامية التى هى غير موجودة أصلا الآن أو تعانى من أزمات عدة تعوقها عن القيادة..

قال تعالى (إنا كل شئ خلقناه بقدر)، فهل هناك شئ مهما كبر او صغر يجرى فى الكون كله (يتحرك او ينفعل او يسكن) بغير ارادة الله القدرية المقدرة قبل خلق كل شئ؟؟!!!
بالطبع لا…

الفيلد مارشال رومل

المنطقة العربية والحرب العالمية الثانية فى مذكرات ثعلب الصحراء رومل (2 من 2)

نواصل كتابة محاور رئيسة عن انطباعى بعد قراءة مذكرات رومل، وأوضحها بنقاط فى السطور التالية.

لكن قبل تقديم هذه الانطباعات يجدر بى الايضاح أن هذا المقال (بحلقتيه) ليس عرضا لمذكرات رومل ولكنه إلتقاط لدروس تكتيكية وإستراتيجية وأحيانا إدارية ونادرا سياسية اقتطعتها من كلام رومل تارة واستخلصتها من مرامى كلامه فى هذه المذكرات تارة أخرى.

-تظهر هذه المذكرات كيف أن سوء الإدارة والنزاعات بين الإيطاليين والألمان من جهة وأيضا سوء الإدارة والتحاسد والإهمال الإدارى داخل القيادة الألمانية نفسها لعب ذلك كله الدور الرئيسى فى هزيمة رومل في أفريقيا ومن ثم هزيمة ألمانيا بشكل كامل في الحرب العالمية الثانية لأن رومل كان يعانى من تقتير ألمانيا وإيطاليا في إمداده بالامدادات اللوجستية التى يحتاجها رغم قصر المسافة بينه وبين إيطاليا وكذا ألمانيا ورغم أنه كان مرصود لحملته بأفريقيا آلاف المركبات والدبابات والمدافع وعشرات آلاف الأطنان من الذخائر والبترول وكان بعضها مخزن لحساب رومل في إيطاليا والبعض الآخر في ألمانيا ولكن كل هذه الكميات لم تصل إلى رومل أبدا رغم إلحاحه ومقابلته المباشرة لموسيلينى وهتلر عدة مرات لهذا الغرض، وعاق وصولها سوء الإدارة وتنازع أقطابها وتحاسدهم فضلا عن الإهمال الإدارى والسياسي في هذا المجال.

-كشف رومل في بداية مذكراته أن نجاح الألمان (وكان هو من قادة الحملة الرئيسيين) فى احتلال فرنسا وبلجيكا ليس كما ظن ليدل هارت (أحد أبرز القادة وعلماء الإستراتيجية البريطانيين بالعصر الحديث وبالحرب العالمية) من أن قوات الألمان كانت متفوقة فى العدد والتسليح، وأثبت أن سبب النصر الألمانى هو سرعة الحركة واعتماد تكتيكات المباغتة والسرعة والمحافظة على استمرار الإمساك بالمبادرة مع انهيار معنويات الفرنسيين وارتفاع معنويات الألمان وذكر أدلة وتفاصيل هذا كما ذكر أرقام القوات حيث كانت القوات الألمانية مكونة من ١٣٦ فرقة بينما كان للفرنسيين وحلفاءهم البريطانيين ١٥٠ فرقة.. وربما ذكر إحسان الألمان لاستخدام النيران المركزة والقصف الجوى.

-من تحليلات رومل لانتصاراته على البريطانيين في أفريقيا أن أسلحة الألمان كانت أحدث وأقوى ونيرانها أقوى وأكثف ودبابتهم أعلى تدريعا كما اجاد الألمان تكتيكات حرب الدبابات الثقيلة وأبدعوا فيها بينما ظل البريطانيون لسنوات لا يجيدون ذلك فضلا عن خفة تدريع دباباتهم إلى أن صنعوا الدبابة “الجرانت” وجاءتهم الدبابة الامريكية “شيرمان” كما أشار بهذا الصدد أيضا إلى ضعف المدافع البريطانية والإيطالية.

-لاحظ رومل وأشار الى قلب سلاح الطيران الأمريكى والبريطانى للموازين في نهاية الحرب مما ساعد في هزيمة الألمان في أفريقيا ثم في إيطاليا ونورماندى وإلى نهاية الحرب حيث تمكنت أمريكا من صناعة كميات كبيرة من الطائرات وبمستوى يضاهى المستوى التقنى للطائرات الألمانية، كما وفرت الولايات المتحدة أعدادا أكبر حتى كانت توفر ٤٠٠ طائرة قاذفة تهاجم في وقت واحد القوات الألمانية بمعركة واحدة، وهكذا ضربت إستراتيجية القصف الجوى الكثيف والمركز الإستراتيجية الألمانية التى تميزوا بها لسنوات والمرتكزة على القوات المميكنة سريعة الحركة المكونة من البانزر والقوات المحمولة.

-أوضح رومل وعيه بأهمية المنطقة العربية لحسم الحرب كلها (ويسميها أفريقيا) ويؤكد على أنه لو احتلها الألمان لتمكنوا من هزيمة الحلفاء لأنها ستمكنهم من السيطرة عل البحر المتوسط وخنق الاتحاد السوفيتى فضلا عن توفيرها النفط بوفرة للألمان وهو لازم لحركة الدبابات والطائرات والمركبات مما سيمكنهم من شن هجمات أكثر والمناورة تكتيكيا بالقوات كما يشاءون (لأن المناورة تحتاج حركة بالدبابات والآليات والطائرات وهذه كلها تحتاج مزيدا من الوقود للقيام بهذه التحركات).

-أظهر روميل وعيا بأهمية وخطورة إستراتيجية القصف الجوى وأهمية احتلال القواعد اللازمة لتوفير السيطرة الجوية على مناطق المعارك وتوفير كميات كثيفة من الطائرات القاذفة وتوفير البترول اللازم لحركتها.

-أكد على أهمية حسم معركة الأطلنطى عبر الغواصات ليتمكن الألمان من منع الإمدادات الضخمة الآتية للحلفاء من أمريكا واعتبر أن هذا هو ما سيحدد نتيجة الحرب كلها.

-ظهر تقدير رومل البالغ لأهمية الموارد الاقتصادية وكونها حاسمة فى تحديد نتيجة الحرب عندما اعتبر أن فرصة ألمانيا فى الفوز بالنصر فيى الحرب العالمية الثانية أصبحت ضئيلة بعد دخول الولايات المتحدة للحرب بسبب الموارد الاقتصادية الضخمة لأمريكا خاصة فى الصناعة.

-أوضح رومل تحليله للطبيعة الشخصية للتفكير العسكرى عند “مونتجمرى” وسلوكه بالحرب فقال: “ومن مبادئه ألا يدخل معركة ما لم يتأكد من انتصاره فيها وبالطبع هذا أسلوب لا ينجح إلا إذا صحبه التفوق المادى مع إحرازه لهذا التفوق بالفعل.

وكان حذرا للغاية بل إنى أعتقد أنه كان مبالغا فى حذره ولكنه استطاع استخدام هذه الصفة لمصلحته وقد كان يتمتع بصفات استراتيجية أكثر منها تكتيكية، إلا أنه لم يكن ممتازا فى قيادة القوات فى المعارك الميكانيكية بالرغم من معرفته لأهمية تطبيق هذه المبادئ، اما فى مجال التخطيط الاستراتيجى فقد كان رائعا وخاصة فى معارك الغزو التى قادها، ومن الصعب أن نجد له خطأ إستراتيجيا واحد.

وفى الحقيقة كانت القاعدة العامة بالنسبة للقادة البريطانيين الكبار أن أغلبهم كانوا يفكرون بأسلوب استراتيجى أكثر منه تكتيكيا، وعند وضعهم للخطط وقعوا فى خطأ وهو أنهم كانوا يهدفون للحصول على ما يمكنهم القيام به تكتيكيا.”أ.هـ. بالنص كلام رومل. 

-من تحليل رومل السابق لمونتجمرى والقادة البريطانيين يظهر أن رومل يتبنى رؤية استراتيجية تجيز التحرك بامكانات قليلة لتحقيق أهداف كبرى والانتصار بمعارك كبرى اعتمادا على المناورة والابداع الاستراتيجي والتكتيكى كى تعوض كل من المناورة والابداع نقص الإمكانات المادية، فما رأيكم هل هذه رؤية صحيحة؟؟

إقرأ الحلقة الأولى من هذا الموضوع هنا..